اضطرت عشرات العائلات الفلسطينية إلى مغادرة أراضيها ومنازلها وخيامها في "خربة طانا" التابعة لبلدة بيت فوريك، شرق نابلس، بعد تكرار اعتداءات المستوطنين عليهم بحماية جيش الاحتلال الإسرائيلي.
وسبّبت الاعتداءات على سكان خربة طانا بتهجير نحو 40 عائلة فلسطينية قسرياً، ويقول المهجّرون إنهم غادروا المنطقة للحفاظ على حياتهم وحياة أسرهم في ظل انعدام سبل الصمود، ومحاربتهم في مصدر رزقهم الأساسي المعتمد على تربية المواشي والأغنام بفعل تنامي أشكال الاستيطان الرعوي.
غادر الفلسطيني واصف حنني منزله مع أسرته المكونة من سبعة أشخاص، ويقول لـ"العربي الجديد": "لم يتبقّ لدينا شيء يساعدنا على مواصلة الحياة في المنطقة، إذ في النهار لا نستطيع الذهاب إلى أعمالنا بفعل اعتداءات المستوطنين على المنازل، والتجريف المتكرر للأراضي الزراعية، والليل لم يعد وقتاً للراحة بسبب انتهاكات المستوطنين".
يضيف حنني: "يتوجه غالبية أهالي خربة طانا المهجّرين إلى قرية بيت فوريك، ويعيشون في منازل أقاربهم، ما جعل الخربة شبه فارغة من السكان، ويواصل الاحتلال مساعي التهجير القسري الذي يستهدف كل سكّان الخربة الذين كان يبلغ عددهم قبل السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، نحو 250 مواطناً، ثم تقلصت الأعداد بعد بدء الحرب على غزة".
ويسعى الاحتلال إلى تنفيذ مخطط أعدّه "مجلس المستوطنات" في شمالي الضفة الغربية، ويهدف إلى إنهاء وجود الفلسطينيين في المناطق المصنفة "ج" وفق اتفاقية أوسلو، والخاضعة للسيطرة الإسرائيلية أمنياً ومدنياً.
ويحيط بخربة طانا وقرية بيت فوريك ثلاثة بؤر استيطانية أقيمت على أراضي القرية، أبرزها مستوطنة "مخور" التي صادرت أكثر من 18 ألف دونم من أراضي القرية الشرقية رغم قلّة عدد مستوطنيها، إضافة إلى مستوطنة "إيتمار"، والبؤرة الاستيطانية المعروفة باسم "جدعونيم"، التي صادرت ستة آلاف دونم من أراضي بيت فوريك.
ويقول منسق الحملة الشعبية للدفاع عن أراضي طانا، ثائر الشولي: "تتنوع أشكال الاعتداءات الإسرائيلية على سكان خربة طانا، وكلها تهدف إلى تشريد الأهالي الذين يعيش معظمهم في ظروف صعبة داخل كهوف أو خيام أو منازل مسقوفة بالصفيح".
يضيف الشولي لـ"العربي الجديد": "توزيع إخطارات الهدم، وتنفيذها في وقت سريع يتزامن مع تكرار تجريف الأراضي الزراعية، وتدمير خطوط المياه، ومنع الدخول والخروج من وإلى الخربة، إضافة إلى تسهيل الجيش الإسرائيلي استيلاء المستوطنين على الأراضي لإقامة بؤر استيطانية، أو إطلاق أبقارهم وأغنامهم داخل أراضي السكان، وكل ذلك أدى إلى عزوف الأهالي عن البقاء في أرضهم".
ويوضح أن "الاحتلال دمّر ما لا يقل عن 150 خلية نحل كانت تعتبر مصدر الرزق الوحيد لأصحابها، وزادت وتيرة الاعتداءات اليومية بحق الأهالي منذ السابع من أكتوبر الماضي، وتجاوز عددها 100 اعتداء، توزعت بين إلقاء الحجارة، وتدمير أنابيب المياه، وهدم الخيام، كما تعرّضت الخربة إلى ثلاثة اعتداءات كبيرة منذ بدء الحرب على غزّة، دمّر الاحتلال خلالها قرابة 40 كهفاً كان يعيش فيها الأهالي".
وكانت خربة طانا تضم أكثر من 40 عائلة، وهجّر الاحتلال نحو نصفهم قبل السابع من أكتوبر الماضي، وبعد بدء العدوان على غزة غادرت 10 عائلات أخرى، كما غادر أفراد 5 عائلات خيامهم مع بقاء شخص واحد من كل عائلة في المنطقة لحراسة الماشية، ما قلّص عدد السكان من قرابة 250 مواطناً إلى نحو 30 فقط، وسط مخاوف من إخلاء الخربة تماماً بالتزامن مع تركيز الأنظار صوب العدوان على غزة.
وصادر الاحتلال قرابة 25 ألف دونم من أراضي بلدة بيت فوريك، التي تبلغ مساحتها الإجمالية نحو 36 ألف دونم، ما جعل مساحة خربة طانا كلها واقعة تحت تصنيف الأراضي "ج" وفق اتفاقية أوسلو، ومن ثم تصبح عرضة للتهجير.
ويقول حنني: "أصعب ما يواجهه الأهالي الذين تبقوا في خربة طانا، وما دفع كثيرين إلى الرحيل هو قطع المياه عنهم، رغم تربّع الخربة في مناطق الأغوار الشرقية المحاذية للأغوار الأردنية، وهي مناطق تعتبر وفيرة المياه، لكنها تعاني تلويثاً متعمداً للمياه، وتخريباً متكرراً للأنابيب، ومنع السكان من حفر الآبار، ومنعهم من الوصول إلى مصادر المياه، إذ استولى الاحتلال على عيون مياه تعود إلى العصر الروماني وينابيع تاريخية".
وحول عوامل صمود أهالي الخربة، يوضح الشولي أن "خربة طانا لم تتلقّ أي دعم من الجهات الفلسطينية الرسمية، ولا توجد مقاومة شعبية حقيقية من أجل تعزيز صمود الناس، وسط توفير الاحتلال الإسرائيلي كل الطرق والسبل لتهجير الأهالي".