يجول عدد من المسيرات الاحتجاجية اليومية شوارع الولايات المتحدة، للتعبير عن رفض ما يحصل في قطاع غزة، إلا أنها تكتسي أيضاً أبعاداً سياسية واجتماعية، خاصة وأن الكثير من الأميركيين من أصول أفريقية يعتبرون ما يحصل في غزة تذكيراً بما مروا به من انتهاكات لحقوقهم وعنف وتمييز عنصري.
معاناة متجددة
تاريخياً، عانى الأميركيون الأفارقة من المعاملة العنصرية، ولا تزال صور جورج فلويد، الذي قُتل على يد الشرطة في العام 2020، عالقة في أذهان الكثير منهم، وحتى قبله، فإن صور وفاة الشباب من أصول أفريقية في شوارع الولايات المتحدة تشبه إلى حد كبير ما يحصل في الأراضي الفلسطينية من قتل وتنكيل، واعتداءات مستمرة.
بحسب تقرير لصحيفة نيويورك تايمز، اليوم الثلاثاء، فقد أصبحت القضية الفلسطينية في الولايات المتحدة متشابكة بشكل وثيق مع سعي الأميركيين من أصل أفريقي للحصول على الحقوق المدنية.
From Ferguson to Gaza: How African Americans Bonded With Palestinian Activists via @NYTimes https://t.co/ksNral1ROt
— Patrick Riccards (@Eduflack) February 6, 2024
يقول الكثير من الأميركيين الأفارقة الذين يدعمون الحقوق الفلسطينية وفقاً لما نقلته الصحيفة: "إنهم ينظرون إلى القضية الفلسطينية في سياق التجربة الأميركية الأفريقية، باعتبارها تهجيرًا وقمعًا وحرمانًا لمجموعة أقلية".
خلال الحرب الإسرائيلية المستمرة على قطاع غزة، تحدث كتاب عديدون؛ قادة ومشاهير أميركيون من أصول أفريقية، عن دعمهم للفلسطينيين، حتى أن نواباً في الكونغرس الأميركي أعلنوا تضامنهم في الكابيتول من خلال الوقفات التضامنية، رافضين ما يحصل في قطاع غزة، فيما وصفت النائبة كوري بوش وهي ناشطة سابقة في حركة حياة السود مهمة، الهجمات الإسرائيلية على غزة، بأنها جريمة حرب. كما تقدمت بمشروع قرار يدعو إلى وقف إطلاق النار، إلى جانب رشيدة طليب، ممثلة عن ولاية ميشيغان، وهي ديمقراطية ومن أصل فلسطيني.
وجد استطلاع للرأي أجري في الفترة من 20 إلى 25 أكتوبر/تشرين الأول، وفق تقرير لمركز كارنيغي للسلام الدولي، أن 43 في المائة من الأميركيين من أصول أفريقية يؤيدون شكلاً من أشكال وقف إطلاق النار في غزة، بينما يعتقد 24% أنه لا ينبغي للولايات المتحدة أن تشارك في الحرب الإسرائيلية.
سيناريو متكرر
وبحسب المصدر نفسه، فقد بدأت ساندرا تماري، فلسطينية أميركية، بمراقبة التشابه بين ما يحصل في الولايات المتحدة من تعدٍّ على حقوق الأميركيين من أصول سوداء، وبين ما يقع في الأراضي الفلسطينية.
نعت تماري، قبل سنوات، مايكل براون الذي قتل في منطقة فيرغسون على يد الشرطة، وعاد المشهد إلى ذهنها من جديد، بعد وفاة محمد أبو خضير في القدس الذي يبلغ من العمر 16 عاماً. إذ تم اختطافه وضربه وحرقه حتى الموت على يد مراهقين إسرائيليين. وكان الحادث جزءاً من دائرة العنف التي بلغت ذروتها في حرب 2014 في غزة والتي أسفرت عن مقتل أكثر من 70 إسرائيلياً وأكثر من 2200 فلسطيني. بالنسبة لها، فقد الشابان حياتهما، بسبب العنصرية، وأعمال العنف.
انضمت تماري وزوجها، بالإضافة الى نحو 15 عضوًا من لجنة "سانت لويس للتضامن مع فلسطين"، إلى عدد كبير من الاحتجاجات التي خرجت في الولايات المتحدة للتنديد بمقتل براون وغيره، فيما أمسك زوجها حينها بقطعة قماش بيضاء وصنع لافتة كتب عليها: "فلسطين تقف مع فيرغسون".
تغيير الاستراتيجية
بحسب مايكل فيشباخ، مؤلف كتاب "القوة السوداء وفلسطين: بلدان ملونة عابرة للحدود الوطنية"، فقد أدى الصراع الإسرائيلي إلى تقسيم نضال السود من أجل الحرية. في صيف عام 1967، أصدرت لجنة التنسيق الطلابية اللاعنفية الأميركية، رسالة إخبارية انتقدت فيها إسرائيل والصهيونية كحركة "الاستيلاء على الأراضي والمنازل المملوكة للعرب". وأثارت الرسالة غضب اليهود الأميركيين ووضعت جماعات الحقوق المدنية التقليدية في موقف حرج، إلا أنه ومنذ ذلك الوقت، بدأت الحركات التي يقودها السود في الولايات المتحدة باتخاذ موقف أكثر تقارباً وتجانساً مع الفلسطينيين. إذ بدأ دعم الأميركيين السود للقضية الفلسطينية يأخذ طابعاً مختلفاً ومنحازاً إلى الفلسطينيين، وقد أدت جولات العنف الأخيرة في الشرق الأوسط إلى تعميق العلاقات بين الأميركيين والفلسطينيين.
ما شهدته الولايات المتحدة في العام 2020 غيّر بشكل أكبر الرأي العام الأسود بشأن القضية الفلسطينية. لقد جادلوا بأن مقتل جورج فلويد والانقسامات العنصرية التي تلت ذلك أوضحت التضامن بين الأميركيين السود والفلسطينيين في كفاحهم من أجل المساواة وضد القوة المفرطة من قبل أفراد الأمن، بحسب ما أظهره تقرير لمركز كارنيغي للسلام الدولي.