الأطفال ضحايا الفيضانات في أفغانستان

كابول
avata
صبغة الله صابر
صحافي باكستاني؛ مراسل "العربي الجديد" في مناطق أفغانستان وباكستان.
22 مايو 2024
فيضانات أفغانستان.. مئات الضحايا وآلاف المفقودين جلّهم من الأطفال
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- أفغانستان تعرضت لفيضانات مدمرة بين 10 و20 مايو، أثرت على ولايات بغلان، غور، تخار، وفارياب، مما أسفر عن تضرر 6-7 آلاف عائلة ووفاة 68 شخصًا، مع توقعات بارتفاع العدد.
- "يونيسف" و"أنقذوا الطفولة" أشارتا إلى تأثير الفيضانات على الأطفال، بمقتل 51 طفلاً في بغلان وتضرر 40 ألف طفل، مع استجابة اليونيسف بإرسال مساعدات.
- شهادات الناجين تكشف عن الأثر النفسي والجسدي للفيضانات، مع تأكيد على الحاجة الماسة للمساعدات الإنسانية والرعاية النفسية لمساعدة الأطفال والعائلات على التعافي.

بين 10 و20 مايو/ أيار الجاري، شهدت مناطق في أفغانستان فيضانات جارفة غمرت مناطق شاسعة في عدد من الولايات، وخصوصاً ولايات بغلان وغور وتخار وفارياب، وتضررت على إثرها آلاف الأسر (تضاربت التقارير بشأنها، ويفيد بعضها بأنها تتراوح ما بين ستة آلاف وسبعة آلاف عائلة). وتؤكد وزارة مواجهة الكوارث والأزمات في حكومة طالبان، أن عدد ضحايا فيضانات المناطق الشمالية ارتفع إلى 68 قتيلاً، 50 منهم في ولاية غور و18 في ولاية فارياب، إضافة إلى أعداد كبيرة من المفقودين نظراً لصعوبة عمليات البحث والإنقاذ، ما يشير إلى أن حصيلة الضحايا قد ترتفع خلال الأيام القادمة، على غرار ما جرى في فيضانات ولاية بغلان، في العاشر من الشهر الحالي، والتي خلفت أكثر من 337 وفاة.

وتفيد منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسف" بأن عدد القتلى الأطفال في إقليم بغلان وحده الذي ضربته الفيضانات في العاشر من الشهر الجاري، وصل إلى 51 طفلا. وتضرر إثر الفيضانات آلاف الأطفال بحسب جمعية "أنقذوا الطفولة" (Save the children)، وقد خسر 40 ألف طفل منازلهم.
وأرسلت اليونيسف 450 مجموعة مستلزمات عائلية، و500 مجموعة مستلزمات نظافة، و476 بطانية للبالغين والأطفال، و100 مجموعة من الملابس التي ستكمل الدعم المقدم من وكالات الأمم المتحدة الأخرى وشركائها. وقال ممثل اليونيسف في أفغانستان، الدكتور تاج الدين أويوالي: "أدت الأمطار الغزيرة والفيضانات اللاحقة إلى تعطيل الحياة كما أنها تشكل خطراً كبيراً على الأطفال في الولايات المتضررة". 
وتقول المصادر القبلية والمتطوعون العاملون في مجال الإغاثة وعمليات الإنقاذ، لـ "العربي الجديد"، إنّ "عدد القتلى والمتضررين من الأطفال أكثر من المعلن عنه، وما من إحصائية دقيقة لأسباب عدة، أهمها أن المؤسسات المعنية بالأطفال باتت ضعيفة بعد سيطرة حركة طالبان على الحكم. بالتالي، فإن إحصاء جميع الأرقام صعب، كما أن الأفغان لا يهتمون كثيراً بالتسجيل. من هنا، فإن تلك الأرقام تبقى أولية، وهناك تطور كبير في سير الأحداث، وخصوصاً أن عشرات الأطفال لا يزالون في عداد المفقودين".

متضرران من الفيضانات في بغلان (محمد ياسين/ فرانس برس)
متضرران من الفيضانات في بغلان (محمد ياسين/ فرانس برس)

ويقول محمد عدنان، وهو أحد سكان إقليم بغلان الجديد، والذي فقد ثلاثة من أبنائه، إنه لم يسجل حالات الوفاة لدى أية جهة. ويوضح في حديثه لـ "العربي الجديد": "كنت خارج المنزل. اتصلت بي زوجتي وكان صوتها يرتجف. انقطع الاتصال فهرعت إلى القرية علماً أنني كنت بعيداً. وحين وصلت إلى منطقة قريبة، وجدت أن المنازل كلها غارقة في المياه. عشت صدمة كبيرة ولم أكن أصدق ما أرى. الناس كانت تبحث عن ذويها بينما رحت أبحث عن أولادي وزوجتي. وجدت زوجتي وولدين في منزل أحد الأقرباء، فيما توفي ثلاثة، وعثرت على جثامينهم في اليوم التالي".
يتابع عدنان: "ساعدني الكثير من الناس. لا يزال أثاث البيت موجوداً بالإضافة إلى الدواء والطعام، لكنني خسرت أولادي، فيما يعاني ابني الصغير (ثلاثة أشهر) التهاباً في الصدر ويبكي طوال الليل. كان قد سحبه الناس من المياه برفقة والدته. أخذته مرات عدة إلى المستشفى الميداني القريب لكن الدواء لم ينفع. أما ابنتي، فتصرخ في الليل وهي نائمة. وباتت تخاف من كل شيء بسبب الصدمة التي تعرضت لها. الجميع في حالة صدمة، ويحتاجون إلى الوقت قبل استئناف حياتهم في ظل هذا الواقع المأساوي".
من جهتها، تقول نسرين (38 عاماً) من مديرية بوركه في ولاية بغلان، الموجودة في المستشفى المركزي في الولاية       
مع ابنتها التي كسرت ساقها وظهرها بعدما سقط عليها سقف المنزل، لـ "العربي الجديد"، إنها لم تتوقع أن تتغير أحوالها بهذه السرعة. "خسرنا كل شيء. خسرنا ما جمعته أنا وزوجي على مدى سنوات في غضون ساعتين. زوجي في حالة صدمة، ولا أدري إن كان يمكنه أن يتجاوز هذه الأزمة أم لا. أنا مضطرة للبقاء مع ابنتي ولا أستطيع مساعدة زوجي المريض".
تضيف أن الأطباء نصحوها بأخذ ابنتها إلى كابول كونها مجهزة وتضم متخصصين، وخصوصاً أنها قد تحتاج إلى إجراء عملية في ظهرها. "لكنني هنا بعيدة عن أهلي، باستثناء شقيقي وعائلته الذين خسروا كل شيء بدورهم. ما زلت مترددة في الذهاب إلى كابول، علماً أن الأطباء يصرون على الذهاب. نحن أسرة فقيرة. زوجي فلاح ونعتمد على الزراعة. من الصعب جداً تأمين المال للذهاب إلى كابول وإجراء العملية".

إلى ذلك، يقول الطبيب الأفغاني الذي يعمل متطوعاً في ولاية غور التي ضربتها الفيضانات يوم الجمعة الماضي، وقبلها ولاية بغلان، لـ "العربي الجديد"، إن حالة الأطفال في المناطق المنكوبة يرثى لها، وهم أكثر من تأثروا جراء الفيضانات. كما أن نسبة الإصابات بين الأطفال مرتفعة، عدا عن التأثيرات النفسية. يضيف: "عندما ترى حال الأطفال تحزن جداً، وهناك من أصيب بالحمى وغير ذلك، وبعضهم يعجز عن الكلام. رأيت طفلة في الرابعة من عمرها وقد تعرضت لكسر في يدها والأنف، لكنها كانت صبورة جداً وقادرة على الضحك. الأطفال بحاجة إلى مساعدات عاجلة في الوقت الحالي، منها المياه ومستلزمات الإيواء والملابس. وهناك خشية من تفشي الأمراض. من هنا، هناك حاجة ماسة لتوفير بعض الاحتياجات الأولية". ويوضح أنه على المدى البعيد، يحتاج هؤلاء الأطفال إلى الرعاية وخصوصاً الرعاية النفسية بسبب ما رأوه. فالمياه أغرقت المنازل. هناك حاجة ملحة لتوفير العلاج النفسي للأطفال لفترات طويلة".

ذات صلة

الصورة
تسببت السيول والفيضانات في السودان في انهيار سد أربعات، 25 أغسطس 2024 (فرانس برس)

مجتمع

أعلنت السلطات السودانية، مساء الاثنين، ارتفاع عدد قتلى السيول والفيضانات التي تشهدها البلاد منذ أسابيع إلى 132 شخصاً في في 10 ولايات.
الصورة
تتكرر الفيضانات في اليمن (محمد حمود/ Getty)

مجتمع

يواجه اليمنيون مأساة تلو الأخرى، وكان آخرها السيول والفيضانات التي اجتاحت محافظة الحديدة وخلفت قتلى وأضراراً كبيرة.
الصورة
السيول شردت النازحين (فرانس برس)

مجتمع

تزيد الأمطار الغزيرة والسيول والفيضانات آلام السودانيين المنكوبين أصلاً في ظل الحرب المستمرة منذ إبريل/ نيسان 2023 والنزوح واللجوء.
الصورة
أمطار غزيرة تضرب سلطنة عمان 15 أبريل 2024 (وكالة الانباء العمانية/إكس)

مجتمع

أعلنت اللجنة الوطنية لإدارة الطوارئ في سلطنة عُمان، اليوم الثلاثاء، عن مصرع ما لا يقل عن 18 شخصاً بسبب الأمطار الغزيرة التي تشهدها البلاد خلال الأيام الأخيرة