بدأ عشرات آلاف الحجاج، اليوم الجمعة، في مغادرة مدينة مكّة المكرّمة بعدما أتمّوا مناسك الحجّ، في أجواء شديدة الحرارة. وشارك أكثر من 1.8 مليون حاج من أكثر من 160 دولة هذا العام في موسم الحجّ، أحد أركان الإسلام الخمسة، وأحد أكبر التجمّعات الدينية في العالم. ويُعَدّ هذا أكبر موسم حجّ منذ جائحة كورونا التي أجبرت السلطات السعودية على الحدّ من أعداد الحجّاج لثلاثة أعوام.
واليوم الجمعة، أتمّ عشرات الآلاف من الحجّاج اليوم الثالث من شعيرة رمي الجمرات في منى، قبل أن يستقلوا حافلات نحو المسجد الحرام في مكّة لأداء طواف الوداع.
وفيما كان ينتظر وسط آلاف الحجاج لإلقاء الجمرات في أجواء حارة وخانقة، قال السائق التونسي محمد البشير لوكالة فرانس برس: "أنا سعيد جداً لانتهائي من أداء الحجّ بسلامة"، قبل أن يصبّ الماء على رفيقَيه لتخفيف أثر الحرارة عليهما.
وفاضت شوارع مكّة بحافلات تقلّ آلاف الحجاج المغادرين، فيما ترجّل آخرون تحت مظلات ملوّنة للوقاية من الشمس والحرارة التي بلغت 44 درجة مئوية اليوم.
وشهد الحجّ في الأعوام السابقة حوادث مميتة، من بينها عمليات تدافع واحتجاجات مسلّحة، لكنّ شدّة الحرارة شكّلت التحدّي الأكبر هذا العام. وقد أُصيب أكثر من ألفَي شخص بإجهاد حراري هذا العام حتى الآن، بحسب ما أعلنت السلطات الصحية السعودية، بعدما بلغت درجات الحرارة 48 درجة مئوية خلال ذروة أداء المناسك يوم الثلاثاء الماضي. ومن المرجّح أن يكون عدد المصابين بالإجهاد الحراري أعلى بكثير، إذ لا يتوجّه كلّ المصابين إلى المستشفيات والمراكز والفرق الطبية العديدة التي نشرتها السعودية في أرجاء منطقة الحجّ.
أمّا عدد الوفيات بين الحجّاج هذا العام، فبلغ 240 وفاة على الأقلّ، بحسب الأرقام التي أفاد بها مسؤولون في بلدان عدّة، من دون أن يقدّم هؤلاء الأسباب المباشرة للوفيات أو يربطوها مباشرة بموجة الحرّ الشديد. ولم تُسجَّل أيّ حوادث تُذكر هذا العام.
ومنذ عام 2017، يحلّ موسم الحج في أشهر أغسطس/ آب ويوليو/ تموز ويونيو/ حزيران التي تُعَدّ الأكثر حرّاً في السعودية ومنطقة الخليج. يُذكر أنّ الرياض تمنع العمل في الهواء الطلق من الساعة 12 ظهراً وحتى الساعة الثالثة من بعد الظهر، ابتداءً من 15 يونيو ولمدّة ثلاثة أشهر.
وكان خبراء قد حذّروا من أنّ درجات الحرارة القصوى في الصيف التي تصل إلى 50 درجة مئوية قد تتحوّل إلى أمر متكرّر في سائر فترات العام في الخليج. وفي عام 2021، حذّرت لجنة تابعة للأمم المتحدة معنيّة بالتغيّر المناخي من أنّ الخليج قد يصير مكاناً غير ملائم للحياة بحلول نهاية القرن الحالي بسبب شدّة الحرارة.
تجدر الإشارة إلى أنّ الحجّ يشكّل مصدر دخل رئيسي للسعودية. وتُقدَّر إيرادات المناسك والعمرة والزيارات الدينية الأخرى على مدار العام بنحو 12 مليار دولار أميركي سنوياً. وقد أعرب أصحاب الأعمال في مكّة عن سعادتهم بعودة الحجّ إلى طبيعته، وهو ما عوّضهم عن الخسائر الفادحة التي تكبّدوها في الأعوام الثلاثة الماضية.
(فرانس برس)