أفغانستان: طالبان تتشدّد في فرض الأمن

17 يونيو 2024
تساهم العناصر الأمنية في الحد من الجرائم (فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- أفغانستان شهدت استقرارًا أمنيًا ملحوظًا تحت حكم طالبان بعد سقوط حكومة أشرف غني في 2021، مع انخفاض في جرائم السرقة والاختطاف.
- توحيد السلطة والتعامل الحازم مع الفساد وتطبيق القانون بشكل صارم من قبل طالبان أدى إلى تحقيق الأمن وإنهاء الفوضى السياسية.
- تطبيق عقوبات علنية وصارمة على المخالفين ساهم في ردع الجريمة، لكن هناك تحفظات بشأن تأثير هذه العقوبات، خصوصًا على النساء وتأثيرها على المجتمع.

على مدى العقود الأربعة الماضية، شهدت أفغانستان أزمات مختلفة، كان من أبرزها الأزمة الأمنية واندلاع الحرب. ومع انهيار حكومة الرئيس أشرف غني في عام 2021، والتي كان يساندها المجتمع الدولي، كان الجميع ينتظرون تدهور الوضع الأمني أكثر، لكن بخلاف ذلك، استطاعت حركة طالبان تحقيق الأمن في البلاد. ويروي الكثير من الأفغان أن البلاد حالياً أكثر أمناً من أي وقت. ويرى الأفغان الذين عاشوا في باكستان وإيران وعادوا إلى بلادهم بعد سيطرة الحركة عليها، أن أفغانستان أكثر أمناً من البلدين، حتى أعمال السرقة والاختطاف التي كانت سائدة في أفغانستان قبل طالبان لم تعد موجودة بتلك الوتيرة. وأحياناً، تمضي أسابيع وأشهر من دون حوادث سرقة وخطف كما في السابق.

وفي رأي الأفغان، ثمة أسباب كثيرة وراء تمكن حركة طالبان من استتباب الأمن في جميع ربوع أفغانستان من أقصاها إلى أقصاها. ويقول الزعيم القبلي عبد الرشيد سباوون، لـ "العربي الجديد": "لا شك أنه مع سيطرة طالبان، أصبحت البلاد في يد واحدة. أما في السابق، ورغم الوجود الأميركي والدولي، كانت الحكومة المركزية عاجزة عن فعل شيء. وفي الكثير من المناطق،  كان أمراء الحرب المسيطرون مدعومين من القوات الدولية والأميركية. على سبيل المثال، كان الجنرال الأزبكي عبد الرشيد دوستم يسيطر على خمس ولايات في الشمال. ولما غير غني حاكم إحدى تلك الولايات حدثت ضجة كبيرة. كل الولاية لبست الأكفان وخرج الناس إلى الشوارع، فيما بدأ عبد الرشيد دوستم وهو النائب الأول للرئيس الأفغاني يهدد الحكومة، حتى تراجع الرئيس عن قراره، لكن بعد انهيار الحكومة، بات زعيم طالبان يغير بمرسوم واحد الوزراء والحكام والمسؤولين ولا أحد يستطيع رفع صوته".

ويذكر سباوون أنه مؤخراً، أقال زعيم طالبان بمرسوم وزير الصحة قلندر عباده من منصبه، وعيّن مكانه مولوي نور جلال وزيراً للصحة. واجتمع الوزيران في حفل التنصيب. وشكر الوزيران زعيم طالبان من دون أية انتقادات. ويوضح أن "من أسباب نجاح طالبان في استتباب الأمن عدم وجود الفساد. نعم، قد يكون موجوداً في المستويات الأدنى، لكن ليس على مستوى كبار المسؤولين. وطالبان تتعامل مع القضية بحزم وبشدة. وإذا كانت طالبان تطبق القانون على رجالها وعناصرها، فستطبقه على الآخرين". ويرى كثيرون أن من أهم الأسباب تمكن طالبان من تطبيق الأمن هو تنفيذ العقوبات مع الجناة، كما أنها تنفذ العقوبات على كل من أدين في الجنايات، على الملأ. وترى شريحة من المواطنين أن تنفيذ تلك العقوبات لها تأثير كبير على استتباب الأمن في البلاد.

يقول محمد رسول، الناشط الأفغاني في ولاية سربل حيث طبقت الحكومة المحلية في الرابع من الشهر الجاري عقوبات تعزيرية على 63 شخصاً بينهم 15 امرأة، لـ "العربي الجديد": "لا شك أن لتطبيق العقوبات آثاراً كبيرة على نفسية المواطنين، بعضها سلبية وأخرى إيجابية، لكن الإيجابية أكبر. فعندما رأينا شخصاً يعاقب في ملعب كبير بسبب السرقة وقطع الطرقات أو أعمال غير أخلاقية، ردعنا هذا كثيراً. وقبل أن يقدم أي شخص على مثل هذا العمل يفكر ألف مرة، لأنه يخاف من عقوبة مثيلة. رأينا الكثير من الناس وقد حضروا مراسم تطبيق العقوبات في الرابع من الشهر الجاري. بداية كانوا متأثرين وكان لهم تحفظات. لكن في نهاية المطاف، كانوا يؤكدون أن تلك خطوة جيدة من أجل استتباب الأمن والاستقرار في البلاد".

ويوضح رسول: "رأينا في الماضي أنه لم يكن من الممكن الوصول إلى السارق لأن العصابات كانت مدعومة من أمراء الحرب وكان لهم نفوذ في الحكومة، وإذا اعتُقِلوا، فلا يمكن معاقبتهم ما جعل الجرائم تتفشى بسرعة ولم يكن هناك أي رادع". لكن طالباً جامعياً وهو من سكان سربل أيضاً محمد رحيم رحيمي، يقول لـ "العربي الجديد" إن "تطبيق العقوبات أمر مستحسن، لكن لدي تحفظات على تطبيقه أمام الناس، خصوصاً إذا كان من بين من يطبق عليهم القانون نساء. هذا أمر يمكن إعادة النظر فيه لأن له تأثيرات على المجتمع. النساء اللواتي يعاقبن بأي عقوبة لا مستقبل لهن في المجتمع الأفغاني بعد ذلك".

المساهمون