استمع إلى الملخص
- أونروا تعرضت لخسائر فادحة خلال الحرب بمقتل 192 من موظفيها وتضرر حوالي 170 من منشآتها، مع التأكيد على دورها الضروري في تقديم خدمات حيوية مثل التعليم والرعاية الصحية للاجئين الفلسطينيين.
- رغم الدعوات الإسرائيلية لاستبدال أونروا، فاولر يؤكد على أهمية استمرار عمل الوكالة التي تقدم خدمات لا غنى عنها تحت القانون الإنساني الدولي، مشيرًا إلى أن استبدالها سيكون مكلفًا وغير محتمل، مع التأكيد على الحاجة المستمرة لدعم السكان الفلسطينيين.
وصف متحدث باسم وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، جوناثان فاولر، الدمار الذي خلفته الحرب الإسرائيلية على غزة، بأنه يفوق ما نتج عن الحرب العالمية الثانية في أوروبا، مشيرا إلى أن إعادة إعمار غزة قد تحتاج أكثر من 20 عاما لمحو آثار الدمار، مضيفا خلال مقابلة أجرتها معه وكالة الأناضول في مقر الوكالة الأممية بالقدس الشرقية: "يجب أن تبقى كل العيون على غزة، حتى عندما يحدث وقف لإطلاق النار، لأن جهود إعادة الإعمار ستكون ضخمة جدا، وسيكون العبء المالي أيضا كبيرا جدا، لدرجة أن المجتمع الدولي سيحتاج إلى الوقوف إلى جانب سكان غزة لسنوات عديدة قادمة".
واعتبر المتحدث الأممي أن إعادة الإعمار "ستكون مهمة ضخمة للغاية، لاسيما عند إعادة بناء نظام التعليم، واستقبال الأطفال وضمان عودتهم إلى المدارس، وإعادة بناء العيادات المتضرّرة"، مرجعاً صعوبة عملية الإعمار في غزة إلى أن "مستوى الدمار في القطاع كبير جدا؛ تلال وأكوام من الأنقاض والحطام، فضلا عن الناس الذين يعيشون بين الأنقاض، والأماكن المليئة بالقنابل غير المنفجرة، والذخائر غير المنفجرة".
أونروا دفعت ثمناً غير عادي
ويرى فولر أن أونروا لديها البصمة الأكبر في قطاع غزة، حيث تمتلك 13 ألف موظف، معظمهم من المعلمين، وبين الموظفين هناك حوالى 3500 لا يزالون قادرين على مواصلة العمل خلال هذه الحرب، مشيرا إلى أن معظم هؤلاء الموظفين "ممن يتولون أمور اللوجستيات (إدارة تدفق البضائع والمعلومات والموارد الأخرى كالمنتجات والخدمات) والرعاية الصحية وأشياء من هذا القبيل، فضلا عن الدعم النفسي والاجتماعي"، مشددا على أن موظفي أونروا "دفعوا ثمناً غير عادي" جراء هذه الحرب، قائلا: "فقدنا بشكل مأساوي 192 من موظفينا؛ حيث قتلوا منذ بداية هذه الحرب، ولم نشهد هذا المستوى من الوفيات بين موظفي الأمم المتحدة منذ إنشاء الأمم المتحدة (عام 1945)". واصفا مقتل الموظفين الأمميين في الحرب الإسرائيلية على غزة بأنها "مأساة مطلقة".
وحول الأضرار التي تعرضت لها أونروا خلال الحرب، قال: "تعرضت حوالي 170 من منشآت أونروا في قطاع غزة للقصف، ولحقت بها أضرار بدرجات متفاوتة معينة"، فضلا عن "مقتل حوالي 450 شخصًا في الغارات على منشآت وكالة أونروا، أو بالقرب منها منذ بداية الحرب علي قطاع غزة، بينما أصيب حوالي 1400 آخرين"، مردفا "عندما نتحدث عن منشآتنا، فإن معظم الأماكن التي تضررت هي المدارس بسبب توقّف التعليم في بداية الحرب، كما أن مدارسنا تحولت إلى ملاجئ طوارئ للسكان، الذين لجأوا إليها بحثا عن مكان آمن تحت حماية علم الأمم المتحدة، موضحا أن المنظمة لا تدير مخيمات اللاجئين في حد ذاتها، وإنما "ندير المباني داخل المخيمات، وبالتالي ندير المدارس والعيادات وما إلى ذلك".
الاحتلال الإسرائيلي يتجاهل علم الأمم المتحدة
وتعليقا على الممارسات الإسرائيلية تجاه منشآت الأمم المتحدة خلال الحرب الدائرة منذ 8 أشهر، رأى فاولر أن هناك "نمطا من التجاهل (الإسرائيلي) لعلم الأمم المتحدة ومواقعها"، مضيفا "ليس هناك أي غموض حول مكان وجود مواقعنا. تتم مشاركة جميع إحداثياتنا مع السلطات الإسرائيلية، بل مع جميع أطراف النزاع، وقد شهدنا ضربات مباشرة على مبانينا".
170 من منشآت أونروا في قطاع غزة تعرضت للقصف، ولحقت بها أضرار بدرجات متفاوتة معينة
وبشأن الدعوات الإسرائيلية إلى استبدال وكالة أونروا بوكالات أممية أخرى، لاسيما في اليوم التالي للحرب، قال فولر: "نحن مكلفون من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة، وتم تكليفنا لأول مرة في عام 1949. ولدينا مهمة محددة للغاية تتمثل في الاستجابة لأزمة محددة للغاية للاجئين، نتيجة للحرب العربية الإسرائيلية في أواخر الأربعينيات".
وتأسست أونروا بقرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1949، وتم تفويضها بتقديم المساعدة والحماية للاجئين الفلسطينيين في مناطق عملياتها الخمس، الأردن، وسورية، ولبنان، والضفة الغربية، وقطاع غزة. هذا التفويض يصفه فولر بأنه لم ينته ولكن "تم تكييف التفويض بمرور الوقت، كما تم تجديده أيضا بشكل متكرر. وإلى أن يحين الوقت الذي تختار فيه الجمعية العامة للأمم المتحدة إما القول بأنه لم يعد بحاجة لعمل الوكالة، أن هناك حاجة إلى شخص آخر للقيام بهذا العمل، فإننا سنواصل عملنا (في قطاع غزة)"، مؤكدا على أنه رغم أحاديث المسؤولين الإسرائيليين حول عدم وجود حاجة لأونروا، إلا أن الوكالة الأممية "لديها دائما علاقة منتظمة مع السلطات الإسرائيلية، ولا يزال العديد من المسؤولين الذين نتحدث معهم يعترفون الآن بأننا ضروريون للغاية".
وأردف: "أحد الأسباب التي تجعلنا ضروريين هو أنه بموجب القانون الإنساني الدولي، فإن الكثير مما نفعله لضمان رفاهية السكان، هي مسؤولية تقع على عاتق قوة الاحتلال (الإسرائيلي)". متسائلا: "إذا كان الناس يقولون إنه لا حاجة لبقاء الأونروا، فهل يأتون ببديل للقيام بنفس العمل الذي نقوم به؟ السكان الفلسطينيون لا يحصلون على الحق في التعليم، ولا الحق في الرعاية الصحية، ولا الحق في جمع القمامة، كل هذه الأشياء لأن هذا ما نقوم به، وهذا ما يجعلنا مختلفين تماما عن الوكالات الأخرى في منظومة الأمم المتحدة".
وفي السياق، وصف فاولر أونروا بأنها "مزود خدمة مباشر" لديها بالفعل 30 ألف شخص، الغالبية العظمى منهم من الفلسطينيين أنفسهم، إضافة إلى حفنة من الموظفين الدوليين الذين ربما لا يزيد عددهم عن 150 من أصل 30 ألفا، معتبرا أن أساس عمل أونروا قائم على أنه "لا توجد وكالة أخرى تابعة للأمم المتحدة مثلنا، لأنه لا توجد وكالة أخرى تابعة للأمم المتحدة تقدّم الخدمات بشكل مباشر كما نفعل"، معلقا "إذا كانت الفكرة هي استبدالنا بهيئات أخرى من داخل منظومة الأمم المتحدة، فإن التكلفة ستكون باهظة وغير محتملة، وبالتالي فإن هذا يعني أنه لا يمكن إنجاز ما نقوم به".
ومنذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، تشن قوات الاحتلال الإسرائيلي حربا على غزة خلّفت أكثر من 121 ألف فلسطيني بين شهيد وجريح، معظمهم أطفال ونساء، ونحو 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة أودت بحياة أطفال ومسنين. ويواصل الاحتلال الإسرائيلي حربه رغم قرار من مجلس الأمن الدولي بوقفها فورا، وأوامر محكمة العدل الدولية بإنهاء اجتياح مدينة رفح جنوب القطاع، واتخاذ تدابير لمنع وقوع أعمال "إبادة جماعية"، وتحسين الوضع الإنساني المزري في غزة.
(الأناضول، العربي الجديد)