اشتكت المحامية الحقوقية والناشطة الاشتراكية ماهينور المصري، من تعنّت السلطات المصرية في تعطيل استصدار جواز سفر جديد لها بدل المسحوب منها من قبل السلطات منذ عام 2018.
وتنصّ المادة 62 من الدستور المصري على أنّ حرية التنقل، والإقامة، والهجرة مكفولة، ولا يجوز إبعاد أي مواطن عن إقليم الدولة، ولا منعه من العودة إليه. ولا يكون منعه من مغادرة إقليم الدولة، أو فرض الإقامة الجبرية عليه، أو حظر الإقامة في جهة معينة عليه، إلا بأمر قضائي مسبب ولمدة محددة، وفي الأحوال المبينة فى القانون".
ونتيجة لاستمرار التعنت في تعطيل حصولها على جواز سفر جديد، قررت المصري، إرسال تلغراف إلى وزير الداخلية وإدارة الجوازات والهجرة والجنسية بطلب حقها في استلام جواز سفر جديد، على أن تواصل السعي في المسلك القضائي لحين الحصول على حقها، أو يكفيها شرف محاولة المطالبة به.
نيابة أمن الدولة العليا، كانت قد أخلت سبيل خمسة مدافعين عن حقوق الإنسان، من بينهم ماهينور المصري، في يوليو/تموز من العام الماضي 2021، حيث كانوا جميعا قيد الحبس الاحتياطي لفترات زمنية متفاوتة على ذمة قضايا مختلفة، وواجه جميعهم لائحة الاتهامات المتكررة نفسها، وأبرزها، الانضمام إلى جماعة إرهابية مع العلم بأغراضها، نشر أخبار وبيانات كاذبة وإساءة استخدام إحدى وسائل التواصل لتنفيذ جريمته.
وظلت ماهينور مقيّدة الحركة والسفر رغم إخلاء سبيلها منذ نحو عام وحتى الآن.
حملة ممنهجة ضد المعارضين
المنع من السفر والتنقل، يعد أحد أبرز الحملات الأمنية والقضائية التي تستهدف المدافعين عن حقوق الإنسان والمنظمات الحقوقية المستقلة في مصر منذ عدة أعوام، سواء بالمنع من السفر أو الإدراج على قوائم الإرهاب، أو باقي أدوات تضييق الخناق على عمل المدافعين عن حقوق الإنسان.
وحسب تقرير صادر عن مؤسسة حرية الفكر والتعبير، في سبتمبر/أيلول 2021، يعد المنع من السفر واحدا من أنماط الانتهاكات التي تستخدمها السلطات المصرية للتضييق على حركة وحرية العديد من الأفراد ذوي الآراء والمواقف المناهضة لبعض أو كل السياسات الحكومية بعد الثالث من يوليو/تموز 2013، بالمخالفة لنص المادة 62 من الدستور المصري والذي ينص على حرية المواطنين في التنقل، وعدم التعدي عليها إلا بأمر قضائي مسبب ولمدة محددة. كما تتعارض أغلبية قرارات المنع من السفر مع نص المادة 54 من الدستور والتي تلزم السلطات المصرية في حالة أي قرارات تحد من حرية الأفراد أن يكون القرار بأمر قضائي مسبب يستلزمه التحقيق، كما يجب أن يبلغ كل من تقيد حريته بتلك الأسباب.
وبالإضافة إلى استخدام المنع من السفر للتنكيل بنشطاء سياسيين وقيادات أحزاب معارضة وباحثين مصريين بالخارج، قالت المؤسسة إن السلطات المصرية تستخدمه لتقييد حركة وحرية المدافعين عن حقوق الإنسان في إطار توجه الحكومة إلى التضييق المستمر على عمل منظمات حقوق الإنسان المستقلة.
ورصدت مؤسسة حرية الفكر والتعبير منع ما لا يقل عن 25 مدافعا عن حقوق الإنسان على الأقل خلال السنوات الست الماضية. واستخدمت السلطات المصرية لذلك عدة طرق، منها: المنع من السفر على خلفية قرار من قاضي التحقيقات في القضية رقم 173 لسنة 2011 والمعروفة إعلاميّا بقضية التمويلات الأجنبية والذي يعد أحد أكثر الطرق استخداما لمنع المدافعين من السفر وقيادات المنظمات الحقوقية المستقلة من السفر، ورصدت المؤسسة منع ما لا يقل عن 17 مدافعا على الأقل بناءً على قرار من قاضي التحقيقات في القضية.
وصدرت تلك القرارات دون استدعاء أغلبية الذين تعرضوا للمنع من السفر للتحقيق كما لم تكن محددة المدة ولا يزال أغلبيتهم قيد المنع من السفر لما يقارب 6 سنوات.
ومن بين أبرز الأسماء التي تعرضت لمثل تلك القرارات، المدير التنفيذي للمبادرة المصرية للحقوق الشخصية حسام بهجت، مدير الشبكة العربية لحقوق الإنسان، جمال عيد، مدير مكتب القاهرة بمركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان محمد زارع، ومديرة مركز النديم لتأهيل ضحايا العنف والتعذيب، عايدة سيف الدولة وعدد آخر من قيادات وباحثي المنظمات الحقوقية المستقلة.
كما رصدت مؤسسة حرية الفكر والتعبير، قيام السلطات المصرية بمنع مسؤولين بالمنظمات الحقوقية المستقلة من السفر دون إبداء أي أسباب أو تسليم الممنوعين من السفر أي قرارات رسمية تفيد بمنعهم من السفر، وهو ما تعرض له المدير التنفيذي للمفوضية المصرية للحقوق والحريات، محمد لطفي والذي فوجئ بمنعه من السفر من قبل أجهزة أمن مطار القاهرة الدولي أثناء سفره إلى العاصمة الألمانية برلين في يونيو/حزيران من عام 2015 لإلقاء خطاب أمام البرلمان الألماني حول وضع حقوق الإنسان في مصر بدعوة من حزب الخضر الألماني، قبل أن يتم توقيفه من قبل أجهزة أمن مطار القاهرة بدعوى وجود اسمه على قوائم الممنوعين من السفر دون إعلامه بأسباب ذلك القرار أو الجهة التي تقف خلفه.
كما تعرض عدد من المدافعين للمنع من السفر كنتيجة لإدراجهم على قوائم الإرهاب بقرار من محكمة الجنايات بناءً على تحريات يقوم بها جهاز الأمن الوطني، ويعد مدير مركز عدالة محمد الباقر واحدا من مسؤولي المنظمات الحقوقية الذي صدر قرار بمنعه من السفر كنتيجة لإدراجه على قوائم الإرهاب.