قال مارك لوكوك، منسق الشؤون الإنسانية والإغاثة للأمم المتحدة في حالة الطوارئ، إن البلدان الأضعف في العالم معرضة أكثر من غيرها لعدم الاستقرار السياسي والانهيار الاقتصادي والتفتت الاجتماعي، كما أنها معرضة بشكل استثنائي لتداعيات التغييرات البيئية.
وجاءت تصريحات لوكوك خلال اجتماع عقد عن بعد على هامش اجتماعات الجمعية العامة رفيعة المستوى في نيويورك. وتمحور الاجتماع حول الأثر الذي تتركه مجموعة من العوامل المشتركة، وهي المخاطر المناخية والبيئة والنزاعات على الإنسان.
ولفت لوكوك الانتباه إلى أن الأمم المتحدة عملت، وقدمت خطط استجابة إنسانية العام الماضي في 13 دولة من بين الدول العشرين الموجودة على قائمة الدول الأكثر عرضة لتبعات التغيير المناخي.
وقال إن أغلبها يعاني كذلك من العنف أو عدم الاستقرار أو الصراع المسلح. وقال إن الصراعات، وتغير المناخ، والاضطهاد التي يشهدها العالم أدت إلى نزوح 85 مليون شخص بشكل قسري. وأضاف: "للكثيرين منهم الجوع حقيقة يعيشونها بشكل يومي".
ولفت الانتباه إلى أن سبعاً من بين أسوأ ثماني أزمات جوع في العالم مدفوعة في الواقع باجتماع عاملين: الصراع وصدمات المناخ.
وتوقع أن يتضاعف عدد الأشخاص الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي بسبب جائحة كورونا حول العالم. وقال إن شبح المجاعة يلوح في الأفق حالياً في أربع مناطق في العالم، وهي جنوب السودان واليمن وجمهورية الكونغو الديمقراطية وأجزاء من الساحل.
الصدمات المناخية والبيئية من الممكن أن تكون بحد ذاتها أحد الأسباب التي تغذي العنف والصراع
وتحدث لوكوك عن أن الصدمات المناخية والبيئية من الممكن أن تكون بحد ذاتها أحد الأسباب التي تغذي العنف والصراع. وخلص إلى أن تلك التفاعلات يمكن أن تتحرك في مختلف الاتجاهات، وتظهر حين تؤدي المنافسة على الحصول على الموارد النادرة إلى تصاعد التوترات. وأشار إلى أن العكس كذلك ممكن أن يحدث، أي أن يؤثر سلوك الأطراف المتحاربة بشكل مباشر على البيئة.
ونوه إلى أن هذه العوامل المجتمعة، ودورة الصراع والعنف والصدمة المناخية والمخاطر البيئية والاحتياجات الإنسانية، موجودة الآن في العديد من البلدان حيث تعمل المنظمات الإنسانية. واستشهد بدراسة لمعهد الاقتصاد والسلام، والتي تشير إلى ثلاث مناطق حول العالم معرضة لخطر استمرار عدم الاستقرار بسبب التهديدات البيئية، وهي منطقة الساحل وحزام القرن من موريتانيا إلى الصومال، وحزام الجنوب الأفريقي من أنغولا إلى مدغشقر، والشرق الأوسط وآسيا الوسطى من سورية إلى باكستان.
وأشار لوكوك إلى توقعات لخبراء مفادها أن حدة هذه المشكلات ستزداد مع ازدياد وتيرة الأزمات البيئية وحدتها، مما سيضاعف من تفاقم الاحتياجات الإنسانية التي تشهد ارتفاعاً أصلاً. ولفت الانتباه إلى أن بعض المحللين يتوقعون أنه وفي حال استمرت هذه التوجهات فإن قرابة المليار شخص يمكن أن يشردوا بحلول منتصف القرن، بسبب الكوارث البيئية والصراعات. وتوقّع أن يصل الطلب على الغذاء والماء، في بعض المناطق وخلال العقود القادمة، إلى مستويات قريبة من تلك التي تشهدها مناطق الأزمات، مما يعني أن بلداً واحداً من كل خمسة بلدان سيعاني من انعدام الأمن الغذائي الكارثي، وأكثر من ثلث البلدان حول العالم، ستكون على وشك مواجهة ضغط مائي كارثي، مما يعني أن تلك الدول لن يكون لديها ما يكفي من الماء لتلبية احتياجاتها.
وقال لوكوك إنه ما زال بإمكان العالم أن يتدارك ذلك للحيلولة دون تحقق هذه السيناريوهات، وأشار إلى عدد من الخطوات التي يمكن اتخاذها، من بينها الإجراءات المبكرة التي وصفها بأنها تنقذ الأرواح والمال.
واستطرد قائلاً إنه يمكن بالفعل التنبؤ بالعديد من الأحداث المتعلقة بالمناخ، وأماكن حدوثها، ومن هي الشرائح الاجتماعية الأكثر عرضة للمخاطر، وأي المناطق.
وخلص إلى أن ذلك يعني أنه يمكن وبشكل استباقي تقديم تمويل ومساعدة محددة ومسبقة، قبل وقوع خطر مناخي وشيك، وتمويل الإجراءات الاستباقية. ثم تحدث عن ضرورة زيادة التمويل، ومساعدة الدول الأكثر عرضة لتبعات التغيرات المناخية، بغية التكيف بشكل أفضل وزيادة قدرتها على تحمل الصدمات المناخية.
كذلك لفت لوكوك الانتباه إلى دعوة الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، المتعلقة باغتنام فرصة أزمة كورونا من أجل البناء بشكل أفضل من خلال الاستثمار في التعافي الاقتصادي الأخضر، كمفتاح لمعالجة البطالة المتزايدة وعدم المساواة والتدهور البيئي.