استمع إلى الملخص
- تزايدت هجرة الأطباء السوريين بشكل ملحوظ، حيث غادر 261 طبيباً دمشق منذ بداية العام، والحكومة لم تقدم حوافز كافية للحفاظ عليهم، مما يدفع الأطباء الشباب للتخطيط للهجرة إلى ألمانيا.
- يعاني المواطنون من صعوبة في الحصول على الرعاية الصحية اللازمة بسبب نقص الأطباء، مما يؤثر على المرضى ويزيد من تفاقم الأزمة الصحية في ظل الوضع الاقتصادي والأمني المتردي.
معاناة المجتمع السوري مع فقد كوادره الطبية ما زالت مستمرة وتتضاعف يوماً بعد يوم، بينما يعاني القطاع الصحي العام نقصاً كبيراً في عدد من الاختصاصات، ويلجأ النظام السوري إلى تعويض ذلك العجز بإشراك طلاب الاختصاص والممرضين ذوي الخبرة في المعاينة والتشخيص والأعمال الجراحية. حيث تظهر التقارير الواردة من المحافظات السورية عجزاً في الكوادر الطبية يطاول معظم المشافي العامة في سورية، ما أدى إلى إغلاق بعض الأقسام في العديد من المشافي العامة.
ويؤكد رئيس فرع نقابة الأطباء في دمشق الدكتور عماد سعادة، وجود نقص كبير في الاختصاصات الطبية، خاصة تخصصات التخدير والصدرية والنفسية والعصبية والعناية المشددة والعناية المشددة للأطفال والتوليد. موضحاً أن أعداد المتقدمين للحصول على وثائق سفر منذ بداية العام الحالي قد بلغت في فرع دمشق وحده 465 طبيباً، وقد غادر منهم حتى الآن 261 طبيباً.
في المقابل، لم تقدم الحكومة السورية أي خدمات أو ميزات تساهم في الحفاظ على الكادر الطبي، بل ما زالت تدرس إمكانية زيادة الراتب التقاعدي للطبيب ليصل إلى 300 ألف ليرة سورية، وهو ما يراه عامة الأطباء غاية في الاستهتار بالمستقبل التقاعدي للطبيب وتشجيعاً كبيراً للهجرة والسفر، وهو ما بيّنه رئيس نقابة الأطباء في سورية الدكتور غسان فندي، في تصريح لموقع "غلوبال" المقرب من النظام، مما أثار عدداً من الآراء والتعليقات الساخطة وسط الكوادر الطبية.
يخشى المواطنون بالدرجة الأولى من استمرار نزيف الأطباء، كون الأمر يعود بالكثير من المصاعب عليهم
تقول الدكتورة هناء السعيد لـ"العربي الجديد" إن مجرد قراءة تصريح رئيس النقابة بدراسة الزيادة على الراتب التقاعدي هو بحد ذاته تشجيع على الهجرة إلى أي مكان في العالم، خاصة أولئك الذين قضوا شبابهم خلف الكتب الدراسية. مبدية سخريتها من البدل الذي يتقاضاه الطبيب المقيم خلال سنوات الاختصاص في المشافي العامة، والذي لا يتجاوز 150 ألف ليرة شهرياً، "ما يعادل ثمن 15 ساندويتش فلافل دون علبة لبن"، كما قالت. مضيفة أن أعداد الأطباء المهاجرين حديثاً أو الذين ينتظرون الموافقة من دولة ألمانيا تجاوزت آلاف الأطباء في جميع المحافظات، وبات كل طالب وطالبة في الجامعات الطبية السورية يتابع دورات في اللغة الألمانية ويراسل الجامعات الألمانية قبل تخرجه بأعوام.
ويخشى المواطنون بالدرجة الأولى من استمرار نزيف الأطباء، كون الأمر يعود بالكثير من المصاعب عليهم، خاصة في حالة حاجة بعض المرضى إلى أطباء اختصاصيين. وفي هذا الخصوص، تقول سناء الزعيم الخمسينية المقيمة في مدينة حمص إنها تجد صعوبة في الوقت الحالي في العثور على طبيب عظام، وقالت لـ"العربي الجديد": "كان هناك طبيب لكنه سافر قبل نحو عامين خارج سورية. الخريجون ليس لديهم خبرة ولا أثق بهم تماماً كما كنت أثق بذلك الطبيب". مضيفة: "كثيراً ما نذهب للمشفى الوطني في حمص دون أن نجد أطباء، هذه الحالة أصبحت حالة عامة".
وفي العام الماضي، بلغ عدد العاملين في المشفى الوطني في حمص 173 شخصاً، وفق ما كشف مدير الهيئة العامة للمستشفى الوطني بحمص، الدكتور إيلي عازار، لصحيفة "الوطن" المقربة من النظام، مشيراً إلى أن المستشفى يعاني نقصاً في الكوادر الطبية والتمريضية.
بدوره، قال الممرض المنحدر من ريف حمص الشرقي، فاضل خلف، لـ"العربي الجديد": "معظم الأصدقاء ممن أعرفهم هم خارج سورية في الوقت الحالي، لم تسمح لي الظروف بالمغادرة، كون والديَّ كبيرين في السن. لا يُلام من غادر، سواء نتيجة الضغوطات الأمنية أو نتيجة الضغوطات المعيشية. اليوم الدخل بصعوبة يكفينا للمعيشة، مع بعض المساعدة من الأقارب". مضيفاً: "في الوقت الحالي أعمل في ريف دمشق، وأتعاقد مع أكثر من مشفى لتأمين المعيشة، ليس هناك أي محفزات للبقاء في سورية، وكافة الوعود بتحسين الواقع غير حقيقية".