أصدرت محكمة جنايات القاهرة، أمس الاثنين، قرارًا بتأجيل نظر القضية المتهم فيها القيادي الطلابي معاذ الشرقاوي إلى جلسة 24 مارس/آذار القادم لسماع الشهود، كما قررت المحكمة الاستعلام عن وجود الشرقاوي في السجن، وهو ما يذكر بحوادث الإخفاء القسري في سجون مصر.
وياتي قرار استعلام المحكمة عن الشرقاوي، نظرًا لعدم إحضار الشرقاوي إلى المحاكمة لجلستين متتاليتين، على الرغم من كونه محبوسًا على ذمة قضية أخرى بقرار من نيابة أمن الدولة منذ شهر يونيو/حزيران الماضي، وإيداعه خلال تلك الفترة في سجن بدر3.
وأحيل الشرقاوي في يناير/كانون الثاني الماضي إلى المحاكمة في قضية أخرى اتهمته النيابة فيها بعدة اتهامات تتصل بالإرهاب من بينها "الانضمام لجماعة إرهابية"، وتمويل "الإرهاب"، واستعمال تطبيق (واتساب) لارتكاب جريمة "إرهابية". وذلك في القضية رقم 13330 لسنة 2023 جنايات المرج، وتصل عقوبة الجرائم المنسوبة للشرقاوي إلى السجن المؤبد.
الإخفاء القسري ظاهرة متكررة
وغاب الشرقاوي عن حضور الجلسة الأولى لنظر القضية، في الثالث والعشرين من يناير/كانون الثاني الماضي، والتي عقدت في مجمع سجون بدر حيث يُحبس الشرقاوي احتياطيًا في سجن بدر 3، كما تغيب كذلك عن حضور جلسة اليوم، ما حدا بالمحكمة إلى إصدار قرار بالاستعلام عن موضعه.
هذا الإخفاء القسري للشرقاوي، أصبح ظاهرة مكررة في مصر، حيث يختفي سجناء سياسيون من السجون ومقار الاحتجاز المختلفة، وسط مناشدات حقوقية وبلاغات تقدم من قبل محاميهم وذويهم للنائب العام للبحث عن مكانهم ومعرفة مصيرهم.
الموقف نفسه تكرر مع الناشط السياسي، أحمد حمدي السيد سليمان والشهير "بأحمد جيكا"، لليوم الثاني عشر على التوالي، حيث شوهد للمرة الأخيرة في زنزانته بسجن أبو زعبل 2 في الثاني من فبراير/شباط الجاري، بعد إخباره بنقله وترحيله تمهيدا لإنهاء إجراءات إخلاء سبيله. لكن لم يتم إخلاء سبيله، ولا يعرف مكانه حتى الآن.
ظاهرة الإخفاء القسري بحق السياسيين، متنامية بشكل مخيف في مصر خلال السنوات الماضية.
وعند توجه أسرته للسؤال عنه، في قسم شرطة قليوب بمحافظة القليوبية حيث من المفترض أن يتم إنهاء إجراءات إخلاء سبيله من هناك، أنكر مسؤولو قسم شرطة قليوب وجوده لديهم، مؤكدين عدم معرفتهم بمكان تواجده، لتزداد مخاوف الأسرة عليه وعلى سلامته، بعد تزايد احتمالات إعادة تدويره على ذمة قضية جديدة كما حدث معه منذ أشهر عدة.
أسرة جيكا تقدمت ببلاغ رسمي -عن طريق محاميه- إلى مكتب النائب العام، من أجل الكشف عن مكانه، مطالبين بتنفيذ قرار محكمة الجنايات القاضي بإخلاء سبيله.
وكانت محكمة الجنايات بمجمع محاكم بنها قد أصدرت قرارا بتاريخ 22 من يناير/كانون الثاني الماضي، يقضي بإخلاء سبيل الناشط السياسي بكفالة مالية قدرها 3 آلاف جنيه مصري، وبعد دفع مبلغ الكفالة المطلوبة، وبدلا من إخلاء سبيله، فوجئت الأسرة بانقطاع كل سبل التواصل معه، ولم يتمكن أحد من أسرته او محاميه من التواصل به منذ ذلك التاريخ، لتزداد المخاوف على سلامته وأمنه وحياته.
ظاهرة الإخفاء القسري بحق السياسيين، متنامية بشكل مخيف في مصر خلال السنوات الماضية.
حيث رصد مركز الشهاب لحقوق الإنسان، تعرض 2456 مواطنًا لجريمة الإخفاء القسري في عام 2023، ضمن 17 ألفا و103 مختفين قسريًا منذ عام 2013.
وفي تقرير له، بحصاد العام 2023، أشار المركز إلى تعرض 225 مواطنًا للإخفاء القسري في يناير/كانون الثاني، و238 مخفى قسريًا في فبراير/شباط، و154 مخفى قسريًا في مارس/آذار، و146 مخفى قسريًا في أبريل/نيسان، و195 مخفى قسريًا في مايو/أيار، و181 مخفى قسريًا في يونيو/حزيران، و208 مخفيين قسريًا في يوليو/تموز، و242 مخفى قسريًا في أغسطس/آب، و255 مخفى قسريًا في سبتمبر/أيلول، و142 مخفى قسريًا في أكتوبر/تشرين الأول، و278 مخفى قسريًا في نوفمبر/تشرين الثاني، و62 مخفى قسريًا في ديسمبر/كانون الأول.
يُقصَد بالاختفاء القسري الاعتقال أو الاحتجاز أو الاختطاف أو أي شكل من أشكال الحرمان من الحرية يتم على أيدي موظفي الدولة، أو أشخاص أو مجموعات من الأفراد يتصرفون بإذن أو دعم من الدولة أو بموافقتها، ويعقبه رفض الاعتراف بحرمان الشخص من حريته أو إخفاء مصير الشخص المختفي أو مكان وجوده، مما يحرمه من حماية القانون (المادة 2 والديباجة من الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري، حسب تعريف الأمم المتحدة.
وغالبًا ما يُستَخدم الاختفاء القسري كاستراتيجية لنشر الرعب ضمن المجتمعات. ولا يقتصر الشعور بعدم الأمان الذي تولده هذه الممارسة على أقارب المختفين المقربين، بل يؤثر أيضًا على مجتمعاتهم المحلية ومجتمعهم ككل. وتطورت اتجاهات الاختفاء القسري ومظاهره على النحو المبين في مختلف تقارير الفريق العامل المعني بحالات الاختفاء القسري أو غير الطوعي، الصادرة عن الأمم المتحدة.