أكدت منظمة "كوميتي فور جستس" الحقوقية، اليوم الجمعة، أنّ "الصمت الدولي عن الانتهاكات الحقوقية في مصر؛ وخاصة الحقّ في الحياة، جعل السلطات تتمادى في تنفيذ أحكام الإعدام الجماعية الصادرة عن محاكمات استثنائية افتقرت لأدنى مقومات المحاكمة العادلة المعترف بها دولياً، وسط مبادرات التعاون المشترك مع الاتحاد الأوروبي، والمساعدات العسكرية من الولايات المتحدة".
وبيّنت المنظمة، في بيان لها، أنّ ذلك جاء عقب تنفيذ السلطات المصرية، صباح الثلاثاء الموافق لـ 8 مارس/ آذار 2022، حكم الإعدام الصادر بحق 4 متهمين في القضية رقم 9115 لسنة 2016 كلي جنوب الجيزة، والمعروفة إعلامياً باسم قضية "خلية ميكروباص حلوان"، وهم: عبد الله محمد شكري، محمود محمد عبد التواب، محمود عبد الحميد الجنيدي وأحمد سلامة علي.
كوميتي فور جستس: "إن الصمت الدولي عن الانتهاكات الحقوقية في #مصر؛ وخاصة الحق في الحياة، جعل السلطات تتمادى في تنفيذ أحكام الإعدام الجماعية الصادرة عن محاكمات استثنائية افتقرت لأدنى مقومات المحاكمة العادلة المعترف بها دوليًا"https://t.co/AElbbsxBNK pic.twitter.com/LmEgkomsa2
— Committee For Justice (@cfjusticeorg) March 25, 2022
كما نُفذت أيضاً أحكام بإعدام 3 متهمين في القضية رقم 3455 لسنة 2014 كلي جنوب الجيزة المعروفة بقضية "أجناد مصر الأولى"، صباح يوم 10 مارس/ آذار 2022، وذلك بعد أكثر من عامين على تأييد حكم النقض في 7 مايو/ أيار 2019 على أحكام الإعدام الصادرة بحق 13 متهماً في القضية من محكمة الجنايات في ديسمبر/ كانون الأول 2017. والمنفذ بحقهم حكم الإعدام هم: بلال إبراهيم صبحي فرحات، محمد حسن عز الدين محمد حسن وتاج الدين مؤنس محمد محمد.
ورصدت "كوميتي فور جستس" تنفيذ 105 أحكام بالإعدام، في 23 قضية، خلال السنوات من 2015 إلى 2022.
وأوضحت أنّ قضية "ميكروباص حلوان" شابتها العديد من الانتهاكات ضد المتهمين أثناء التحقيق معهم أو محاكمتهم، ورغم ذلك أيّدت محكمة النقض المصرية أحكام الإعدام والسجن المؤبد الصادرة فيها، إذ رفضت الطعون المقدمة من 18 متهماً؛ منهم الـ 4 متهمين الذين تم تنفيذ أحكام الإعدام الصادرة ضدهم، وانقضاء الدعوى الجنائية لمتهم خامس محكوم عليه بالإعدام أيضاً؛ لوفاته نتيجة تنفيذ حكم إعدام آخر، وتأييد السجن المشدد ضد 14 متهماً آخرين.
وأشارت المنظمة إلى أنّ فريق "مشروع مراقبة العدالة" لديها رصد عدة انتهاكات بالقضية مُصدراً تقريراً بشأنها نُشر عبر منصتها "أرشيف مراقبة العدالة"، والتي كان منها أن جميع المتهمين تم ضبطهم من قبل الأمن الوطني بتواريخ وأماكن مختلفة عن تلك المذكورة في محاضر الضبط المحررة بواسطة ضباط المباحث، وقبل صدور إذن النيابة، وبعضهم قدم تلغرافات تدل على موعد القبض عليه السابق لصدور إذن النيابة.
كذلك ذكر الفريق أنّ المتهمين تعرضوا للاختفاء القسري من تاريخ القبض عليهم حتى تاريخ عرضهم على النيابة العامة، كما أكدوا جميعاً تعرضهم للتعذيب الشديد داخل مقر الأمن الوطني، لانتزاع الاعترافات التي تم تقديمها إلى المحكمة بناءً عليها، وهو ما لم تعره النيابة ولا المحكمة أي انتباه، ولم يتم التحقيق في مزاعم التعذيب تلك.
وأفاد الفريق بأنّ النيابة قامت في أول جلسة للتحقيقات بالتحقيق مع المتهمين دون حضور أي محام للدفاع عنهم، وفي هذا مخالفة لنص المادة 54 دستورية لسنة 2014؛ والتي تنص صراحة على أنه "لا يبدأ التحقيق مع المتهم إلا بحضور محاميه".
وأوضح الفريق أنّ النيابة والمحكمة أغفلتا التحقيق والتحري والتدقيق للاتهامات والوقائع والدفوع المقدمة من المتهمين، وخاصة في وقائع التعذيب، وتواريخ وأماكن القبض عليهم، كما أن بعض الاتهامات الموجهة لهم تمت في أماكن عامة يوجد بها كاميرات مراقبة، ولم يتم إحضارها ولا تفريغها لتحديد الجناة، وبيان وجود المتهمين من عدمه خلال الأحداث.
كذلك أدرجت محكمة الجنايات المنعقدة بغرفة المشورة، في يونيو/ حزيران 2017، المتهمين على قوائم الإرهاب بناءً على الاتهامات فقط، في استباق واضح لأحكام القضاء، وقبل البحث عن الاتهامات ومدى صحتها أو جديتها.
أما بالنسبة لقضية "أجناد مصر"، فكان قد تم إعدام 10 أشخاص منهم بالفعل في أكتوبر/ تشرين الأول 2020، كما تعرض المتهمون فيها أيضا لانتهاكات واسعة عقب القبض عليهم من إخفاء قسري وإكراه مادي ومعنوي على الإدلاء باعترافات، فضلاً عن التحقيق مع متهمين في غياب المحامين.
ودانت "كوميتي فور جستس" تنفيذ السلطات المصرية لأحكام الإعدام تلك باعتبارها منبثقة عن محاكمات انتفت فيها صفة العدالة، كما أنّ استباق الأحكام القضائية وإدراج المتهمين ضمن لائحة الإرهاب، اعتماداً على اتهامات لم يبت فيها دليل بقضية "ميكروباص حلوان"؛ "هو دليل آخر أكيد على أنّ النظام القضائي المصري يفتقر لأدنى مقومات العدالة والشفافية".
كذلك طالبت المنظمة المجتمع الدولي والآليات الأممية بالضغط على السلطات المصرية لوقف تنفيذ أحكام الإعدام الجماعية الصادرة عن محاكم استثنائية لا تتوافر فيها مقومات العدالة المعترف بها دولياً، مشددة على ضرورة وقوف المتهمين أمام قاضيهم الطبيعي، مع ضرورة إعادة المحاكمة وتوفير سبل الانتصاف لعائلات المتهمين الذين تم تنفيذ أحكام الإعدام بحقهم بناءً على تلك المحاكمات.