الإسلاموفوبيا تهدد نموذج التعايش الكندي

05 مايو 2022
كنديون ضدّ الإسلاموفوبيا (Getty)
+ الخط -

في أواخر يناير/ كانون الثاني الماضي، أعلن رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو أنّ حكومته سوف تعمل مع الجهات المسلمة في البلاد لتعيين مبعوث خاص لمحاربة الإسلاموفوبيا. وعلى الرغم من تصريحات ترودو المتكررة بأنّ "التنوّع" هو سرّ قوة كندا، فإنّ السنوات الأخيرة شهدت حوادث تشير إلى كراهية ما.

وبحسب تقرير أعدّته وكالة الأناضول، اليوم الخميس، فإنّ أحداث 11 سبتمبر/ أيلول 2001 في الولايات المتحدة الأميركية أثّرت على المسلمين في كندا، إذ سجّل عداء وتحريض ملحوظان. ومن بين حوادث الكراهية التي سُجّلت مذ ذلك الحين، الهجوم المروّع على مسجد في مدينة كيبيك في يناير من عام 2017، إذ قتل مسلّح ستّة مسلمين وجرح 19 آخرين في أثناء صلاة العشاء. وقد دان الكنديون بمعظمهم، شعباً وحكومة، هذا الهجوم.

كذلك وقعت حادثة دهس في يونيو/ حزيران من عام 2021، استهدفت عائلة مسلمة من أصول باكستانية في مدينة لندن بمقاطعة أونتاريو، أسفرت عن مقتل أربعة من أفرادها. وفي 16 إبريل/ نيسان الماضي، أصيب ستّة مصلين في عملية إطلاق نار على مسجد في مدينة تورنتو.

وفي أعقاب حادثة الدهس في مدينة لندن في العام الماضي، عُقدت قمّة حول الإسلاموفوبيا، شاركت فيها السلطات بمستوياتها الثلاثة؛ الفدرالية والإقليمية والبلدية، بالإضافة إلى منظمات وأفراد مسلمين. وفي القمة التي أتت افتراضية بسبب أزمة كورونا الوبائية، وجّه ترودو نداءً واضحاً للكنديين من أجل القضاء على الكراهية. وقال: "في الوقت الحالي، علينا أن نكافح من أجل كندا التي نريد جميعاً رؤيتها؛ مكانا نحتفل فيه بالتنوّع، فنقف معاً ونهتمّ بعضنا بالبعض الآخر".

أضاف ترودو: "معاً، يمكننا الوقوف ضدّ الإسلاموفوبيا، وهذا بالضبط ما سوف نستمر في فعله". وتابع: "كدولة، لا يمكننا أن ننسى لماذا حُدّد 29 يناير يوماً وطنياً لإحياء ذكرى هجوم مسجد مدينة كيبيك والعمل ضدّ الإسلاموفوبيا"، مؤكداً: "يجب أن نتذكّر المآسي التي وقعت وأن نلزم أنفسنا دائماً بعدم التساهل مع الكراهية".

جرائم الكراهية

في سياق متصل، تفيد بيانات هيئة الإحصاء الكندية الأخيرة بأنّ جرائم الكراهية بسبب العرق زادت في عام 2019 بنسبة مذهلة بلغت 80 في المائة، لكنّ نسبة جرائم الكراهية عموماً تراجعت في عام 2020. وأوضحت الإحصاءات الكندية أنّه في إطار جرائم الكراهية التي أُبلغت بها الشرطة في عام 2020، "انخفضت جرائم الكراهية التي تستهدف الدين بنسبة 16 في المائة، من 613 حادثة في عام 2019 إلى 515 عام 2020".

وفي عام 2020 نفسه، أُبلغت الشرطة عن ألفَين و669 حادثة إجرامية بدافع الكراهية (بشكل عام)، وهو أكبر رقم يُسجَّل على الإطلاق مذ صارت البيانات متاحة في عام 2009، وفقاً لتقرير صادر عن هيئة الإحصاء الكندية في 17 مارس/ آذار 2022.

وأشار التقرير إلى أنّ هذا الانخفاض يعود في المقام الأول إلى تراجع جرائم الكراهية التي تستهدف المسلمين، والتي انخفضت من 182 إلى 82 حادثة في عام 2020، بنسبة بلغت 55 في المائة، فيما ارتفعت جرائم الكراهية ضدّ اليهود بشكل طفيف في عام 2020، من 306 إلى 321 حادثة، أي بزيادة قدرها خمسة في المائة.

ويُعزى انخفاض جرائم الكراهية كذلك إلى تفشي فيروس كورونا الجديد، وتحوّل بعض حوادث الكراهية نحو المجتمع الآسيوي، لا سيّما مع تحميل الصين مسؤولية الأزمة الوبائية. يُذكر أنّ هذه الأرقام تعكس فقط الجرائم التي أُبلغت الشرطة بها، في حين يقدّر خبراء أنّه لم تُبلّغ السلطات بحوادث أخرى كثيرة.

خوف من الإسلام

تقول منسقة التواصل في المجلس الوطني لمسلمي كندا فاطمة عبد الله لوكالة الأناضول إنّه على مرّ السنين، "زاد الخوف من الإسلام في كندا بشكل كبير". وتحكي عن الحوادث المذكورة آنفاً، وكذلك عن "التهديدات والهجمات المستمرة التي تستهدف نساء مسلمات سودا في مقاطعة ألبرتا".

وتوضح عبد الله أنّ كندا تحلّ في أعلى قائمة الدول السبع (كندا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا واليابان والمملكة المتحدة والولايات المتحدة الأميركية) لجهة تسجيل حوادث القتل الكبرى في السنوات الخمس الماضية على خلفية الإسلاموفوبيا.

وتلفت عبد الله إلى أنّ المجلس الوطني لمسلمي كندا، أكبر منظمة إسلامية في البلاد، "ضغط على ترودو من أجل عقد قمّة وطنية حول الإسلاموفوبيا، وقدّم توصيات لمكافحة تصاعد الكراهية ضدّ المسلمين".

تجدر الإشارة إلى أن ميزانية حكومة ترودو الأخيرة لعام 2022 خصّصت مبلغ 85 مليون دولار كندي (نحو 67 مليون دولار أميركي) لتمويل "خطة عمل وطنية" للتصدّي للعنصرية على مدى السنوات الأربع المقبلة.

وتعليقاً على ذلك، يقول الرئيس التنفيذي للمجلس الوطني لمسلمي كندا مصطفى فاروق لوكالة الأناضول، إنّ تخصيص هذه الميزانية يُبيّن أنّ "مكافحة الإسلاموفوبيا لم تعد مجرّد كلمات، وقد أدّت في النهاية إلى اتّخاذ إجراءات".

(الأناضول)