من الغريب شعور بعض أطباء علم النفس بالانزعاج من مرضاهم أو من أشخاص يلتقون بهم خارج إطار العمل. لكن ذلك يحصل فعلاً، حسب تقرير نشره موقع "سايكولوجي توداي"، وأظهر أيضاً أن بعضهم يخشون حتى من إخبار الناس بأنهم يمارسون هذه المهنة، بسبب خشيتهم من مواجهة أفكار نمطية عنهم، وشكوك في ما يفعلونه.
ويعزو محللون وبعض أطباء علم النفس هذه الصور النمطية إلى ما يراه الناس في وسائل الإعلام التي تصوّر متخصصي الصحة العقلية بأنهم أصحاب أطوار غريبة أو غير متزنين، أو أحياناً غير أخلاقيين وخبيثين.
ويترجم ذلك، استناداً إلى تجارب شخصية، في أقوال "مزعجة"، أولها التوجه إلى أطباء علم النفس خلال محادثة عادية بسؤال: "هل تحللني الآن؟"، ما يخرج المحادثة عن نمطها الطبيعي.
وليس خافياً أن العلاج النفسي يتطلب الكثير من الجهد والتركيز، فمن المرهق الاستماع بعمق ودون إصدار أحكام إلى مشاكل شخص آخر، أو محاولة تصور ما وراء الصعوبات بطريقة منهجية ومفيدة. وقد يتجاهل بعض الناس أن أطباء علم النفس لديهم وجهات نظر متعددة، وكذلك إمكان معاناتهم من الإرهاق.
وكشفت دراسة أجرتها جمعية علم النفس الأميركية، من أجل فهم وجهة نظر عامة الناس في علم النفس، أن معظمهم استخدموا كلمات مرتبطة غالباً بالمرض والعلاج في وصف مجال علم النفس، باعتبارها الافتراضات الأكثر تداولاً بينهم. لكن علم النفس هو أيضاً نظام موسع قائم على العلم، ويتضمن دراسة العقل والدماغ والسلوك إلى جانب تطوّر العمر، والعلاقات، وأنماط القيادة، والتعلم، والذاكرة، والإدراك، وعلم الأعصاب، وغيرها.
وتساعد استنتاجات علماء النفس في تصميم بيئات عمل فعالة، وحملات إعلانية مربحة، وأيضاً رسوم للهواتف الذكية ومقصورات للطائرات، ما يعني أن الناس يتجاهلون غالباً أو يفوتهم أن علماء النفس يعملون في مجالات واسعة، وينفذون مثل ممتهني معظم الاختصاصات أشياء مختلفة، ولديهم وجهات نظر متعددة، ويسلكون مسارات وظيفية متنوعة.
وقد يستاء أطباء علم النفس كثيراً من إصرار بعض الناس على أن مهنتهم مماثلة لـ "استئجار صديق" لتجاوز محنة أو ظرف ما في الحياة، وأن "لا طريقة لإثبات أن علم النفس هو علم حقيقي".
ويؤكد هؤلاء أن علاجاتهم "لا تتعلق فقط بالودية، بل تستخدم تقنيات مبنية على بحوث علمية، مثل تشكيل فرضيات، وابتكار تجارب وتحليل نتائج بعناية". ويشرحون أن العلاج النفسي يُدرّس بطريقة الدواء ذاتها، عبر تنفيذ تجارب عشوائية ذات شهود. لكنهم يستدركون أنه علم "بعيد عن الكمال، إذ يكون أحياناً أداء الدراسات سيئاً، ولا تتكرر فيها نتائج سابقة معروفة".