استمع إلى الملخص
- التحديات والإجراءات الحكومية: يقدر عدد الكلاب الضالة بأكثر من 20 مليوناً، مسببة 380 ألف حالة عقر سنوياً. أطلقت الحكومة حملات مكافحة بالتسميم الرحيم والتعقيم، لكن تواجه اعتراضات حقوقية وتحتاج لميزانيات كبيرة.
- مبادرات وحلول مقترحة: تدعو جمعيات رعاية الحيوانات إلى حلول إنسانية مثل التعقيم والتطعيم. أطلقت الحكومة مبادرة "مصر بلا سُعار 2030" لتوسيع حملات التطعيم، مع تخصيص خط ساخن لتلقي الشكاوى.
تشهد محافظات مصر في الآونة الأخيرة انتشاراً ملحوظاً لـ"كلاب الشوارع"، ولا تكاد تخلو مدينة أو قرية من هذه الحيوانات الضالة التي تشكّل تهديداً للمارة، ولا سيما الأطفال وكبار السن.
يحبس مصريون أنفاسهم خوفاً من "الكلاب الضالة" المنتشرة في الشوارع، وتتغير تفاصيل حياة البعض اليومية وتتبدل المواعيد وطرق العودة إلى المنازل في محاولة لتفاديها بعد أن تحولت خلال الفترة الأخيرة إلى أزمة حقيقية مع تكرار حوادث العقر التي سبَّبت وفيات أو إصابات خطيرة، كان آخرها نقل 30 شخصاً بمنطقة الحضرة الجديدة في وسط الإسكندرية إلى المستشفيات.
ولفظ تلميذ في العاشرة من عمره أنفاسه خلال الأسبوع الماضي بعد تعرضه لعضة كلب ضال في محافظة سوهاج (جنوب)، كما هاجم كلب ضال 11 مواطناً في مدينة السادات بمحافظة المنوفية، وألحق بهم إصابات بالغة، وتكرر الأمر في مدينة أسوان، بعد مهاجمة كلب مسعور لـ5 أشخاص من بينهم طفلة، مما سبّب إصابتهم بجروح، وتلقت مديرية أمن الجيزة بلاغاً يفيد بإصابة سيدة وابنتها إثر عقرهما من كلب بمدينة الشيخ زايد.
وتتجدد المطالبات بالقضاء على ظاهرة انتشار الكلاب الضالة في الشوارع مع كل حادث جديد، إذ تقدم عضو مجلس النواب محمود عصام، ، بسؤال إلى رئيس مجلس الوزراء، ووزيري التنمية المحلية والزراعة، بشأن تأخر صدور اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم حيازة الحيوانات الخطرة.
وقال عصام في سؤاله: "شهدت الفترة الأخيرة تكراراً لوقائع تعرض المواطنين لاعتداءات من كلاب وحيوانات خطرة، وآخرها هجوم كلب على الأهالي في الإسكندرية، وتعرض صبي لهجوم وحشي من كلب شرس في منطقة أوسيم بمحافظة الجيزة. صدر قانون تنظيم حيازة الحيوانات الخطرة والكلاب في مايو/أيار 2023، بعد موافقة مجلس النواب، لكن حتى الآن لم تصدر اللائحة التنفيذية للقانون، والتي تم النص على صدورها خلال 6 أشهر".
بدوره، وجه وكيل لجنة الإدارة المحلية بمجلس النواب، محمد الحسيني، انتقادات إلى الحكومة خلال اجتماع اللجنة الشهر الماضي، بسبب تأخر إصدار اللائحة التنفيذية للقانون، قائلاً إن الكلاب الضالة المنتشرة في الشوارع تمثل تحدياً كبيراً، وتشكل خطراً على المواطنين، وإن قانون "تنظيم حيازة الحيوانات الخطرة والكلاب" ألزم السلطات بالتعامل مع هذا الملف عبر جمع الكلاب وفحصها وفرزها وتطعيمها وتعقيمها للحد من تكاثرها.
ورغم عدم وجود إحصاء رسمي لعدد الكلاب الضالة في مصر، لكن الأمين العام لنقابة البيطريين، محمد سيف، قدر في تصريحات صحافية سابقة، عددها بأكثر من 20 مليوناً، وأنها تسبب 380 ألف حالة عقر على الأقل في السنة.
ويقول مسؤول في الهيئة العامة للخدمات البيطرية، لـ"العربي الجديد"، اشترط عدم نشر اسمه، إن الهيئة أطلقت حملات مكافحة للكلاب الضالة في الآونة الأخيرة، وإن لديها طريقتين في المكافحة، الأولى هي التسميم الرحيم؛ والثانية هي التعقيم، وإن الطريقة الأولى تواجه اعتراضات حقوقية باعتبار أن قتل الحيوانات غير إنساني، بينما الثانية تحتاج إلى ميزانيات طائلة.
من جانبها، تنتقد عبير عوض الله، وهي عضو إحدى الجمعيات المعنية برعاية الحيوانات، التعامل مع انتشار الكلاب في الشوارع عن طريق القتل، والذي يتنافى مع القيم الإنسانية والدينية، ويهدد أيضاً بانقراضها، ما سيكون لها تأثير سلبي على التنوع البيولوجي والتوازن البيئي.
وتؤكد عوض الله أن "حل مشكلة انتشار الكلاب بالشوارع وتعديها على المواطنين يبدأ من إجراء حصر لأعدادها، ثم تحديد طريقة علمية للتعامل معها من خلال إجراء عمليات التعقيم والتطعيم، وهما الحل الأمثل للتعامل مع المشكلة التي تتفاقم مع تركها في الشوارع".
بدوره، دعا الطبيب البيطري محمد عاصم، منظمات المجتمع المدعي إلى التعاون والتنسيق لحل مشكلة كلاب الشوارع عبر فحصها وتطعيمها وتعقيمها للحد من تكاثرها، مشيراً إلى أنه "رغم أن القانون المصري يقر إعدام الكلاب الضالة أو تسميمها عبر حملات الحجر البيطري التابع لوزارة الزراعة، إلا أن المشكلة لا تزال مستمرة، ما يتطلب تضافر الجهود لوضع خطة موحدة للمواجهة تحتوي على رؤية وأدوات تنفيذية وجداول زمنية وتحديد للتكاليف المالية".
من جانبها، تؤكد مدير مديرية الطب البيطري بالإسكندرية، صباح جارح لاوندي، لـ"العربي الجديد"، صعوبة مواجهة ظاهرة الكلاب الضالة بسبب أعدادها الكبيرة وضعف الإمكانات. وتضيف: "أطلقت الحكومة مطلع العام الحالي مبادرة (مصر بلا سُعار 2030)، وتهدف إلى التوسع في حملات تطعيم حيوانات الشوارع ضد مرض السُّعار، مع وضع علامات في أذن الحيوانات التي يتم تطعيمها لتأكيد أنها لم تعد مصدراً للخطر، كما خصصت هيئة الطب البيطري خطاً ساخناً لتلقي الشكاوى الخاصة بالكلاب والحيوانات الضالة، فضلاً عن إطلاق بعض الفرق الميدانية للتعامل مع الشكاوى والحالات الطارئة".