أعلنت إدارة جامعة بيرزيت، شماليّ رام الله، وسط الضفة الغربية، فتح أبوابها اعتباراً من صباح اليوم السبت، على أن يُستأنَف الدوام والعملية التعليمية الاثنين المقبل، لإتمام ما بقي من الفصل الدراسي والبدء بامتحانات نهاية الفصل. يأتي ذلك إثر التوصل إلى اتفاق مع الكتل الطلابية التي كانت تعتصم داخل الجامعة.
وأعلنت الجامعة في بيان لها أنّ الاتفاق الذي وُقِّع مع الكتل الطلابية قد اشتمل على التزام احترام أنظمة وقوانين ومدونة السلوك الخاصة بالجامعة، وتأكيد حق الطلبة الدائم في النشاط الطلابي والنقابي والوطني، وضمان الإبقاء على الجامعة مفتوحة تحت جميع الظروف واللجوء إلى الحوار لحلّ أي خلاف.
ويأتي هذا الاتفاق إثر تقديم القائم بعميد شؤون الطلبة، عنان الأتيرة، استقالتها الخميس الماضي، حيث كان مطلب إقالتها من المطالب الأساسية للكتل الطلابية، ودار حوار بعد موافقة الجامعة على الاستقالة؛ حتى ساعة متأخرة من الليلة الماضية، حتى جرى التوصل إلى اتفاق مستند إلى مبادرة أساتذة وموظفين في الجامعة كانوا قد قدموها خلال الفترة الماضية.
في المقابل، أعلن الطلبة خلال مؤتمر صحافي عقدوه داخل الجامعة في ساعات الفجر الأولى من اليوم السبت، فتح أبواب الجامعة أمام الإداريين والأكاديميين وانتظام الدوام للطلبة الثلاثاء المقبل، وقال منسّق حركة الشبيبة الطلابية، الذراع الطلابية لحركة فتح، ليث لدادوة، إنّ الحركة الطلابية تعلي راية النصر بعد 32 يوماً من الاعتصام داخل الجامعة.
وأعلن منسّق الكتلة الإسلامية، الذراع الطلابية لحركة حماس، نادر عويضات، الاستجابة لمطالب الكتل الطلابية، باستقالة القائم بأعمال عميد شؤون الطلبة عنان الأتيرة، التي أرادت كما قال، تحويل ممثلي الكتل الطلابية، وبينهم الأسير في سجون الاحتلال، إسماعيل البرغوثي، إلى لجنة نظام، "فأقيلت من لجنة نظام أقامتها الحركة الطلابية"، حسب وصفه، وإقالة الناطق باسم الجامعة غسان الخطيب من منصبه كناطق رسمي، ومنعه من التحدث أو النشر في أي شأن يخصّ الجامعة والحركة الطلابية، وتقديم اعتذار رسمي.
لكن الاتفاق الذي وقعته الجامعة والكتل بضمان نقابة وأساتذة وموظفي الجامعة، شمل قيام نائب رئيس الجامعة لشؤون التنمية والاتصال غسان الخطيب، بتوضيح قصده وموقفه مما نشره على صفحته الشخصية ومجمل التصريحات الإعلامية التي رافقت الأزمة، بصيغة تشير للتعبير عن أسفه لمن أساء فهمه وقصده أو شعر بالإساءة، ولم يتطرق الاتفاق إلى إقالته.
وعلم "العربي الجديد" بوجود اتفاق شفوي بأن لا يقوم الخطيب بمهمة الناطق باسم جامعة بيرزيت، مع بقائه في منصبه كنائب لرئيس الجامعة للتنمية والاتصال، وانتظار نتائج لجنة التحقيق التي ستبحث أيضاً تصريحاته ومنشوراته.
وشمل الاتفاق في محور ضمان حقوق الطلبة، نقاطاً عديدة، أهمها ضمان حرية العمل السياسي والنقابي لجميع مكونات الحركة الطلابية، وضمان إجراء انتخابات مجلس الطلبة بموعدها مهما كانت الظروف، وتأكيد الجامعة موقفها الرافض للاعتقال السياسي وتوفير المساندة القانونية الفاعلة للطلبة، والتزام الجامعة إنفاذ الاتفاقات السابقة مع الحركة الطلابية، وتوفير الظروف المناسبة لعمل الكتل الطلابية وغيرها من الأمور الأكاديمية والمالية والنقابية.
فيما اشتمل محور انتظام العمل الأكاديمي والإداري في الجامعة على حلّ أي خلافات ضمن أطر الجامعة حسب قانونها وأنظمتها، واعتبار الحوار الطريق الأمثل لحل الخلافات داخل الجامعة، مع الحرص على إبقاء الجامعة بكل مرافقها ومبانيها مفتوحة، وضمان حق الطلبة في الاحتجاج بما لا يتعارض مع القوانين والأنظمة، وضمان استقلالية القرار في الجامعة والحفاظ على التعددية فيها.
وحول ضمان عدم تكرار الأزمة، جاء في الاتفاق قرار تشكيل لجنة تقصي حقائق لبحث ودراسة حيثيات وأسباب الأزمة، والعمل على إعادة هيكلة عمادة شؤون الطلبة (التي كانت تترأسها الأتيرة)، بما يتلاءم مع التغيرات في حجم وبنية الجامعة بالتشاور والتشارك مع الحركة الطلابية.
وأورد الاتفاق ضرورة قيام مكتب العلاقات العامة في الجامعة والمتحدثون باسمها بتحري الدقة بالتواصل الإعلامي في ما يتعلق بقضايا الجامعة والرأي العام وفق السياقات الوطنية التي تحرص الجامعة على مراعاتها.
وقال منسق كتلة الوحدة الديمقراطية، الذراع الطلابية للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، خلال مؤتمر الحركة الطلابية، إنه لن يكون هناك دخول مباشر في الامتحانات النهائية، بل سيأخذ الطلبة فرصة ومدة كافية لإنهاء امتحاناتهم السابقة غير المكتملة وتسليم التقارير.
وبهذا تحلّ أزمة أخذت في التأزم منذ بدايات شهر يناير/ كانون الثاني الماضي، بعد تحويل منسق الكتلة الإسلامية، إسماعيل البرغوثي، ومنسق القطب الطلابي الديمقراطي التقدمي، الذراع الطلابية للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، محمد فقها، وممثّل آخر عن القطب، وهو أحمد الخاروف، إلى لجنة نظام خاصة، على إثر فعاليات إحياء ذكرى انطلاقة كلّ من حركة حماس والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وما ترافق مع ذلك من تنظيم مسيرات بلباس عسكري تقمصاً للمسيرات العسكرية لفصائل المقاومة الفلسطينية، إضافة إلى تحطيم الطلبة بوابة إحدى القاعات لإقامة انطلاقة حركة حماس بعد أن كانت الجامعة قد أعلنت منع النشاطات داخل القاعات المغلقة بسبب إجراءات فيروس كورونا، وكل ذلك على وقع اقتحام قوات الاحتلال للجامعة صباح 14 ديسمبر/كانون الأول 2021، ومصادرة أعلام ورايات حماس والجبهة الشعبية ومجسمات كرتونية لصواريخ، وإنزال علم فلسطين من ساريته داخل الجامعة.
وكانت مطالب الكتل الطلابية، في حينه، اتخاذ إدارة ومجلس أمناء الجامعة إجراءات تجاه الأتيرة، التي قامت بتصرفات مجحفة وغير مسؤولة تجاه الحركة الطلابية، وطالبوا باعتذار غسان الخطيب عن تصريحات ومنشور على فيسبوك اعتبره الطلبة تشبيهاً لأفعال الطلبة (كسر بوابة إحدى القاعات) باقتحام قوات الاحتلال للجامعة، حيث أغلقت الحركات الطلابية دون مشاركة من الشبيبة الطلابية أبواب الجامعة لعدة أيام بداية الشهر الماضي.
ووصلت الأزمة ذروتها بعد اقتحام قوات الاحتلال لمدخل الجامعة في 10 يناير/ كانون الثاني الماضي، واعتقال الطلاب، إسماعيل البرغوثي ومحمد الخطيب، ووليد حرازنة وقسام نخلة وعبد الحافظ الشرباتي قبل الإفراج عن ثلاثة منهم، وهو ما أدى إلى إعلان كل الحركات الطلابية، بما فيها الشبيبة، الاعتصام داخل الجامعة وإغلاق أبوابها.
وسبق أن شغلت عنان الأتيرة التي عيّنت في منصبها مطلع العام الدراسي الحالي، منصب نائب محافظ نابلس شماليّ الضفة الغربية، ما يمنح طلب إقالتها بعداً سياسياً يرتبط بمواجهة السلطة الفلسطينية، باعتبار أنّ "أداءها يندرج في إطار محاولات للهيمنة على المنحى العام لإدارة الجامعة"، كما تقول بعض الكتل الطلابية.