ارتفعت حصيلة ضحايا الفيضانات في السودان منذ بدء موسم الأمطار في البلاد إلى 89 قتيلاً، فيما واصلت الأمطار الغزيرة إغراق القرى في أنحاء الدولة الواقعة شرق أفريقيا.
وقال المتحدث باسم المجلس القومي للدفاع المدني السوداني العميد عبد الجليل عبد الرحيم إن 36 شخصاً على الأقل أصيبوا منذ مايو/أيار الماضي، مشيراً إلى أن عدد المنازل التي دمرت بشكل كامل تجاوز 18200 منزل في جميع أنحاء البلاد، بينما تضرر ما لا يقل عن 25600 منزل بشكل جزئي.
وتشير إحصائيات الأمم المتحدة إلى تضرر أكثر من 146200 شخص من جراء الفيضانات. وأظهرت لقطات بثتها وسائل الإعلام المحلية ارتفاع منسوب المياه في القرى التي غمرتها الفيضانات. وأعلنت السلطات حالة الطوارئ في ست ولايات من أصل 18 ولاية بالبلاد.
ووفقاً لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، كان إقليم دارفور الغربي وولايات نهر النيل والنيل الأبيض وغرب كردفان وجنوب كردفان الأكثر تضرراً. وتعاني وكالات الأمم المتحدة من نقص كبير في التمويل. وقال مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية إن المانحين قدموا حوالي 608 ملايين دولار لتلبية الاحتياجات الإنسانية في السودان هذا العام، أقل من ثلث ما هو مطلوب لهذا العام.
ويبدأ موسم الأمطار في السودان عادة في يونيو/حزيران ويستمر حتى نهاية سبتمبر/أيلول، وتبلغ الفيضانات ذروتها في أغسطس/آب وسبتمبر/أيلول. وشهد العام الماضي مقتل أكثر من 80 سودانياً في حوادث مرتبطة بالفيضانات خلال موسم الأمطار.
وينهمك السوداني محمد التيجاني في التنقيب وسط كومة أنقاض كانت في السابق منزله قبل أن تدمره السيول في قرية المكايلاب، بحثاً عن أغراض يمكنه إنقاذها. ويسعى لاستعادة أي شيء من منزله المنهار قبل أن ينتقل إلى مكان آخر يعيش فيه مع زوجته الحامل وطفله في القرية الواقعة بولاية نهر النيل في شمال السودان، على بعد 400 كيلومتر من الخرطوم.
وفي غضون ساعات قليلة، دمّرت الفيضانات الناتجة عن الأمطار الغزيرة منزل التيجاني (53 عاماً)، الذي استغرق بناؤه سنوات، ويقول: "كان مثل يوم القيامة. لم نشهد أمطاراً وسيولاً كهذه منذ سنوات".
وتأتي أزمة السيول في وقت يعاني فيه السودان، أحد أفقر بلدان العالم العربي والغارق في أزمات سياسية واقتصادية منذ سقوط الرئيس السابق عمر البشير عام 2019، من اضطرابات مستمرة منذ الانقلاب العسكري الذي حصل في 25 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
وكان متوسط عدد الأشخاص المتضررين كل سنة بين 2017 و2021 يبلغ 388.600 متضرر. وأكثر الولايات تأثراً بالفيضانات هي نهر النيل في شمال البلاد وكسلا في الشرق وجنوب كردفان وجنوب دارفور في الغرب.
ومنذ بداية موسم الأمطار المدمّر، تقطّعت السبل بآلاف الأسر السودانية بحثاً عن مأوى. وشوهد قرويون في قرية المكايلاب يحاولون إنقاذ بعض من ممتلكاتهم أو استعادة أجزاء من أثاث محطم. ويقول حيدر عبد الرحمن، الذي كان يجلس على كومة من الركام كانت تشكل منزله قبل الكارثة: "نحاول العثور على أي شيء، ولكن كلّ شيء دمّر تماماً"، يتابع: "يخشى الناس أن تجلب مياه الأمطار الغزيرة العقارب والثعابين".
ويعرب سيف الدين سليمان (62 عاماً)، عن المخاوف نفسها، ويقول: "الناس في حاجة ماسة لمساعدات لمكافحة الحشرات والبعوض"، ويحذّر من أن برك المياه الراكدة التي تتسبب بها فيضانات الأنهر "تزيد من خطورة حصول أمراض، مثل الكوليرا أو الإسهال أو الملاريا"، ويشير إلى أن سبب "الفيضانات غير المسبوقة مرتبط بالتغير المناخي".
من جهته، يؤكد مسؤول وزارة الصحة ياسر هاشم أن الوضع "حتى الآن تحت السيطرة"، مضيفاً أنه من بين ثلاثة آلاف شخص يسكنون المكايلاب، "نستقبل يومياً ما بين ست إلى سبع حالات إسهال". وأطلقت السلطات "حملة رشّ لمكافحة البعوض". ويخشى كثيرون من أن تكون الكوارث التي حصلت مجرد بداية.
(أسوشييتد برس، فرانس برس)