استيقظ أكثر من 200 ألف أميركي من دون كهرباء اليوم الأحد، صباح عيد الميلاد، من جرّاء العاصفة الشتوية المستمرة منذ أيام في شرق الولايات المتحدة، والتي خلّفت أكثر من 20 قتيلاً.
وأدى الطقس القاسي، وهو مزيج من العواصف الثلجية والبرد الاستثنائي، إلى هبوب رياح ثلجية في 48 ولاية متجاورة في نهاية الأسبوع.
وتقطّعت السبل بمسافرين مع إلغاء آلاف الرحلات الجوية، في وقت علق سكان في منازلهم التي غطاها الجليد والثلج. وتم تأكيد 22 حالة وفاة مرتبطة بالطقس في ثماني ولايات، بينها سبع على الأقل في غرب نيويورك، حيث هطل الكثير من الثلوج وهبّت رياح شديدة وبرد قارس في بوفالو والمدن المحيطة بها.
وفي وقت بدأت مساحات شاسعة من البلاد في تجاوز العاصفة الهائلة، وعادت درجات الحرارة في بعض المناطق إلى معدلاتها الموسمية، ظلت بوفالو تعيش "كارثة كبرى"، إذ عجزت خدمات الطوارئ عن الوصول إلى العديد من مناطقها المتضررة بشدّة، كما أفاد مسؤول كبير في وقت مبكر اليوم.
تقطّعت السبل بمسافرين مع إلغاء آلاف الرحلات الجوية، في وقت علق سكان في منازلهم التي غطاها الجليد والثلج
وقال المسؤول في المقاطعة مارك بولونكارز: "لدينا سبع حالات وفاة مؤكدة في هذه المرحلة نتيجة العاصفة. قد يكون هناك المزيد". ووصف الظروف القاسية متحدثاً عن اكتشاف جثث متجمدة في سيارات وتحت كتل ثلج، ما دفع حاكمة نيويورك كاثي هوشول إلى الاستعانة بالحرس الوطني للمساعدة في عمليات الإنقاذ.
وأضاف بولونكارز: "كان الأمر سيئاً بشكل لم يعهده أي شخص في أي وقت مضى".
من جهتها، حذّرت خدمة الأرصاد الجوية الوطنية من أن العواصف الثلجية في منطقة البحيرات الكبرى الناتجة عن تهاطل الثلوج ستستمر خلال يوم عيد الميلاد، مع "تراكمات ثلجية إضافية من قدمين إلى 3 أقدام (0,6 إلى 0,9 متر) خلال الليل".
وأثّر اضطراب وسائل النقل على ملايين الأميركيين. وأدت العاصفة الأعنف منذ عقود لإلغاء أكثر من 1500 رحلة جوية الأحد، بعد إلغاء حوالي 3500 رحلة جوية أمس السبت، ونحو ستة آلاف رحلة الجمعة، وفق موقع التتبّع المتخصص "فلايت أوير".
وقال وزير النقل بيت بوتيدجيج عبر "تويتر": "تجاوزنا الاضطرابات الأكثر شدّة مع تعافي عمليات الخطوط الجوية والمطارات تدريجياً".
حذّرت الأرصاد الجوية من أن العواصف الثلجية بالبحيرات الكبرى الناتجة عن تهاطل الثلوج ستستمر يوم عيد الميلاد
وظلّ مسافرون عالقين أو متأخرين في المطارات، بما في ذلك في أتلانتا وشيكاغو ودنفر وديترويت ومينيابوليس ونيويورك. وأدى الجليد على الطريق إلى الإغلاق المؤقت لبعض الطرقات الأكثر ازدحاماً، من بينها الطريق السريع رقم 70 الذي يعبر البلاد. وتم تحذير السائقين من استعمال الطرقات في فترة هي الأكثر ازدحاماً عادة بسبب الأعياد.
كما أثّر الطقس على شبكات الكهرباء، وحضّ العديد من مزودي الطاقة الزبائن على تقليل الاستخدام للحدّ من انقطاع التيار في أماكن مثل كارولاينا الشمالية وتينيسي.
وانقطعت الكهرباء أمس السبت عن ما يصل إلى 1,7 مليون مشترك في جميع أنحاء البلاد في البرد القارس، وفق موقع "باور أوتج" المتخصّص. لكن الرقم انخفض بشكل كبير بحلول اليوم الأحد، رغم أن أكثر من 200 ألف مشترك في الولايات الشرقية ما زالوا محرومين من الطاقة.
أجهزة الطوارئ في نيويورك "لم تعد قادرة"
وفي ولاية نيويورك التي تعد من الأكثر تأثرا، نشرت الحاكمة كاثي هوتشل الحرس الوطني في مقاطعة إري ومدينتها الرئيسية بافالو، حيث ذكرت السلطات أن أجهزة الطوارئ لم تعد قادرة على التعامل مع الظروف الصعبة الناجمة عن الصقيع.
وقال رجل وزوجته في المدينة، التي تقع على حدود كندا، لوكالة "فرانس برس"، إن الطرق باتت مقطوعة بالكامل، ما سيجعل من المتعذر عليهما قطع مسافة 10 دقائق بالسيارة لرؤية أقربائهما في عيد الميلاد.
وقالت ريبيكا بورتولين البالغة 40 عاما: "الوضع صعب، لأن الظروف سيئة للغاية.. الكثير من مراكز مكافحة الحرائق لا ترسل حتى عربات إطفاء ردا على مكالمات الاستغاثة".
كما أدى الجليد والثلوج إلى إغلاق بعض طرقات البلاد الأكثر انشغالا، بما في ذلك طريق "إنترستيت 70" العابر للولايات، والذي أغلقت أجزاء منه مؤقتا في كولورادو وكانساس.
الأرصاد تحذر من طقس مميت
وحذّرت خدمة الأرصاد الجوية من أحوال طقس مميتة، وحضّت سكان المناطق المتأثرة على التزام منازلهم. وأفادت الجمعة بأن الرياح أدت إلى انخفاض درجات الحرارة إلى نحو 48 درجة مئوية تحت الصفر.
ويشكل البرد القارس مصدر قلق رئيسي بالنسبة لأكثر من 530 ألف شخص ما زالوا من دون كهرباء حتى الساعة 22:00 بتوقيت غرينتش السبت، بحسب موقع "باور آوتاج" poweroutage.us.
وبدأت عدة مدن بعضها في ولاية شمال كارولاينا قطع خدمة الطاقة نظرا للطلب الكبير عليها، وهو أمر ترك بعض الأشخاص غير قادرين على تدفئة منازلهم بشكل آمن.
وفي إل باسو في تكساس، تجمّع مهاجرون عبروا من المكسيك في الكنائس والمدارس وفي مركز للخدمة المدنية بحثا عن التدفئة، وفق ما أفادت المدرّسة والمتطوعة روزا فالكون "فرانس برس". لكن اختار البعض مع ذلك البقاء في الخارج في ظل درجات حرارة متجمدة خشية لفت انتباه سلطات الهجرة، بحسب ما قالت.
وفي شيكاغو، قال بوركي باتن من "نايت مينيستري"، وهي منظمة غير ربحية مكرسة لمساعدة المشرّدين: "نوزع معدات الطقس البارد، بما في ذلك المعاطف والقبعات والقفازات والملابس الداخلية الحافظة الحرارة والبطانيات وأكياس النوم، إضافة إلى لوازم التدفئة المخصصة لليدين والقدمين".
وتوقعت خدمة الأرصاد الوطنية تواصل أحوال الطقس الباردة إلى حد خطير في أنحاء وسط وشرق الولايات المتحدة نهاية الأسبوع، قبل عودة درجات الحرارة إلى مستوياتها الطبيعية لهذا الوقت من السنة الأسبوع المقبل.
كندا: تحذيرات من الطقس
وفي كندا، واصل البعض التسوق في اللحظات الأخيرة قبل العطلة رغم تدني درجات الحرارة.
مع ذلك، أصدرت مناطق كندية تحذيرات من أحوال الطقس الشديدة. وانقطعت الكهرباء عن مئات آلاف الأشخاص في أونتاريو وكيبك، بينما ألغيت العديد من الرحلات في مطارات فانكوفر وتورونتو ومونتريال.
وقال ركاب عدد من القطارات التي توقفت في أونتاريو إنهم علقوا داخل العربات مدة تصل إلى 18 ساعة جرّاء أحوال الطقس الرديئة.
وقالت لوسي إيليس، التي كانت على متن أحد القطارات، لصحيفة "تورونتو ستار": "تحوّلت رحلة مدتها أربع ساعات إلى رحلة مدتها 18 ساعة.. نشعر جميعنا بالتعب الشديد. نمت على الأرض مدة ساعة، يزداد الشعور بالإحباط".
(فرانس برس)