تكشف مصادر محلية في قطاع غزة لـ"العربي الجديد" أن وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) عرقلت أخيراً إدخال قوافل مساعدات إلى القطاع، وعمليات توزيعها على المحتاجين والنازحين في أنحاء القطاع، وذلك بعد تفتيش هذه القوافل في معبر العوجا الإسرائيلي، علماً أن الاحتلال كان قد قرر زيادة عدد الشاحنات التي تمرّ يومياً عبر معبر رفح البري.
وتوضح المصادر أن الوكالة تتحجج بعدم قدرتها على استقبال عدد كبير من الشاحنات قد يراوح بين 60 إلى 100 شاحنة يومياً، لأن موظفيها لا يمكن أن يعملوا بعد الساعة السادسة مساءً، خوفاً على حياتهم، في ظل تواصل القصف الإسرائيلي للقطاع ليلاً نهاراً، ووجود معبر رفح في منطقة حدودية بين مصر وغزة وأراضي الاحتلال.
وتؤكد المصادر أن حجج "أونروا" أثارت غضباً كبيراً في غزة، في ظل الحاجة الماسة لإدخال مساعدات في شكل عاجل وفوري من أجل سدّ الاحتياجات الكبيرة للنازحين والجرحى، مع استمرار الحرب الإسرائيلية التي زادت النكسات الإنسانية، والمرتبطة في الأصل بالحصار الإسرائيلي المفروض منذ سنوات على القطاع.
وتطالب المصادر كل الجهات المعنية بالشؤون الإنسانية، وفي مقدمها "أونروا"، بالتدخل لمعالجة التقصير في إدخال مساعدات الأدوية والوقود والماء والطعام إلى غزة، بعدما وافق الاحتلال على زيادة العدد اليومي للشاحنات.
ويقول المتحدث الإعلامي في الجانب الفلسطيني من معبر رفح، وائل أبو محسن، لـ"العربي الجديد": "لا تزال عشرات الشاحنات موجودة داخل الساحة القطرية في معبر رفح البري، بعدما انسحبت طواقم "أونروا" الثلاثاء بذريعة أن الوقت تأخر، وأن عدد شاحناتها المتوافرة لا يكفي لتنفيذ مهمات النقل إلى داخل غزة. وهكذا يبدو جلياً أن أونروا تستخدم حججاً واهية لعرقلة إدخال مساعدات إلى غزة عبر معبر رفح، وتعرقل الترتيبات اللوجستية الخاصة بإنجاز هذا الأمر".
ويوضح أبو محسن أن "إدخال المساعدات إلى غزة بدأ في 21 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، وشمل حتى الثلاثاء الماضي 240 شاحنة حملت أدوية ومياهاً ومواد غذائية فقط".
من جهته، يقول مسؤول الإعلام الحكومي في غزة، سلامة معروف، لـ"العربي الجديد"، إنه "لا مبرر لتخلي أونروا عن مسؤولياتها شماليّ قطاع غزة، واقتصار عملها على الجنوب، وتعمّدها أيضاً إبطاء إدخال الشاحنات وتأخيره".
يضيف: "يحتاج الوضع الإنساني السيّئ في قطاع غزة إلى تضافر جهود كل المؤسسات الأممية للحيلولة دون ازدياد الكارثة التي تحصل في القطاع بسبب الحرب الإسرائيلية، والحصار المفروض عليه، وليس العكس، من خلال تقصير أي مؤسسة في أداء عملها خلال الأزمات".
ويؤكد أن "قطاع غزة يحتاج إلى زيادة عدد شاحنات المساعدات الإنسانية والطبية في أسرع وقت، وإدخالها إلى كل مناطق قطاع غزة، وليس مناطق الجنوب فقط، ولا سيما في ظل وجود أعداد كبيرة من المصابين في مستشفيات غزة وشمالها، وأيضاً عشرات الآلاف من النازحين في مراكز الإيواء شماليّ قطاع غزة الذين تخلت عنهم الأونروا بحجة وجود أوامر إسرائيلية بإخلاء هذه المناطق".
والأحد الماضي اقتحم آلاف من سكان غزة مخازن الأمم المتحدة للحصول على طحين ومواد أخرى. ووُجد أحد هذه المخازن في منطقة دير البلح وسط قطاع غزة، حيث تخزن "أونروا" الإمدادات التي تحملها قوافل المساعدات الإنسانية القادمة من مصر إلى غزة.
ولم توزع "أونروا" الطحين على المخابز الأحد، وزودت كل نازح بليتر واحد من المياه الصالحة للشرب، فيما يبلغ معدل المياه الذي يحفظ الحياة، بحسب معايير الاستجابة الإنسانية، ثلاثة ليترات يومياً.
وكان ستيفان دوجاريك، المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، قد قال إن "استهداف العاملين في مجال المساعدات الإنسانية خلال النزاعات أمر لا يمكن قبوله"، مشيراً إلى أن 66 منهم فقدوا حياتهم في غزة منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.
أضاف: "العاملون في المجال الإنساني هم دائماً في الخطوط الأمامية في كل الصراعات الدائرة حول العالم، وأعدادهم قد تكون أعلى بكثير في بعض المناطق مقارنة بمناطق أخرى". ولفت إلى "وجود نحو 13 ألف عامل في مجال الإغاثة الإنسانية في غزة، معظمهم فلسطينيون يحاولون مساعدة الناس الذين يعيشون في ظروف صعبة جداً، ويبذلون كل ما في وسعهم لمساعدة الأهالي".