أفغانستان: كثرة الإنجاب أحد أسباب سوء تغذية الأطفال

24 سبتمبر 2024
لا يتوفر الغذاء المناسب لأطفال أفغانستان (وكيل كوهسار/فرانس برس)
+ الخط -

تتعدد أشكال المعاناة في حياة أطفال أفغانستان. قد يتوجه بعضهم إلى الأسواق لكسب لقمة العيش، وهم في مقتبل العمر، وقد يصاب آخرون بأمراض مختلفة بسبب ضعف المناعة، أو سوء التغذية، أو يتعرضون لأنواع من العنف والضرب.
وما يثير العجب ويضاعف المعاناة أن الأفغان ينجبون أولاداً كثيرين من دون أن يفكروا في التبعات، وما ستؤول إليه الأمور، وأيضاً من دون تخطيط لحال أطفالهم ومستقبلهم. وهذه عادة قبلية ورثها الأفغان جيلاً بعد جيل.  
وبينما يرى كثير من الأفغان أن تحديد النسل خاصة إذا ارتبط بأمور الرزق والحياة أمر غير شرعي، يرى آخرون خاصة جيل الشباب أن تحديد النسل أمر لا بدّ منه من أجل التربية والتعليم وتوفير الرزق والدواء والاحتياجات المناسبة.
يقول الناشط قدرت الله سمير لـ"العربي الجديد": "المشكلة الأساسية بالنسبة إلى الأفغان أنهم ينجبون كثيراً خاصة أولئك الذين يعيشون في القرى والأرياف. وثمّة عادة رائجة في شأن التفاخر بكثرة عدد الأطفال خاصة الذكور، باعتبار أن السائد في المجتمع الحاجة إلى رجال لأداء أعمال الزراعة في الجبال ومواجهة عداءات قبلية وغيرها. لكن ذلك لا يعني أن الأمر يقتصر على القرى والأرياف، فإنجاب الأطفال بكثرة موجود في المدن أيضاً، حيث يصبح كثير من الشبان آباء، وهم صغار وفي مقتبل العمر، ما يزيد احتمال أن يعرّضوا حياة أطفالهم لخطر".
يتابع: "بسبب عدم وجود الوعي والوضع المعيشي الهشّ يدفع الأطفال الثمن، ويصابون بأنواع مختلفة من الأمراض، خاصة تلك الناتجة من ضعف المناعة، ويخسر مئات منهم حياتهم سنوياً".
ويقول عبد الجبار خان، وهو من سكان مدينة جلال أباد ولديه ستة أولاد بينما لم يتجاوز عمره الـ38 لـ"العربي الجديد": "تزوجت حين كنت صغيراً جداً، وأجبرتني أمي أن أنجب بسرعة لأنه لم يكن لدي إخوة، وكان الطفل الأول بنتاً، والثاني أيضاً فأصرّ والداي على إنجاب طفل ثالث كي يكون لدي ولد، ورُزقت بأربع بنات ثم بابن. وبعدها طلبت مني زوجتي وقف إنجاب الأولاد لفترة، لكن أمي أصرّت على أنجاب طفل سادس كان ولداً أيضاً، وهي لا تزال تصرّ على أن ننجب آخرين لكن المشكلة تتمثل في أنني لا أستطيع أن أوفر الغذاء المناسب للأطفال. والآن تعاني ابنتي الكبيرة من مشكلة وجود حصى في الكلية تحتاج إلى عملية. وكل أطفالي يعانون من فقر الدم، أما زوجتي فصحتها ضعيفة جداً، ولم تبقَ سن واحدة في فمها كي تأكل عليها، علماً أنها في الثلاثين من العمر، وأمي تستمر في طلب إنجاب أطفال في حين لا تستطيع أن تساعد زوجتي لأن عمرها تجاوز الـ70، وهي نفسها مثل الطفل على صعيد الحاجة إلى الخدمة والغذاء".

يخسر مئات الأطفال الأفغان حياتهم بسبب سوء التغذية (سوسنة والدن/ فرانس برس)
يخسر مئات الأطفال الأفغان حياتهم بسبب سوء التغذية (سوسنة والدن/فرانس برس)

يضيف: "تقول زوجتي دائماً لي إنه لو أنجبنا طفلين أو ثلاثة لاستطعنا أن نقدم لهم خدمات جيدة تجعل صحتهم جيدة. الآن أولادنا كثر ونحتاج أحياناً أن نعطيهم مجرد خبز مع ماء للأكل، لأننا لا نستطيع أن نوفر لهم الطعام، وهم بالتالي يمرضون بشكل متواصل، بينما يوصينا الأطباء أن نطعمهم جيداً".
وفي مارس/ آذار الماضي، قالت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) إن "الجوع وسوء التغذية بين الأطفال في أفغانستان يزدادان ما يثير القلق، وهناك أمهات فقيرات ومحرومات يشاهدن أطفالهن يموتون جوعاً، ومن المرجح معاناة نحو مليون طفل في أفغانستان من سوء تغذية يتسبب في أمراض مختلفة".
وأعلنت المنظمة حينها أنها وزعت أغذية مناسبة على 700 ألف طفل، وأنها تواصل جهودها في هذا المجال لكنها تحتاج إلى دعم من المجتمع الدولي.

من جهته، يقول المتخصص في أمراض الأطفال الدكتور عزت الله حامد لـ"العربي الجديد": "سوء التغذية لدى الأطفال من أهم الأمراض، وينتج من عدم توفير الفيتامينات والبروتين والأغذية التي يحتاجون إليها، ما يُضعف مناعتهم فتهاجمهم أمراض مختلفة لا يستطيعون مقاومتها وينهزمون أمامها".
يضيف: "معظم الأطفال الذين أعالجهم لديهم أمراض مختلفة معظمهما ناتجة من ضعف المناعة الناجمة من سوء التغذية. أما الوضع في بلدنا فكارثي إذ لا يصل الطعام في شكل كافٍ للأطفال، وهم جزء من المجتمع الذي يعاني من أشد أنواع الفقر. وبالنسبة إلى الأطفال الرضع لا يمكن توفير طعام جيد للأمهات اللواتي يعجزن عن إرضاع الطفل. وإذا استمر هذا الوضع ستكون شريحة الأطفال الأكثر تضرراً مما تواجهه أفغانستان".

المساهمون