بعد تأجيل لمدّة يومَين، يترقّب الأميركيون بقلق قرار المحكمة العليا بشأن قضية أقراص الإجهاض المستخدمة على نطاق واسع في الولايات المتحدة الأميركية، والتي أضحت محور معركة قضائية معقّدة مذ أصدر قاضٍ فدرالي قراراً مثيراً للجدال يقضي بحظرها.
وأمام أعلى هيئة قضائية أميركية فترة، تنتهي منتصف ليل اليوم الجمعة بالتوقيت المحلي، لاتّخاذ قرارها في أهمّ قضية متعلّقة بالإجهاض منذ إلغائها في العام الماضي الحقّ الدستوري في الإجهاض.
وكان من المقرّر أن تصدر المحكمة الأميركية العليا التي يهيمن عليها المحافظون قرارها بحلول أوّل من أمس الأربعاء، إلا أنّها مدّدت تجميد قرارات أصدرتها محكمة ابتدائية يومَين إضافيّيَن، في انتظار اتّخاذ القرار بشأن الخطوة التالية، علماً اّن الحكم قد يصدر بطرق عدّة.
ويسود قلق شديد أوساط الناشطين المدافعين عن الحقّ في الإجهاض وكذلك هؤلاء المعارضين له، إلى جانب ملايين الأميركيين، إلى حين معرفة كيفية سير الأمور.
وبدأ المسلسل القضائي المتعلّق بأقراص الإجهاض في السابع من إبريل/ نيسان الجاري في الولايات المتحدة الأميركية، عندما سحب قاضٍ فدرالي في تكساس، بناءً على شكوى قدّمها ناشطون مناهضون للإجهاض، ترخيص تسويق عقار "ميفيبريستون" الممنوح من قبل إدارة الغذاء والدواء الأميركية (إف دي إيه). وبناءً على طعن في القرار، قضت محكمة استئناف بوقف هذا الحظر، لكنّها فرضت قيوداً مشدّدة على إمكانية حصول النساء على هذه الأقراص، لتُحال القضية بعد ذلك إلى المحكمة الأميركية العليا التي يهيمن عليها المحافظون بغالبية ستّة قضاة مقابل ثلاثة.
ويمكن للمحكمة الأميركية العليا أن تمدّد قرار المحكمة الابتدائية في انتظار البتّ في استئناف قدّمته وزارة العدل وكذلك مختبرات "دانكو" مصنّعة عقار "ميفيبريستون". وفي إمكانها كذلك أن تسمح بتطبيق القرارات التي تمنع الحصول على أقراص الإجهاض، في انتظار البتّ في الاستئناف. وقد تقرّر أيضاً الاستماع إلى المرافعات في القضية نفسها بشكل معجّل.
يُذكر أنّه منذ إلغاء المحكمة العليا في الولايات المتحدة القرار التاريخي "رو ضدّ ويد" الذي يكرّس الحقّ الدستوري في الإجهاض، حظرت 13 ولاية الإجهاض فيما أُلغيت تسهيلات متعلقة بذلك في ولايات أخرى.
وتقود هذه المعركة القضائية وزارة العدل المعارضة للحملة ضدّ أقراص الإجهاض، موضحة أنّ قرار القاضي الفيدرالي استند إلى "تقييم مضلّل جداً" لسلامة تناول تلك الأقراص. ويُستخدم عقار "ميفيبريستون" إلى جانب دواء آخر في الأسابيع العشر الأولى للحمل، علماً أنّ نساءً لجأنَ إليه في أكثر من نصف حالات الإجهاض الطوعي في الولايات المتحدة الأميركية.
ولهذا الدواء سجلّ طويل من السلامة بحسب داعميه، وبحسب تقديرات إدارة الغذاء والدواء، فإنّ 5.6 ملايين امرأة في البلاد استخدمنه منذ حصوله على الترخيص في سبتمبر/ أيلول من عام 2000.
وبينما جمّدت محكمة الاستئناف الحظر المفروض على عقار "ميفيبريستون"، حدّت من استخدامه بعد الأسبوع السابع من الحمل بدلاً من الأسبوع العاشر، وحظرت إرساله عن طريق البريد.
وفي قضية رفعها الائتلاف المناهض للإجهاض أمام المحكمة يوم الثلاثاء الماضي، كرّر نظريّته المثيرة للجدل بأنّ العقار غير آمن، علماً أنّه هو الذي رفع الدعوى ضد الإدارة الأميركية في الأساس. وأفاد الائتلاف بأنّ إدارة الغذاء والدواء الأميركية والشركة الموزّعة لعقار "ميفيبريستون" عمدتا معاً إلى "انتهاك القانون والقواعد المعمول بها بوقاحة (...) واستمرّتا في وضع السياسة فوق صحة المرأة".
وتُظهر استطلاعات الرأي بصورة متكررة أنّ غالبية واضحة من الأميركيين تؤيّد استمرار إمكانية الحصول على الإجهاض الآمن، حتى مع الضغوط التي تمارسها جماعات محافظة للحدّ من الإجراء أو حظره تماماً.
(فرانس برس)