أطفال مصابون بضمور العضلات بلا دواء في المغرب

06 مايو 2023
يتوفى أطفال بمرض الضمور العضلي الشوكي أسبوعياً في المغرب (فرانس برس)
+ الخط -

تنتظر والدة الطفل ريان الذي يبلغ عمره 18 شهراً أن يُسفر الالتماس الذي رفعته أخيراً جمعية "مرضى الضمور العضلي الشوكي" إلى العاهل المغربي، عن ضغوط تدفع وزارة الصحة إلى توفير الأدوية كي يتمكن ابنها، ومئات من الرضع والأطفال من العلاج.
تقول الأم المغربية لـ"العربي الجديد": "بعدما عجزت عن جمع تبرعات تكفي لاقتناء دواء خاص بالمرض يعتبر الأغلى ثمناً في العالم، تبقى حياة ابني معلقة على استجابة السلطات لطلب الجمعية، وأتمنى أن تأتي البشرى في الأيام المقبلة لإنهاء معاناتي المستمرة بسبب غياب العلاجات الخاصة بهذا المرض في المغرب، وارتفاع ثمن الأدوية، في وقت نتكبد مشقات بذل الكثير من الجهود وإنفاق مبالغ كبيرة من أجل توفير المتابعة الطبية المستمرة لطفلنا في تخصصات عدة".
تضيف: "بدأ الإحباط واليأس يتسربان إلى نفسي مع اقتراب بلوغ ابني عامه الثاني من دون أن يتلقى العلاج، وأمنيتي الوحيدة في الحياة أن أراه يمشي على رجليه، ويعيش حياة طبيعية. أعتقد بأن حياة أطفالنا تستحق إنفاق ملايين الدراهم من أجل إنقاذها، وعدم تركهم لقدرهم بلا دواء، وبلا التحرك لتوفيره".

بيئة
التحديثات الحية

ويعتبر مرض "ضمور العضلات الشوكي" من الأمراض النادرة التي تصيب الخلايا العصبية في الدماغ والحبل الشوكي لدى الرضع والأطفال، ما يتسبب في ضعف العضلات ويؤثر في جزء أساسي من وظائفها، وفي مقدمها القدرة على المشي والحركة. ويصنّف المرض الذي يُصيب طفلاً واحداً بين 8 آلاف مولود، بأنه السبب الجيني الأول لموت الأطفال، إذ يموت غالبية المصابين به قبل أن يبلغوا السنتين، أما من ينجون فيعيشون على كراسي متحركة، ويعتمدون على أجهزة التنفس للبقاء على قيد الحياة.
ويوضح رئيس جمعية "مرضى الضمور العضلي الشوكي"، هشام بازي، لـ"العربي الجديد"، أن "عدم توفير العلاجات يهدد أرواح العديد من المرضى، كما أن الإعاقات التي يخلفها المرض ستتسبب في مشاكل قد تكلّف الدولة على المدى البعيد خسائر أكبر من نفقات العلاج. أنتجت 3 أدوية فعّالة لعلاج المرض في عام 2016، لكن ارتفاع أسعارها يمنع توفرها. استطاعت بلدان عدة، منها مصر وليبيا وتركيا وأوكرانيا، تجاوز عقبة الأسعار المرتفعة من خلال التفاوض مع شركات الأدوية، لكن وزارة الصحة المغربية ما زالت مكتوفة الأيدي، وتترك المرضى عرضة للموت والإعاقة".

 أعلنت وزارة الصحة المغربية عدم قدرتها على توفير أدوية مرض ضمور العضلي الشوكي (فاضل سنّا/ فرانس برس)
أعلنت وزارة الصحة المغربية عدم قدرتها على توفير الأدوية (فاضل سنّا/ فرانس برس)

يحتاج المصابون إلى حقن من دواء "ZOLGENSMA"  الذي يصل ثمنه إلى مليونين ومائة ألف دولار، ويدعو بازي وزارة الصحة إلى "الانخراط جدّياً في مفاوضات مع شركات الأدوية العالمية من أجل تخفيض ثمن هذا الدواء، وإلزام صناديق التغطية الصحية القيام بواجبها القانوني تجاه الأسر التي تتحمل عناء مواجهة المرض، وجعل نفقات العلاج التي تتحملها بالحد الذي يتلاءم مع ميزانياتها".
وقال وزير الصحة خالد آيت الطالب خلال جلسة سابقة لمجلس النواب، إن السلطات غير قادرة على توفير أدوية مرض الضمور العضلي الشوكي بسبب ثمنها الباهظ، ورد على سؤال حول أسباب عدم منح المختبرات الخاصة ترخيصاً لإدخاله، بمناقشة احتمال السماح باستيراد أدوية أقل ثمناً تمهيداً لبيعها في السوق المغربية.
ويقول بازي: "المرضى كانوا يأملون أن تطلعهم وزارة الصحة على خططها الموضوعة لحل مشاكل مرضى ضمور العضلات، والأمراض النادرة عموماً، وتفسير أسباب تأخر منح تراخيص إدخال أدوية تلك الأمراض، وليس إعادة التذكير بأن ثمنها مرتفع. من الخطأ حصر المشكلة بالمال، فعندما نساوم على حياة الأطفال بالمال فإننا نمس بحقهم في الحياة الذي يجب أن يسمو على جميع الاعتبارات، كما لا يمكن بأي حال تأجيل مناقشة هذا الموضوع، خصوصاً أن وفيات تسجل أسبوعياً، ولا يعقل أن تكتفي وزارة الصحة بمواصلة تكرار أنها تفكر في وضع استراتيجيات لإنقاذ هؤلاء المرضى".
وإلى جانب المحن المرتبطة بفقدان العلاج في المغرب، يواجه المرضى وأهلهم مشاكل عدم توفر خدمات صحية تلائم مرضى الضمور العضلي الشوكي، والذين يحتاجون إلى متابعة مستمرة من أطباء في اختصاصات عدة مثل الأعصاب والجهاز التنفسي والعظام والتقويم والتغذية. 

ويلفت بازي إلى أن "بعض المرضى يواجهون مشاكل الإقامة بعيداً عن المستشفيات الجامعية التي تضم كل هذه التخصصات، كما يعانون من ارتفاع تكلفة الأجهزة الطبية وشبه الطبية التي يعتمدون عليها، مثل أجهزة التنفس، والكراسي المتحركة الكهربائية، وأجهزة تقويم العظام، علماً أن صناديق التغطية الصحية لا تتحمل إلا قدراً محدوداً من تكاليف هذه الأجهزة".

المساهمون