يعيش أهالي السويداء ظروفاً صحية صعبة في ظل تردي الخدمات الصحية في المستشفى الحكومي الوحيد، ما قد يؤدي أحياناً إلى وفاة بعض المرضى.
يشكو أهالي السويداء (جنوب شرق دمشق)، من تردّي الخدمات الصحية في المستشفى العام الوحيد في المدينة، والذي يُعرف بـ"المستشفى الوطني" أو مستشفى "زيد الشريطي"، في ظل عدم التزام الأطباء المتخصصين بالوجود في أقسامهم، ونقص الأدوية والمستلزمات الطبية، وانعدام النظافة، وضعف التدفئة، والازدحام في الأقسام، والتهرب من إجراء العمليات الجراحية بحجة تخصيص أقسام عدة لعزل المصابين بفيروس كورونا أو المشتبه بإصابتهم.
لدى الدخول إلى المستشفى، يبحث أهل المريض عن كرسي أو سرير لنقله. وعادة ما تكون الكراسي والأسرة موجودة عند مدخل المستشفى، ونادراً ما تخلو من كسر أو عطل ما، ويغطيها الغبار. كذلك، لا تُعقّم رغم استخدامها من قبل العديد من المرضى. ويضيق قسم الطوارئ بالمرضى والكادر الطبي.
وبسبب الإجراءات الخاصة بانتشار فيروس كورونا الجديد، تم تحويل أقسام عدة داخل المستشفى، مثل قسم الجراحة العامة والحروق والأمراض الصدرية إلى أقسام عزل للمصابين والمشتبه بإصابتهم بالفيروس، في حين تم نقل مرضى تلك الأقسام إلى أقسام أخرى تُعدّ ضيقة.
من جهة أخرى، فإن التجهيزات والأسرة في كافة أقسام المستشفى تعد سيئة، بحسب أبو عمر ن. (37 عاماً)، الذي كان يرافق أحد المرضى في المستشفى. يقول إن أهل المرضى يحاولون تأمين وساطة علّهم يحصلون على سرير جيد وشرشف وبطانية ووسادة، علماً أن غالبيتها رثة وغير صالحة للاستخدام. كما أن التدفئة المركزية ضعيفة، ما يضطر الأهالي إلى جلب ما يحتاجون إليه من منازلهم، حتى أن البعض يجلب مدفأة.
يضيف: "لا تتوفر في المستشفى أي تجهيزات ومعدات للمرضى، كالنقالة أو العكاز، ما يدفع بعض المرضى لشرائها على حسابهم الشخصي. أما المرافق الخدماتية، كالمراحيض، فغالبيتها خارج الخدمة كلياً أو جزئياً، ولا توجد مياه ساخنة ولا مياه للشرب. وتُرمى الحقن وغيرها في سلال قمامة غالباً ما تبقى مفتوحة، ولا تُعقّم الأسرة والجدران والأبواب وغيرها من التجهيزات رغم انتشار فيروس كورونا وخصوصاً في المستشفى".
بالإضافة إلى ما سبق، تُعاني المستشفى من نقص كبير في الكادر الطبي. في قسم الحروق طبيب واحد يُداوم يوماً في الأسبوع لإجراء العمليات الجراحية. وفي باقي الأيام يعتمد المستشفى على طبيبين أو ثلاثة أطباء غير متخصصين. أما قسم الجراحة، فيوجد فيه نحو 4 أطباء، بحسب أبو جواد معروف (42 عاماً)، الذي كان يرافق أحد المرضى في المستشفى. يضيف، في حديثه لـ"العربي الجديد": "طبعاً، يطلب معظم الأطباء أن يزورهم المرضى ويدفعون الكشفية (بدل المعاينة). كما أن بعضهم يطلب من المريض كلفة العملية التي يجب أن تكون مجانية. كما يطلب من غالبية المرضى تأمين أدوية ومستلزمات طبية من خارج المستشفى. حتى أن المرضى يجرون بعض التحاليل في مختبرات خاصة. ونادراً ما تكون الأجهزة الطبية غير معطلة، خصوصاً في قسم غسيل الكلى".
يضيف أن "واقع المستشفى السيّئ وعدم اهتمام الكادر الطبي بالمريض أصبح سمة عامة. وما يزيد الطين بلة كثرة الأخطاء الطبية في المستشفى، والتي تؤدي أحياناً إلى وفاة المريض. ولدى غالبية الأهالي رغبة في نقل المرضى إلى مستشفيات العاصمة دمشق. ولا يبقى في المستشفى إلا المضطر". يوضح أنه "في ظل هذا الواقع السيئ، يمكن لأي شخص أن يلاحظ الفساد الذي بات علنياً. اكتشفت في أحد الأيام أن بعض الممرضين يطلبون منا شراء الأدوية من الصيدلية، علماً أنها تكون متوفرة لديهم. ويشمل الأمر المواد المعقمة والشاش والقطن والحقن وغيرها". ويلفت إلى أن "واقع المستشفى السيئ ومشاهدة معاناة المرضى من قبل ذويهم لدرجة تهدّد حياتهم، يؤدي إلى تنمّر على الكادر الطبي".
في المقابل، يشكو الكادر الطبي في مستشفى السويداء بسبب سوء واقع عملهم وقلة مدخولهم. يقول ممرض في المستشفى، رفض الكشف عن اسمه، لـ"العربي الجديد": "البنية التحتية والأثاث والتجهيزات الطبية في المستشفى سيئة جداً، والخدمات الطبية سيئة أيضاً". ويلفت إلى أن "القطاع الصحي في السويداء يعاني بسبب قلة عدد الكادر الطبي. الكثير من الأطباء خرجوا من سورية إلى دول أوروبية خلال السنوات الماضية في إطار موجات اللجوء. واليوم، هناك أطباء وممرضون يتوجهون إلى الصومال وليبيا بسبب الإغراءات المالية. فرواتب الكادر الطبي كغيرهم من العاملين في القطاع العام لا تكفي لتأمين الحد الأدنى من الاحتياجات المعيشية الأساسية".
وكان مدير المستشفى الوطني في السويداء الطبيب خلدون أبو حمدان، قد أعلن في وقت سابق أن المستشفى يقدّم خدمات علاجية واستشفائية وإسعافية رغم كل النواقص. مع ذلك، يتحدث عن النقص الكبير في بعض الأقسام وتعطّل عدد من الأجهزة والتأخير في إصلاحها، فضلاً عن النقص في بعض الأدوية".
كذلك، يتحدث أبو حمدان عن حاجة المستشفى الملحة لصيانة أجهزة التكييف والتدفئة في غرف العمليات، بالإضافة إلى صيانة مصاعد المستشفى كاملة، إذ لا يعمل منها سوى اثنين من أصل أربعة مصاعد. يُضاف إلى ما سبق ضرورة إعادة صيانة دورات المياه في كل الأقسام، والصرف الصحي بسبب تدفق المياه الآسنة إلى بهو المستشفى الخارجي. ويؤكد أن تلك المطالب الملحة رفعت إلى المكتب المتخصص في المحافظة.
يُشار إلى أن ما يشهده مستشفى السويداء ينطبق على عموم مستشفيات المحافظة، بحسب ناشطين، ما يضطر أهلها للتوجه إلى العاصمة السورية دمشق، التي تعاني بدورها من تردي الأوضاع الصحية، لكن تبقى أفضل من غيرها من المحافظات.