"أصبحت أعمال السرقة والخطف جزءاً لا يتجزأ من حياة سكان العاصمة الأفغانية، كابول. لا يمكننا الخروج بعد صلاة المغرب، حتى في أقسى الظروف، خوفاً من العصابات الإجرامية التي بات رجال الشرطة جزءاً أساسياً منها". هذا ما يقوله الأكاديمي والأستاذ الجامعي شكر الله مخلص لـ "العربي الجديد"، مشككاً في ادعاءات الحكومة المتكررة سابقاً حول ضبط العديد من هذه العصابات. ويُطالب الحكومة باتخاذ خطوات جادة كما فعلت مؤخراً، مرحباً ببعض خطوات الحكومة الأخيرة، لافتاً إلى تحسّن الوضع نسبياً بعدما تدخل النائب الأول للرئيس الأفغاني أمرالله صالح، وتحمّله مسؤولية أمن العاصمة. إلا أن حجم القضية أكبر والاهتمام بها ضروري للغاية، لأن سكان كابول يشعرون بالانزعاج، ولا سبيل أمامهم إلا الخروج إلى الشارع والتظاهر في حال استمر الوضع على ما هو عليه. وفرضت الحكومة الأفغانية إجراءات جديدة في العاصمة، منها نشر صور المطلوبين أمنياً، والمشتبه بضلوعهم في أعمال السرقة والخطف، ويفوق عددهم المائة شخص، علاوة على تكثيف عمل رجال الأمن في شوارع العاصمة. وجاء ذلك بعدما حمّل الرئيس الأفغاني أشرف غني نائبه الأول، أمر الله صالح وهو رئيس الاستخبارات السابق، مسؤولية أمن العاصمة، الأمر الذي أثار ضجة على الساحة الأفغانية. في المقابل، تساءل كثيرون عن سبب بقاء وزير الداخلية مسعود أندرابي في منصبه إذا لم يكن قادراً على حماية العاصمة.
في هذا الإطار، يقول المحلل الأمني زبير أحمد عصمت، لـ "العربي الجديد": "الأمر مؤسف للغاية، ويدل على عجز وزارة الداخلية عن حماية العاصمة، وعجز الرئيس عن إقالة وزير الداخلية، باعتبار أن الوزارة محسوبة على رئيس المجلس الأعلى للمصالحة عبد الله عبد الله، منافس الرئيس في الانتخابات. والجدل الذي نجم عن نتائج الانتخابات تمثل في توزيع المناصب السيادية بين غني وعبدالله.
وبعيداً عن هذا الجدل والتساؤلات بشأن أداء أندرابي والأجهزة المعنية بحماية العاصمة، يأمل سكان كابول بأن يحل الأمن وبالتالي الحد من أعمال السرقة والخطف التي باتت جزءاً من يومياتهم. في هذا الإطار، يقول زيار الله خان، أحد سكان منطقة تشهاراهي شهيد، التي تشهد أعمال سرقة يومية، لـ "العربي الجديد": "لا يهمنا من يتحمل مسؤولية الأمن ويراقب الوضع الأمني في كابول. نريد فقط العيش في أمان واستقرار ونخرج من المنزل من دون خوف على هواتفنا ومالنا". كما يتحدث عن القلق الناجم عن جرائم الخطف التي تطاول الأطفال ورجال الأعمال والمواطنين بشكل عام. ففي معظم الأحيان، تعمد العصابات إلى قتل الرهينة في حال عدم دفع المال.
ويروي خان قصة قريب له يعيش على مقربة من منزله. ويقول إنه كان عائداً من عمله في إحدى الشركات الخاصة حاملاً راتبه الشهري، فأوقفه سارق على مقربة من منزله ليسرق ماله وهاتفه تحت التهديد بالسلاح. وحين حاول المقاومة، طُعن في فخذه وضرب على رأسه، محملاً رجال الأمن المسؤولية، إذ يؤكد أن الكثير من رجال الأمن ضالعون في هذه الأعمال.
في المقابل، ينفي الناطق باسم وزارة الداخلية طارق آرين، في حديث لـ "العربي الجديد"، تهمة ضلوع رجال الأمن في أعمال السرقة، قائلاً إنه في حال ثبت تورط أي منهم، سيعاقب بحسب القوانين. ويشير إلى الوضع كان متدهوراً جداً. لكن في الأيام الأخيرة، ونتيجة الإجراءات التي اتخذتها الحكومة، يمكن القول إن الوضع تحسن إلى درجة كبيرة. سابقاً، كانت البلاد تسجل ما بين 60 إلى 80 جريمة سرقة يومياً. لكن بعد تطبيق الإجراءات الأخيرة، تقلص عدد الجرائم إلى أقل من عشرة، لافتاً إلى أن الإجراءات ما زالت مستمرة. ويشير آرين إلى أن وضع صور المطلوبين أمنياً ساهم في اعتقال بعضهم، مؤكداً أن الخطوة كانت مجدية جداً على الرغم من انتقاد مواطنين ومراقبين. إلى ذلك، أبدت حركة "طالبان" اهتمامها بما يحدث، ووزعت منشورات في عدد من مناطق العاصمة كابول، وتوعدت اللصوص والعصابات الإجرامية بمعاقبة كل ضالع في أعمال السرقة والخطف. ويقول خان إنه كان لتدخل طالبان أثر إيجابي.