تنطلق الرحلة الأولى لنقل طالبي اللجوء إلى رواندا، العاصمة البريطانية لندن، مساء الثلاثاء، رغم الاحتجاجات والمطالبات والمناشدات المحلية والدولية.
وقالت مصادر خاصة لـ"العربي الجديد"، إن طائرة تابعة لشركة طيران "بريفلدج" الإسبانية الخاصة، ستقل ثمانية لاجئين من مطار "ستانستد" شمالي لندن، إلى مطار كيغالي في الساعة العاشرة والنصف ليلاً بالتوقيت المحلي، وإن إثنين منهم من أكراد العراق، وإثنين أخرين من إيران، ولاتزال جنسيات أربعة لاجئين مجهولة.
وأكد الشاب الإيراني (ر.م) لـ"العربي الجديد"، أنه أحد اللاجئين المقرر ترحيلهم على الرحلة الأولى، ورغم أنه لا يتقن الإنكليزية، لكن لغته الركيكة لم تحل دون تعبيره عن القهر والغبن.
واعتبر رئيس أساقفة كانتربري ويورك، في رسالة وجهّها مع 24 شخصية بريطانية، ونشرتها صحيفة "ذا تايمز"، الثلاثاء، أن عملية ترحيل اللاجئين هي "خطة العار"، وجاء في الرسالة: "يجب على تراثنا المسيحي أن يلهمنا التعامل برحمة وإنصاف وعدالة مع طالبي اللجوء كما فعلنا منذ قرون. الخطة عار علينا كأمّة".
ولم يكترث المثلث الأكثر تشدّداً في الحكومة البريطانية المتمثل برئيس الوزراء، بوريس جونسون، ووزيرتي الداخلية، بريتي باتيل، والخارجية ليز تروس، بكل المناشدات والانتقادات، ودافع الثلاثة عن الخطّة بشراسة طوال الأسابيع الماضية، مرددين شعارات من بينها الحدّ من الاتّجار بالبشر، ومنع توسّع عصابات التهريب.
الحكومة البريطانية: نقل اللاجئين إلى رواندا "أخلاقي وقانوني"
وردّاً على رئيس الأساقفة، قالت وزيرة الخارجية، ليز تروس، لقناة "سكاي"، إن الرحلات الجوية إلى رواندا "أخلاقية تماماً وقانونية"، مؤكّدة أن الرحلة الأولى "ستقلع مساء اليوم حتى لو كان على متنها بضعة أشخاص فقط لأن المسألة هي مسألة مبدأ".
وقال رئيس حركة "العدالة العالمية الآن"، نيك ديردن، لـ"العربي الجديد": "سنشهد مع اقتراب موعد إقلاع الطائرة مدى جنون الخطة، وإصرار الحكومة على المضي قدماً فيها"، مضيفاً أن السبب الأساسي هو "إنقاذ حكومة بوريس جونسون، وإنقاذ منصبه كرئيس للوزراء، خاصة أنه أضحى في حالة موت سريري، وأعضاء كثر في حزبه فقدوا الثقة به. الحكومات البريطانية لا تحترم القانون، ولديها تاريخ حافل من الانتهاكات المشابهة".
ورفضت المحكمة العليا، الثلاثاء، نظر أربعة طعون قُدمت البارحة بعد جلسة استئنافية اتّخذ على أثرها قرار السماح للطائرة الأولى بالإقلاع مساء اليوم.
وعلم "العربي الجديد" من مصادر خاصة أن عدد من تسلموا إخطارات من وزارة الداخلية حول الترحيل إلى رواندا يقارب 163 لاجئا، من بينهم 50 لاجئا تسلموا أيضا بطاقة صعود الطائرة، وثمانية منهم يفترض ترحيلهم اليوم، بينما قُبلت طعون 42 منهم، ما يجعل العدد المتبقي 113 طالب لجوء ينتظرون تحديد مصيرهم، في حين ترجّح المصادر أن يتسلموا بطاقات صعود الطائرة اليوم أو خلال الأيام القليلة القادمة.
وتنظم جمعيات ومنظمات كثيرة، الثلاثاء، فعاليات واحتجاجات في محاولة لوقف الرحلة الأولى المرتقبة. ونظمت جمعية "التحرر من التعذيب" البريطانية، وقفة احتجاجية أمام مقرّ شركة الطيران الإسبانية "بريفيلدج" في مايوركا، إلا أن موظفي الأمن التابعين للشركة طردوا المتظاهرين، بحسب رئيسة الجمعية، صونيا سكيتز.
وشارك مؤسّس شبكة مكافحة التعذيب، كولباسيا هوسو، في الوقفة أمام مقرّ شركة الطيران، وهو ناج من التعذيب في أفريقيا الوسطى، ولاجئ سياسي في بريطانيا منذ عام 2005. وقال لـ"العربي الجديد"، إنه توجّه إلى مقرّ الشركة مع مجموعة من النشطاء للتحدث إلى الموظفين بعد أن امتنعت الشركة عن الردّ على أكثر من 30 ألف رسالة وصلتها عبر البريد الإلكتروني، كما لم تتجاوب مع المتصلين هاتفياً، إلا أن موظّفي الأمن طردوهم، ولم يستمع الموظفين إلى مناشداتهم.
وأكد هوسو خيبة أمله بالحكومة البريطانية التي "تخلّت عن التزاماتها تجاه ملف اللاجئين. أكثر ما دفعني للتوجّه إلى مايوركا هو أنني كنت لاجئاً، ولا أتمنى لأي شخص أن يواجه ما واجهته في المملكة المتحدة لدى وصولي مع ابني، ما بالك بما سيواجهه هؤلاء عند ترحيلهم إلى رواندا، بينما كل ما يريدونه هو فرصة حياة جديدة. المعركة لم تنته بعد، ونحتاج إلى استمرار الضغط على الحكومة، وعلى جميع الأطراف المعنية، بما فيها شركات الطيران المتواطئة".