إخفاق ليبي ودولي في حماية المهاجرين

12 يناير 2022
لم ينجحوا في الوصول إلى مبتغاهم (الأناضول)
+ الخط -

على الرغم من الهدوء الأمني والانشغال بالانتخابات في ليبيا، يبقى ملف الهجرة السرية مطروحاً في ظل تزايد أعداد المهاجرين عبر البحر، والظروف اللاإنسانية التي يعيشونها في مراكز الاحتجاز. وشهد العام الماضي تحسناً نسبياً في أوضاع المهاجرين المحتجزين في مراكز الإيواء، بسبب تراجع الأعمال المسلحة في البلاد. إلا أن الناشط الليبي الحقوقي من سبها (جنوب البلاد) رمزي المقرحي يؤكد استمرار نشاط التهريب عبر الصحراء والبحر. ويقول لـ "العربي الجديد" إن "استخدام عبارة التحسن النسبي هو اعتراف أممي ودولي بفشل كل الجهود لإنقاذ أوضاع هؤلاء المهاجرين الذين يواجهون مخاطر كبيرة"، موضحاً أن "تراجع العمليات المسلحة في البلاد قد تكون نتيجته عكسية بالنسبة للمهاجرين بسبب تفرغ المسلحين لإعادة تنشيط هذه التجارة والتربّح منها". 
ولا يفصل المقرحي بين أوضاع المهاجرين خارج مراكز الاحتجاز وداخلها، موضحاً أن المهاجر يعاني من الاستغلال في كلا الحالتين. ويقول إن "غالبية مراكز الاحتجاز هي في أيدي مجموعات مسلحة متورطة في نشاط تهريب المهاجرين. فالمراكز التي تسيطر عليها السلطات قليلة جداً. وحتى الأخيرة تديرها مجموعات مسلحة تتبع السلطات بالاسم وتمارس أنشطتها بمعزل عن أي رقابة أو قانون".

لجوء واغتراب
التحديثات الحية

ويقول المقرحي إنه على مقربة منه في بني وليد (جنوب شرق طرابلس)، توجد مستودعات لجمع المهاجرين القادمين من الجنوب قبل ترحيلهم من خلال عصابات التهريب إلى نقاط عدة على شاطئ البحر. ومؤخراً، تضاربت الأرقام بشأن عدد الغرقى الذين قضوا بسبب انقلاب قارب يقلهم أمام شاطئ مدينة الخمس. وأفادت وكالة الأنباء الفرنسية بأن عدد الجثث هو 28، في حين قالت وكالة "رويتزر" إن العدد لم يتجاوز الـ 15 جثة. ولم يصدر أي بيان من قبل السلطات الليبية، ما يؤكد حالة التخبط التي يعيشها مختلف المعنيين في ملف المهاجرين، سواء في ليبيا أو المجتمع الدولي.  
وفي وقت سابق، أعلنت منظمة الهجرة الدولية تجاوز عدد المهاجرين الغرقى 1500 وذلك منذ بداية العام الماضي وحتى نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، فيما تم اعتراض أكثر من 30 ألف مهاجر قبالة الساحل الليبي وإنقاذهم. وتطالب الحكومة الليبية المجتمع الدولي بضرورة العمل على إنهاء معاناة المهاجرين، مؤكدة أنها ليست مسؤولة لوحدها عن هذا الملف كونها "دولة عبور". ودعت وزارة الخارجية "الجميع إلى التكاتف لمعالجة الأزمة من دول المصدر"، مقترحة جملة من الإجراءات، من بينها تنفيذ مشاريع تنموية للحد من الهجرة. 
ومنذ منتصف العام الماضي، بدأت السلطات الليبية التنسيق مع الأمم المتحدة لترحيل المهاجرين الموجودين في مراكز الإيواء الى بلدانهم. لكن هذه الخطوات بدأت تواجهها عراقيل جديدة، إذ رحّلت السلطات مؤخراً 18 مهاجراً سودانياً إلى بلادهم، فيما احتجت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون المهاجرين على هذه الخطوة، واصفة إياها بـ"القسرية". كما لفتت إلى "اعتقالهم واحتجازهم وطردهم بشكل تعسفي".

المهاجرون المغربيون تحت رحمة مسلحي ليبيا (الأناضول)
قدرة ليبيا تنحصر باعتراض المهاجرين (الأناضول)

في المقابل، يسأل المسؤول في الإدارة العامة للدوريات الصحراوية التابعة لجهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية عز الدين السعداوي: "ماذا قدمت المفوضية للمهاجرين غير رمي إخفاقاتها على أكتاف السلطات الليبية؟ لم نسمع منها نداء للمجتمع الدولي لحل هذا الملف وإنهاء هذه المعاناة".
ويقول السعداوي لـ"العربي الجديد": "لا نرى بيانات المنظمات الدولية إلا بعد حوادث الغرق والكوارث"، لافتاً إلى أنها "لا تتحدث عما فعلته لإنقاذ المهاجرين قبل وصولهم إلى البحر". يضيف أن بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا أكدت وجود 600 ألف مهاجر في ليبيا يعلمون ويقيمون فيها. وطوال السنوات العشر من عمر أزمة المهاجرين في ليبيا، لم نسمع عن برنامج تنموي واحد من قبل هذه المنظمات. كما أن مصير من تنقذهم وتنقلهم الى دول أوروبية غير معروف، وما من ضمانات لعدم استغلالهم في العمالة الرخيصة في تلك البلدان". ويشير إلى أن قدرة ليبيا تنحصر باعتراض المهاجرين وإعادتهم الى مراكز الاحتجاز لتزداد معاناتهم في ظل مخاوف ليبية من توطينهم في ظل الإهمال الدولي، بالإضافة إلى دول المنشأ وتلك التي يلجأون إليها.  

وكان المجلس الرئاسي الليبي قد أعرب عن خشيته من نية بعض الأطراف الدولية توطين المهاجرين السريين في ليبيا، مطالبة بضرورة تضافر جهود المجموعة الدولية لوضع الحلول، ومنها "نقل المعركة ضد تدفق الهجرة من البحر إلى الجنوب للحد من المخاطر". 

المساهمون