الأردنيون في سجن حرارة الصيف

02 اغسطس 2024
لا يجوز العمل تحت أشعة الشمس المباشرة (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- **تأثير ارتفاع درجات الحرارة على الحياة اليومية في الأردن**: تغيرت عادات السكان لتجنب حرارة الظهيرة، وأصبحت المناسبات الاجتماعية تُقام في المساء، وزاد الطلب على مكيفات الهواء رغم تكلفتها العالية.

- **التغير المناخي وتأثيره على الإنتاجية والصحة**: يؤثر التغير المناخي سلباً على الإنتاجية اليومية والصحة، خاصة لمن يعملون تحت أشعة الشمس، مما يزيد من حالات الإرهاق والتعب.

- **سجلات درجات الحرارة القياسية وتوقعات المستقبل**: شهد الأردن درجات حرارة قياسية في الصيف، وتتوقع تقارير استمرار ارتفاعها حتى عام 2027، مما قد يؤدي إلى ظواهر مناخية متطرفة.

يؤكد أردنيون كثيرون أن درجات الحرارة أصبحت مرتفعة جداً ولا تطاق في فصل الصيف خلال السنوات الأخيرة. وتغيّرت ساعات الخروج خصوصاً في الظهيرة، وأخّر السكان المناسبات الاجتماعية إلى المساء، كما ألغوا الزيارات غير الضرورية.

غيّرت درجات الحرارة المرتفعة التي شهدها الأردن هذا الصيف أولويات السكان، وتركت آثارها على عادات الزيارات الاجتماعية ومواعيدها، وعلى ساعات العمل أيضاً، إذ أصبحت البيئة عاملاً مهماً في تحديد برامج الأردنيين خلال الصيف بسبب التغيّرات الكبيرة في درجات الحرارة مقارنة بالعقود السابقة حين كانت توصف حرارة الصيف بأنها "معتدلة ولطيفة".

يقول سعد المناصير لـ"العربي الجديد": "غيّرت درجات الحرارة المرتفعة جداً ولا تطاق، الأولويات في السنوات الأخيرة، وبات شراء مكيّف من بين الأولويات وليس ترفاً أو من الكماليات بسبب الظروف الجوية".
يتابع: "لا تستطيع غالبية الأسر الأردنية دفع التكلفة المادية العالية، فسعر مكيّف لا يقل عن 280 ديناراً (400 دولار)، ويترافق مع ارتفاع فواتير الكهرباء. الطبيعة تضيّق ظروف الحياة على الأردنيين كما تفعل الحكومة، وهم لا حول لهم ولا قوة".
ويقول محمد الحامد لـ"العربي الجديد": "العام الحالي حارّ جداً، وتتتالى موجات الحرّ منذ يونيو/حزيران الماضي، وأصبح المكوث في شقة تخلو من مكيّف صعباً، فالأجواء شديدة الحرارة تدفع الجميع إلى ملازمة البيوت أو الخروج إلى مناطق مفتوحة تتمتع بجو معتدل".
يتابع: "لا يخرج الناس من بيوتهم إلا في حالات الضرورة أو بعد المغرب، وأصبح الذهاب إلى مسابح في مزارع من أولويات الأردنيين في الصيف". ويشير إلى أن "من يعملون تحت أشعة الشمس المباشرة هم الأكثر معاناة".
ويرى رئيس جمعية تنمية الإنسان والبيئة الدكتور أحمد الشريدة، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن "ارتفاع درجات الحرارة في الأردن ودول العالم نتاج رئيسي للتغيّر المناخي، ويؤثر على الحياة اليومية للناس، فدرجات الحرارة العالية تقلل من قدرة الناس على الإنتاج، خاصة من يعملون مباشرة تحت أشعة الشمس، فهم يبذلون جهوداً كبيرة تؤثر في الأداء، وهكذا يضطرون أحياناً إلى التوقف عن العمل بسبب الإرهاق والتعب".

تدفع الأجواء الحارة الشديدة الأردنيين إلى ملازمة البيوت (ليث الجنيدي/ الأناضول)
تدفع الأجواء الحارة الشديدة الأردنيين إلى ملازمة البيوت (ليث الجنيدي/الأناضول)

ويشير إلى أن ارتفاع درجة حرارة الجو أكثر من درجة حرارة جسم الإنسان، وهي 37.2، يعطي انطباعاً بالطاقة السلبية ويؤثر في مختلف وظائف الجسم، سواء الحيوية أو الإدراكية والتذكيرية، وهنا يشعر الإنسان بالضيق، خاصة عندما تكون موجة الحرّ طويلة، وأنه سجين في بيته بسبب حالة الطقس، فهو ضمن سجن البيئة الكبير. وينصح لمواجهة ارتفاع درجات الحرارة بتنفيذ حملات توعية لجميع السكان لمنعهم من العبث بالطبيعة. ليست الموجات الحرارية استثنائية في العالم الذي يمر بهذه الأوضاع، ويجب التأقلم مع الارتفاع المطّرد لدرجات الحرارة من خلال التوعية الإعلامية والصحية.
ويشدد الشريدة على ضرورة التكيف مع الارتفاع الحادّ في درجات الحرارة عبر عدم السفر والتنقل إلى المناطق الحارة، وعدم الخروج في ساعات الذروة عند الظهيرة، وبالتالي التعرض إلى ضربات شمس وأمراض تتعلق بدرجات الحرارة التي تؤثر على وظائف الجسم. وبحسب قانون العمل لا يجوز العمل تحت أشعة الشمس المباشرة في أوقات محددة خاصة أثناء ذروة موجات الحرّ".
ويوضح مدير إدارة الأرصاد الجوية رائد رافد آل خطاب، في حديثه لـ"العربي الجديد" أن "درجات الحرارة كانت في غالبية أيام يوليو/تموز الماضي أعلى من معدلاتها بين درجة وأربع درجات مئوية، فيما كان يونيو/حزيران الأكثر حرارة منذ 100 عام". يتابع: "توقعت تقارير مراقبة المناخ العالمي التي أصدرتها منظمة الأرصاد العالمية أن تزيد معدلات الحرارة حتى عام 2027، وأن إحدى السنوات ستكون الأعلى على الإطلاق، ما يؤدي إلى تغيّر مناخي يرتبط بظواهر متطرفة". ويشير إلى أن "التحليلات الجوية للصيف الحالي التي تعتمدها إدارات الأرصاد الجوية ترجح أن تكون درجات الحرارة أعلى من معدلاتها العامة في أغسطس/آب وسبتمبر/أيلول المقبلين، وأن يمتد الصيف حتى بداية نوفمبر/تشرين الثاني المقبل بسبب التغير المناخي. والأردن جزء من العالم، والتغيّرات يمكن أن تؤثر عليه كما العالم".

ويوضح أيضاً أن يونيو/حزيران، الماضي شهد منذ بدايته حتى نهايته درجات حرارة أعلى من معدلاتها اليومية العامة بنحو ثلاث وعشر درجات مئوية، بسبب تأثر المملكة بكتل هوائية حارّة وجافة ترافق المنخفض الموسمي الحراري، ما أدى إلى ارتفاع ملموس في درجات الحرارة. وكانت أعلى درجة حرارة سجلتها محطة رصد مطار عمان المدني في 15 يونيو/الماضي 40.8، وهذا رقم قياسي جديد في السجل المناخي ليونيو. أما محطة رصد مطار الملكة علياء الدولي فسجلت أعلى درجة حرارة في العاصمة عمان في 14 يونيو، وبلغت 41.5 درجة مئوية.
وعلى مستوى المملكة سجلت محطة رصد مطار الملك حسين الدولي في مدينة العقبة أعلى درجة حرارة بلغت 47.8 في 14يونيو، وهذا رقم قياسي جديد لسجل المناخ في يونيو.
وبحسب آل خطاب تشير السجلات المناخية في بنك المعلومات المناخية الوطني لدى إدارة الأرصاد الجوية، والذي يعود إلى أكثر من 100 عام، إلى أن المعدل الشهري لدرجة الحرارة في مطار عمان المدني ليونيو 2024 تجاوز رقمه القياسي السابق بمقدار 2.5 درجة مئوية والذي سجل عام 2012، وبلغ 33.7 درجة مئوية.