أقفلت، اليوم الثلاثاء، المحلات والدوائر الحكومية ومؤسسات التعليم أبوابها في مدينة جرجيس التونسية، استجابة لقرار الإضراب العام الذي ينفذ احتجاجا على تعاطي السلطات مع ملف غرق مركب مهاجرين كان قد انطلق من سواحل المنطقة في 21 سبتمبر/ أيلول الماضي، وأسفر الحادث عن وفاة كل ركابه، من بينهم نحو 10 أشخاص ما زالوا في عداد المفقودين.
وتجمع المحتجون في وسط المدينة لمساندة أهالي الضحايا وتعبيرا عن حالة الغضب المسيطرة على المدينة منذ أكثر من ثلاثة أسابيع. كما قادت المنظمات الوطنية وجمعية البحارة المسيرات الغاضبة رافعة شعار "الشعب يريد كشف الحقيقة".
سالم الأبيض: شبهات جرائم تحوم حول دفن ضحايا المركب بطريقة غامضة ودون احترام للترتيبات القانونية
وقال عضو البرلمان المنحل والوزير الأسبق سالم الأبيض، وهو من المنطقة، إن "السلطة مطالبة بالتدخل بشكل محايد عبر أجهزتها لكشف الحقيقة واحتواء حالة الغضب التي تسيطر على الأهالي منذ أكثر من ثلاثة أسابيع".
وتحدث الأبيض في تصريح لـ"العربي الجديد"، عن "شبهات جرائم تحوم حول دفن ضحايا المركب بطريقة غامضة ودون احترام للترتيبات القانونية إلى جانب وجود شبهات أخرى عن إغراق المركب".
ودعا الأبيض إلى "فتح تحقيق مركزي تشرف عليه كل من فرقة الحرس الوطني بـ"العوينة" وفرقة مكافحة الجرائم بـ"القرجاني" في شبهات جريمة مركب جرجيس"، معتبرا أن "هاتين الفرقتين الأمنيتين تمتلكان القدرات لتفكيك لغز المركز وكشف الحقيقة كاملة".
كما طالب سالم الأبيض بـ"تحميل المسؤوليات على مستوى محلي لكل من تورّط في تضليل الأهالي وتستر على جريمة دفن الضحايا دون إخضاعهم للتحليل الجيني"، معتبرا أن "كشف الحقيقة سيحتوي غضب الأهالي ويخمد نار الأمهات المكلومات" .
وقال كاتب عام الاتحاد المحلي بجرجيس هادي المحيمدي إن "الإضراب العام يوجه رسالة من الأهالي المطالبين بكشف حقيقة غرق المركب ودفن الضحايا المنتشلين من البحر دون التحقق من هوياتهم".
وأكد المحيمدي في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن "الإضراب العام سيكون له ما بعده من تحركات أخرى للدفع نحو حوار وفتح تحقيقات جدية في ما حصل في المدينة وملف الهجرة عموما".
وكان رئيس الجمهورية قيس سعيد قد طلب، في لقاء جمعه أمس الاثنين برئيسة الحكومة نجلاء بودن، بضرورة تحميل كل طرف مسؤولياته كاملة، معتبرا أن "الهجرة غير النظامية ما كان لها أن تكون أو تتحول إلى ظاهرة إلا نتيجة حيتان البرّ الذين لا شغل لهم إلا التنكيل بالشعب والقضاء على كل أمل في حياة كريمة في وطنهم"، بحسب ما ورد في بلاغ نشر على الصفحة الرسمية للرئاسة.
وأكد رئيس الجمهورية "على أن كل تقصير سيتحمل تبعاته كل من لم يقم بواجبه على الوجه المطلوب".
بدورها، قالت والدة المفقود محمد عزيز عبد الكريم لـ"العربي الجديد"، إن "شبهات تحوم حول وجود باقي جثث المفقودين في برادات مستشفيات المحافظات المجاورة، حيث تتعمد السلطات إخفاءها بعدما جرى انتشالها وجمعها من البحر في الأيام الأولى التي تلت الحادثة"، وتساءلت عن "أسباب تكتم السلطات المحلية عن وجود الجثث إذا لم تكن هناك حقائق تريد طمسها أو إخفاءها".