استمع إلى الملخص
- **جهود طالبان في مكافحة الإدمان:** منذ أغسطس 2021، زادت طالبان مراكز العلاج والإيواء وتعليم المهارات المهنية للمتعافين، لكن لم تُطلق مبادرات خاصة بالنساء.
- **تحديات خاصة بالنساء المدمنات:** تعاني النساء من الفقر والعنف الأسري، مما يدفعهن للإدمان، وتؤكد الناشطة نركس محب على ضرورة معالجة الأسباب الجذرية لضمان حلول مستدامة.
تظهر أرقام حكومية وأممية أن نسبة كبيرة من مدمني المخدرات في أفغانستان هم من النساء، ورغم جهود رسمية متزايدة لعلاج المدمنين إلا أنها لا تعالج المدمنات بطرق مستدامة.
يعد إدمان المخدرات أحد أبرز المشكلات التي يعانيها المجتمع الأفغاني، وقد تفاقمت خلال العقدين الماضيين رغم إنفاق مؤسسات إنسانية دولية أموالاً باهظة على التصدي لتفشي الإدمان، وارتفعت أعداد المدمنين إلى ثلاثة ملايين أفغاني، بحسب إحصائية للحكومة السابقة، 35% منهم من النساء، بينما تؤكد حكومة طالبان أن أعداد المدمنين تقترب من خمسة ملايين شخص، من بينهم نساء وأطفال.
وأولت حركة طالبان منذ سيطرتها على الحكم في أغسطس/آب 2021، اهتماماً بالغاً بالقضاء على ظاهرة الإدمان، وأحرزت نجاحات في هذا الصدد، إذ تم جمع آلاف المدمنين ومعالجتهم، وزادت أعداد مراكز العلاج، مع مداهمة أماكن كان يتجمع فيها المدمنون، وتأسيس مراكز إيواء لمن تم علاجهم، وتعليمهم مهناً مختلفة كي لا يعودوا إلى المخدرات.
وقالت وزارة الصحة الأفغانية، في بيان، في 25 يوليو/تموز الماضي، إن "61 مركزاً صحياً في مختلف مناطق البلاد تشتغل في معالجة مدمني المخدرات، وعالجت نحو 55 ألف مدمن، وتواصل العمل ليل نهار من أجل علاج آخرين". مؤكدة أنه "من بين المدمنين الذين تلقوا العلاج رجال ونساء وأطفال".
لم تكتف طالبان بجمع المدمنين ومعالجتهم، بل فتحت مراكز لتدريبهم على بعض المهن، تخرج منها مئات من المدمنين السابقين، من بينها مركز "أغوش"، وهو أكبر مراكز التأهيل في العاصمة الأفغانية كابول، ويتعلم فيه المتعافون من الإدمان الخياطة، وصنع الحقائب، وإصلاح الأدوات المنزلية والإلكترونية، لكن الحكومة لم تخطط حتى الآن حول تدشين مبادرة مماثلة خاصة بالنساء، رغم أنهن في أمس الحاجة إلى ذلك.
وتؤكد الناشطة الأفغانية نركس محب لـ"العربي الجديد"، أن أعداداً كبيرة من النساء الأفغانيات مدمنات على المخدرات، وبعضهن مدمنات على الهيروين، وهناك مدمنات على الحشيش وأنواع أخرى، وهن يعشن أوضاعاً كارثية مدمرة مقارنة بالمدمنين من الرجال، وذلك لأسباب عديدة، أولها أن تكوينهن الجسدي لا يحتمل كثيراً، كما أن الوصول إلى العلاج ليس في وسع غالبية النساء، ما يجعلهن في حاجة إلى مزيد من الاهتمام، والتركيز على معالجتهن بطرق سليمة ومستدامة.
وتوضح الناشطة الأفغانية: "أصبحت بعض الأفغانيات مدمنات للمخدرات لأسباب كثيرة، أهمها انتشار الفقر، والعنف الأسري المتفشي في المجتمع، إذ تتعرض كثيرات للضرب من طرف الزوج أو أحد أفراد الأسرة، ما يجعل البعض يلجأن إلى المخدرات، ومن ثم ينبغي أولاً معالجة الأسباب، وإلا فإن المرأة لو تلقت العلاج من الإدمان قد تعود إلى المخدرات حين تعود إلى البيئة الأسرية الفقيرة والعنيفة ذاتها".
وحول عدد مدمنات المخدرات المتداول، لا تثق نركس محب بالأرقام التي تعلنها الجهات الرسمية، وتقول إن شكوكها مرتبطة بالآلية التي تتبعها الجهات الحكومية في عملية جمع الأرقام، مضيفة: "إذا كانت تلك الجهات تعتبر كل من يتداول الحشيش أو الأفيون أو الهيروين مدمناً على المخدرات، فالأعداد الحالية صحيحة، وقد تزيد عن المعلن، إذ إن كثيراً من النساء في القرى والأرياف يتداولن الحشيش والأفيون، ليس من أجل المتعة، بل علاجاً لبعض الأمراض، أو من أجل الشعور بالراحة بعد عمل شاق متواصل. بعض النساء يأخذن كمية قليلة من الأفيون مسكّناً، وهناك نساء يعانين عدم النوم العميق، فيلجأن إلى الأفيون كي ينمن براحة".
وتوضح الناشطة الأفغانية أن "الأهم ليس معالجة النساء من إدمان المخدرات فحسب، وهو أمر مهم، بل ينبغي العمل على حلول مستدامة للمشكلات التي تدفع النساء إلى الإدمان، وعلى رأسها الفقر والعنف الأسري".
من جهتها، قالت بعثة الأمم المتحدة في أفغانستان، في تقريرها السنوي، إن حكومة طالبان تمكنت من القضاء على زراعة الأفيون والخشخاش التي تنتج المخدرات، وهي خطوة مرحب بها، لكن المعضلة الأساسية أن البلاد لا تزال تعاني وجود مدمنين يصل عددهم إلى نحو مليوني شخص، وأن 35% منهم نساء.
وأضافت البعثة الأممية أنها تسعى إلى أن تكون البلاد خالية من المدمنين، وتتعاون مع الحكومة الأفغانية في هذا الصدد، موضحة أن "60% من سكان أفغانستان دون الخامسة والثلاثين هم الشريحة الأكثر تضرراً. نبذل قصارى جهدنا في سبيل معالجة مدمني المخدرات، ونقوم بكل الأنشطة من خلال التنسيق مع الحكومة والمؤسسات المعنية، ووجود أعداد كبيرة من النساء ضمن مدمني المخدرات أمر مقلق للغاية".