فقد كوكب الأرض عام 2022 مساحة من الغابات الاستوائية البكر تعادل مساحة سويسرا أو هولندا، في ظل دمار كبير لحق بأنظمة بيئية بدائية لاستخدامها من أجل الزراعة وتربية المواشي، بحسب تحليل بيانات ملتقطة بواسطة الأقمار الاصطناعية نُشر الثلاثاء.
ويعادل ذلك فقدان ما يوازي مساحة ملعب كرة قدم من الأشجار الاستوائية المقطوعة أو المحروقة كل خمس ثوانٍ، ليلاً أو نهاراً خلال العام الماضي، في ازدياد بنسبة 10% مقارنة بعام 2021، بحسب خلاصات نشرها معهد الموارد العالمية (WRI) ومقره واشنطن.
وسجلت منصته المتخصصة في مراقبة إزالة الغابات عبر الأقمار الصناعية، "غلوبال فورست ووتش" (Global Forest Watch (GFW، في عام 2022 تدمير أكثر من 4.1 ملايين هكتار من الغابات الأولية الاستوائية، وهي مساحات طبيعية بالغة الأهمية للتنوع البيولوجي على كوكب الأرض ولتخزين الكربون.
New #TreeCoverLoss report @globalforests:
— F Rodriguez-Sanchez (@frod_san) June 27, 2023
>4 million hectares of tropical primary forest lost in 2022 = losing 11 football fields of forest per minute.
This produced 2.7 Gt of CO2, equivalent to India's annual fossil fuel emissionshttps://t.co/4SDuFP5Ez3 pic.twitter.com/B7xUDbSAU3
ما أكثر البلدان تضرراً من فقدان الغابات؟
وأكثر البلدان تضرراً في هذا المجال هي البرازيل، حيث تمثل المنطقة المدمرة 43% من الخسائر العالمية على هذا الصعيد، وتليها جمهورية الكونغو الديمقراطية (13%)، وبوليفيا (9%).
وقالت مديرة منصة "غلوبال فورست ووتش" ميكايلا فيس، خلال مؤتمر صحافي: "نحن نفقد واحدة من أكثر أدواتنا فعالية لمكافحة تغير المناخ وحماية التنوع البيولوجي، ودعم صحة وسبل عيش الملايين من الناس"، مضيفة: "منذ مطلع قرننا، نشهد نزيفاً في بعض أهم الأنظمة البيئية للغابات على هذا الكوكب، على الرغم من سنوات من الجهود لعكس هذا الاتجاه".
وأطلقت الغابات الاستوائية الأولية التي دُمّرت في عام 2022، 2.7 مليار طن من ثاني أكسيد الكربون، ما يعادل الانبعاثات السنوية للهند، الدولة الأكثر تعداداً بالسكان في العالم، وفق معهد الموارد العالمي الذي أشرف على هذا التقرير.
أطلقت الغابات الاستوائية الأولية التي دُمّرت في عام 2022، 2.7 مليار طن من ثاني أكسيد الكربون
ويستمر بالتالي تدمير الغابات بصورة متسارعة، على رغم الالتزامات التي قُطعت في قمة "كوب 26" في غلاسكو عام 2021 من قادة العالم الرئيسيين.
على مستوى الكوكب، امتص الغطاء النباتي والتربة وحدهما ما يقرب من 30% من انبعاثات الكربون منذ عام 1960، لكن هذه الانبعاثات زادت بمقدار النصف، ويعتمد حوالى 1.6 مليار شخص، نصفهم تقريباً من السكان الأصليين، بشكل مباشر على موارد الغابات لكسب عيشهم.
في البرازيل، تفاقمت مشكلة إزالة الغابات بشكل مطرد، خلال رئاسة جايير بولسونارو (2019-2023)، إذ زادت بنسبة 15% إضافية في عام واحد، وفق التقرير السنوي الصادر عن GFW.
ففي عهد بولسونارو، غضت الإدارة البرازيلية الطرف عن إزالة الغابات بشكل غير قانوني، وأضعفت حقوق السكان الأصليين، وتراجعت عن الكثير من التزاماتها على صعيد السياسات البيئية للبلاد.
وتعهد خليفته، الرئيس لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، الذي أدى اليمين في يناير/كانون الثاني الماضي، بإنهاء تدمير منطقة الأمازون البرازيلية بحلول عام 2030. ومع ذلك، يعتقد الخبراء بأنه سيتعين عليه التغلب على تحديات جمّة لتحقيق ذلك.
هل يتحول حوض الأمازون إلى سافانا؟
يخشى العلماء من أن حوض الأمازون، الذي ضربه تغير المناخ وإزالة الغابات، سيتحول في النهاية إلى سافانا. ومن شأن هذا التحول أن يؤدي إلى اضطراب عميق في الأحوال الجوية في أميركا الجنوبية وسائر أنحاء الكوكب.
ويجري تخزين حوالى 90 مليار طن من ثاني أكسيد الكربون في الأشجار والتربة في غابات الأمازون المطيرة، أي ضعف الانبعاثات العالمية السنوية.
وحذر الخبير في معهد الموارد العالمية فرانسيس سيمور من أن "إيقاف وعكس مسار خسارة الغابات هو أحد أكثر الطرق فعالية من حيث التكلفة للتخفيف من (الوضع) الذي نعيشه اليوم".
تباطؤ تدمير الغابات في إندونيسيا
في جمهورية الكونغو الديمقراطية، دُمّر أكثر من نصف مليون هكتار من الغابات في عام 2022، وفق التقرير. ويعود السبب الرئيسي في ذلك إلى الزراعة وإنتاج الفحم الحيوي للأسر، حيث تفتقر 80% منها للتيار الكهربائي.
وقد وقّعت جمهورية الكونغو الديمقراطية في عام 2021 صفقة بقيمة نصف مليار دولار لحماية الغابات المطيرة في حوض الكونغو. ولكن جرى تقويضها من خلال مناقصة أخيرة لتصاريح استخراج للنفط والغاز أطلقتها السلطات.
في المرتبة الثالثة من التصنيف، فشلت بوليفيا في خفض معدل إزالة الغابات فيها، والذي زاد بنسبة 32% مقارنة بعام 2021.
وقال التقرير إن "غالبية الخسائر حدثت في المناطق المحمية التي تغطي آخر بقع من الغابات الأولية في البلاد"، ولفت الباحثون إلى أن إنتاج الكاكاو وتعدين الذهب والحرائق هي الأسباب الرئيسية لهذا الوضع.
في إندونيسيا، من ناحية أخرى، تباطأ تدمير الغابات للعام الخامس على التوالي. وشهد الأرخبيل، المسؤول عن 5% من الخسائر العالمية على هذا الصعيد في عام 2021، تراجعاً في المساحات الحرجية المقطوعة إلى أقل من الربع منذ عام 2016.
في المراكز العشرة الأولى من ترتيب عام 2022، تأتي بعد ذلك بيرو (3,9% من إزالة الغابات العالمية)، وكولومبيا (3,1%)، ولاوس (2,3%)، والكاميرون (1,9%)، وبابوا غينيا الجديدة (1,8%)، وماليزيا (1.7%).
(فرانس برس)