بدأ اليوم، الإثنين، عمال قطاع الصحة العامة في تنفيذ إضراب جوع واعتصام مفتوح أمام مقر وزارة الصحة بالعاصمة تونس احتجاجاً على تردي وضع المستشفيات الحكومية وأوضاع العاملين فيها.
وأعلن الأعوان المنضوون تحت "التنسيقية الوطنية لأعوان وإطارات الصحة"، إضرابهم على أثر فشل جلسة تفاوض مع الوزارة، الجمعة الماضي، ما دفع أعضاء التنسيقية إلى بدء الاعتصام وإضراب الجوع بمشاركة أكثر من 350 عونا من اختصاصات مختلفة .
وقال الأمين العام لـ"التنسيقية الوطنية لإطارات وأعوان الصحة" شكري المبروكي إن "عدد المشاركين في إضراب الجوع الوحشي توسّع ليبلغ 350 عونا من مجموع 15 ألف منخرط في التنسيقية".
وأكد المبروكي، لـ"العربي الجديد"، أن "التنسيقية وقّعت في فبراير/ شباط الماضي اتفاقا مع وزارة الصحة ينصّ على تحسين ظروف عمل مختلف الأسلاك الصحية في المستشفيات وفتح ملفات الفساد في القطاع، إلى جانب إصدار قوانين أساسية للمهنيين، غير أن بنود الاتفاق لم تنفذ، ما دفع الأعوان إلى الاحتجاج بسياسة الأمعاء الخاوية".
كما تحدّث المبروكي عن "وضع كارثي في المستشفيات الحكومية بسبب نقص الإمكانيات البشرية والمادية، ما أدى إلى انهيار المنظومة وتضرر المرضى الذين فقدوا الحق في النفاذ إلى علاج جيّد"، ثم أضاف: "منذ أكثر من ثلاث سنوات، تجمّد وزارة الصحة مختلف أشكال الانتداب في القطاع الصحي بينما يغادر يوميا عشرات الأعوان من ممرضين وأطباء وتقنيين نحو القطاع الخاص أو للتقاعد، ما خلق فراغا كبيرا في المستشفيات لم تتم تلبيته بإنتدابات جديدة".
وطالب المبروكي بـ"حلّ ملفات الفساد"، مشيرا إلى أن "إصلاح المنظومة يبدأ بكشف المتسترين على تهاوي القطاع الصحي والمفسدين الذين ألحقوا به ضررا كبيرا".
وتابع: "كل شبر في القطاع ينخره الفساد الذي استشرى في إدارة المستشفيات والصيدلية المركزية وشركات صنع الدواء".
من جانبهم، طالب عدد من مساعدي الصحة المعطلين عن العمل بانتدابهم، مؤكّدين أنّ أعدادهم لا تتجاوز 3700 شخص.
ويعاني قطاع الصحة في تونس من تداعيات السياسة التقشفية التي تنتهجها الدولة منذ سنوات بسبب أزمة المالية العمومية، ما أدى إلى تراجع الخدمات في المؤسسات الصحية وهجرة آلاف الأطباء.
وأكدت دراسة نشرتها منضمة بوصلة (مدنية)، في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، أن سياسة التقشف التي اعتمدتها تونس في العقد السابق تسببت بإضعاف هياكل الصحة العمومية وتعميق الفوارق الجهوية بين مختلف مناطق البلاد، حيث يمكن رصد انخفاض عدد المستشفيات الإقليمية العامة من 33 إلى 31، بينما لم يتم تشييد سوى مستشفى جهوي وحيد و58 مركزاً صحياً أساسياً رغم أن الطاقة الاستيعابية للمستشفيات شهدت ارتفاعا بنسبة 6 بالمائة بين عامي 2017 و2019.
وبحسب الدراسة ذاتها، تعاني منظومة الرعاية الصحية في تونس من عديد المشاكل الأخرى، مثل عدم التواصل مع المرضى الذين غالبا ما يشعرون بعدم احترام لكرامتهم عند طلب الرعاية في القطاع الحكومي.
وأوصت الدراسة بضرورة تخصيص المزيد من الموارد لقطاع الرعاية الصحية العام من خلال تخصيص عائدات ضريبة المستهلك (رسوم الاستهلاك) مباشرة لفائدة الرعاية الصحية، وفرض هذه الضريبة على المنتجات الضارة بالصحة والبيئة، داعية إلى تخصيص ما لا يقل عن 15 بالمائة من الميزانية الوطنية للرعاية الصحية العامة.
كما تكشف دراسة حول ديموغرافيا الطب في تونس صدرت عام 2019 عن وزارة الصحة أن القطاع سيتأثر خلال السنوات العشر القادمة بموجات تقاعد الأطباء في القطاع الحكومي.