استمع إلى الملخص
- **تفاقم الوضع بسبب الظروف المعيشية**: العدوى تزداد في مناطق الخيام بسبب الظروف غير الصحية وقلة النظافة. الأطفال يعانون من أعراض جلدية مؤلمة، والأدوية المتوفرة غالباً غير فعالة.
- **جهود الأطباء والتحديات**: الأطباء يعملون بجد لعلاج الحالات المتزايدة، لكنهم يواجهون نقصاً حاداً في الأدوية والمعدات. الأمراض الجلدية تشمل الالتهابات البكتيرية مثل القوباء، والأطباء يحذرون من مضاعفات خطيرة.
ترتفع نسبة الإصابة بالأمراض الجلدية في أنحاء قطاع غزة، خصوصاً بين الأطفال، وسط نقص كبير في مختلف الأدوية الأساسية اللازمة للعلاج.
يتداول كثير من سكان قطاع غزة فيديوهات لأطفالهم الذين يعانون من أمراض جلدية غير مألوفة، والتي تنتشر سريعاً، في ظل انعدام التغذية وعدم توفر وسائل النظافة وتلوث المياه وارتفاع درجات الحرارة في الخيام ومدارس النزوح، ما يفاقم معاناة الغزيين.
وتظهر الأعراض الجلدية على شكل حبوب لدى الأطفال في المنطقة الجنوبية والشمالية بشكلٍ متكرر، كما أصبحت تصيب الكبار، وإن كانت أكثر انتشاراً بين الأطفال، في وقت أعلنت وزارة الصحة أن أرقام المصابين بأمراض معدية وصلت إلى أكثر من مليون و750 غزيا، منها أمراض موسمية أو جلدية وأخرى تصيب الجهاز التنفسي، وذلك حتى السادس من يوليو/تموز الجاري.
وتنتشر العدوى في منطقة الخيام في منطقة المواصي. وأصبحت الفسحة الرملية التي خصصها المهجرون لأطفالهم للعب خالية، في ظل انتشار الأمراض الجلدية التي باتت تختلف من شخص إلى آخر. من بين الأطفال المصابين رهف الجمل (5 سنوات). وتعاني من انتشار البقع الحمراء والصفراء في مختلف أنحاء جسدها، والتي تزداد يوماً بعد يوم، بالإضافة إلى الألم والحكة. سعت والدتها إلى التخفيف عنها من دون جدوى. ولا حيلة لديها إلا غسل جسمها بمياه تدرك أنها ملوثة، فتوجهت إلى أحد الأطباء.
التواجد في الخيام أحد أسباب تفشي الأمراض الجلدية في غزة
في الوقت الحالي، تتلقى علاجاً يفترض أن يستمر على مدار أسبوعين، ولا تزال الأعراض على حالها. قصدت الطبيب مجدداً لترى عشرات الأطفال يعانون الأعراض نفسها، وإن كانت تبرز في مناطق أخرى من الجسم. تظهر هذه البقع في اليدين أو الوجه أو المناطق الحساسة، وتلفت إلى أن مقاومة أي عدوى تبدو مستحيلة في هذه الأيام.
مؤخراً، زاد الاختلاط، خصوصاً بعد أن أجبر الاحتلال الإسرائيلي سكان مناطق شرق مدينة خانيونس وبعض المناطق الشمالية الشرقية منها على الإخلاء، وباتت المساحات المتاحة لتواجد الأطفال أضيق مما كانت عليه في السابق. وأصبح الاختلاط أكبر والخيام أكثر تلاصقاً.
وتقول أمل الجمل لـ "العربي الجديد": "حياتنا أصبحت جحيماً. أعاني وأطفالي أمراضاً جلدية. لدي أربعة أبناء أصغرهم رهف. نرى مثل هذه الأمراض للمرة الأولى، على الرغم من أننا عشنا حروباً كثيرة وعانينا من الأمراض في محطات مختلفة من حياتنا. حتى المياه لغسل أجساد أطفالنا الذين يعانون من الحكة مضرة. عانيت من طفح جلدي، ولا مساحة لنا كنساء أو فرصة للاستراحة في الخيام. نضطر إلى ارتداء الملابس نفسها كل يوم، والخيام مثل الأفران، في وقت تنتشر العدوى بين الأطفال، وابنتي لم تتحسن لأن الأدوية رديئة".
كما ظهرت أعراض على وجه نجل فؤاد النبريص، ساري (11 سنة)، على الرغم من كل إجراءات الوقاية ومنعه من الاختلاط. ويوضح أن الأعراض تنتشر في أنحاء جسده. أما الأعراض لدى ابنته الكبرى يمنى (15 سنة)، فهي أقل.
اضطر النبريص للانتظار أكثر من 4 ساعات ليتمكن من رؤية الطبيب، الذي أخبره بأن العدوى تنتشر بسبب قلة النظافة وكثرة الاختلاط. لكن المعاناة الكبيرة تتمثل في الحصول على مضاد حيوي، وينتظر وكالة "أونروا" لتأمينه، وسط خوف من تفاقم الألم لديهما.
يقول لـ "العربي الجديد": "لا يوجد أي أدوات تنظيف بالمطلق، لا كلور ولا صابون ولا شامبو. نعتمد على مياه ملوثة. والمساعدات القليلة التي نحصل عليها بالكاد تتضمن مواد التنظيف. نستخدم القليل منها لإبقاء الكمية لأطول وقت ممكن. أصبت بمرض جلدي خلال بداية فصل الصيف. قال لي أطباء إنه طفح جلدي فيما لم يعرف آخرون ما هو".
يضيف: "قررت الذهاب إلى البحر. وبالفعل عالجت مياه البحر الأعراض، علماً أن جسدي آلمني كثيراً في البداية. اعتمدت على ما كان يقوله أجدادنا عن أن البحر هو علاج للأمراض الجلدية. لكن في ما يتعلق بأبنائي، قال لي الطبيب إنه ليس كل الأمراض الجلدية يعالجها البحر".
ويقول طبيب الجلدية سليمان أبو طبق إن التفاعل التحسسي في الجلد يسبب ظهور بقع منتفخة مثيرة للحكة، أما الطفح الجلدي المزمن، فهو بقع منتفخة تستمر لمدة تزيد على ستة أسابيع وتعاود الظهور غالبا، وكان البعض يعاني منه في ديسمبر/كانون الأول الماضي، وقد عادت تلك الأعراض لنفس الأشخاص، وخصوصاً المسنين.
ويضيف لـ "العربي الجديد": "أتنقل بين مستشفيات ومراكز صحية في بعض الأحيان، وأستقبل الكثير من الحالات في وقت واحد، وذلك أكبر من القدرة الاستيعابية للطواقم الطبية. هناك أكثر من 10 أمراض جلدية منتشرة، لكن الخطورة تكمن في عدم استجابتها للعلاج بسبب محدوديته والتخوف من أن تتحول إلى أمراض خطيرة".
داخل المستشفى الكويتي الميداني في منطقة المواصي غرب مدينة خانيونس، تتواجد عيادة للأمراض الجلدية أنشئت داخل خيمة، وهي تشهد ازدحاماً منذ ساعات الصباح الباكر، وأصبحت ضمن عيادتين فقط في المنطقة، إضافة إلى اثنتين في مناطق تواجد النازحين في مدينة دير البلح.
ويعالج طبيب الأمراض الجلدية جهاد أبو جزر عشرات الحالات يومياً داخل العيادة. ويبين بحسب الوصفات الطبية المسجلة، أن أكثر الأمراض المنتشرة هي الالتهابات البكتيرية على الجلد والتي تسمى القوباء، وتظهر عادة على شكل تقرحات حمراء على الوجه، خاصة حول الأنف والفم، وعلى اليدين والقدمين. ومن الممكن أن تنتشر القروح إلى مناطق أخرى في الجسم عن طريق اللمس والملابس والمناشف، كما أن تواجد الناس في الخيام مع درجة حرارة مرتفعة وعدم توفر مواد التنظيف والمياه الصالحة للاستخدام من أسباب تفشي الأمراض الجلدية.
يقول أبو جزر لـ "العربي الجديد": "معظم الأدوية غير متوفرة، على رأسها المضادات الحيوية التي تحتاجها مثل هذه الحالات. أحياناً، نمنحهم بدائل غير تلك المتوفرة، أو نلجأ إلى الطب العربي في حال توفرت أعشاب ومواد طبيعية. لو استمر الحال على ما هو عليه، سيكون هناك خطر على مستقيل الأطفال على وجه التحديد، وقد تنشأ لديهم مشاكل في النوم أو أمراض داخلية خطيرة".
ويوضح: "الأمراض الجلدية ليست خطيرة في العادة، ومن الطبيعي أن تزول أعراضها خلال أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع. لكن في بعض الحالات يسبب المرض مضاعفات، منها انتشار التهابات في مناطق مختلفة من الجسم تترك آثاراً على الجلد، وهناك تخوف من أن تسبب الفشل الكلوي".