الاتحاد الأوروبي نحو إلزام الشركات بتحقيق المساواة

30 يونيو 2022
رضخت بلدان أوروبية لسياسات المساواة في الوظائف (أنطوان جيوري/ Getty)
+ الخط -

توصل الاتحاد الأوروبي إلى اتفاق بشأن قانون يلزم الشركات المدرجة بضمان حصول النساء على 40 في المائة على الأقل من المقاعد في مجالس إدارة الشركات، وذلك في منتصف يونيو/ حزيران الجاري. وقدمت المفوضية الأوروبية أول اقتراح لها في شأن حصة الـ40 في المائة للنساء في مجالس الإدارة عام 2012، لكن الخطة عرقلت من قبل الدول الأعضاء الكبيرة، بما في ذلك ألمانيا وبريطانيا
وأعادت المفوضية إحياء مشروع القانون عام 2020، بعدما غيّرت دول رئيسية موقفها. وتقول رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون ديرلاين: "بعد 10 سنوات، منذ أن اقترحت المفوضية الأوروبية هذا التوجيه، حان الوقت لكسر السقف الزجاجي. هناك كثير من النساء المؤهلات لشغل الوظائف العليا. ينبغي أن يكون بمقدورهن الحصول عليها". ولن تنطبق الإجراءات على الشركات التي يقل عدد موظفيها عن 250. 

وعلى الرغم من أن الحكومات الأوروبية عملت وفق خطط محلية وطنية لتحقيق تمثيل النساء، من خلال فرض تعيين امرأة واحدة على الأقل في مجالس إدارة الشركات التي يزيد عدد موظفيها على 50 شخصاً، إلا أن الأرقام الأوروبية بدت أبعد بكثير عن طموح المفوضية قبل نحو 10 سنوات. ورضخت بعض الدول التي كانت قد وضعت "فيتو" على الاقتراح، على غرار الدنمارك وإيطاليا والمجر، لسياسات المساواة. 
وإذا اختارت الدول الأعضاء تطبيق التشريع على كل من المديرين التنفيذيين وغير التنفيذيين، فسيكون الهدف هو 33 في المائة من التمثيل النسائي. وبحسب بيان المفوضية، يتوجب بحلول 30 يونيو/ حزيران 2026، أن تكون التعديلات القانونية في الدول الأعضاء قد أصبحت قيد التطبيق بعدما كان نهاية 2027 كحد أقصى. 
أحد البنود الذي تنتقده الشركات ينص على أنه في الحالات التي يكون فيها المرشحون لمناصب رفيعة مؤهلين بشكل متساو بين الجنسين، تذهب الأولوية لمرشح الجنس الأقل تمثيلاً. وأصر البرلمان الأوروبي خلال مناقشته المقترحات في الأسبوع الأول من الشهر الجاري، على الشفافية في جدارة ومؤهلات الراغبات في مناصب في مجالس الإدارات. وسيتعين على الشركات المسجلة والعاملة في القارة الأوروبية تقديم معلومات للسلطات المختصة مرة في العام حول تمثيل الجنسين في مجالسها. وإذا لم تحقق تلك الشركات الأهداف المرجوة، سيتعين عليها تقديم خطة بديلة سريعة ونشر خططها على موقعها الرسمي لتتاح متابعة تحقيق الخطة. 

أثارت التظاهرة في تولوز الفرنسية قضية الفروقات في الرواتب بين الجنسين (آلان بيتون/ Getty)
أثارت التظاهرة في تولوز الفرنسية قضية الفروقات في الرواتب بين الجنسين (آلان بيتون/ Getty)

وتتضمن الاتفاقية عقوبات رادعة للشركات التي لا تمتثل لإجراءات التعيين بشفافية وانفتاح مثل غرامات مالية كبيرة وإمكانية حل مجالس إدارة الشركات بقرار قضائي لتعاد صياغتها وفقاً للتوجيهات، بعدما تصبح قانوناً في الدولة العضو التي تعمل على أراضيها الشركات المُعاقبة. وتقول عضو البرلمان الأوروبي من حزب الديمقراطيين الاشتراكيين النمساوي ورئيسة المفاوضين على مشروع القانون إيفيلين ريغنير إن المشروع يساهم في تعزيز المساواة بين الجنسين، ويجعل الشركات أكثر مرونة وإبداعاً، كما سيساهم في تغيير الهياكل من أعلى إلى أسفل في أماكن العمل، وتؤكد أن الأمور "ستتم وفق معايير شفافة مع الحرص على اختيار أفضل المرشحين/ المرشحات للمناصب، الأمر الذي يؤدي إلى تحسين جودة عمل الشركات". 
من جهتها، تقول العضو الاشتراكية الهولندية في البرلمان الأوروبي لارا ولترز، التي تفاوضت على القانون مع حكومات الاتحاد الأوروبي، بحسب صحيفة "ذا غارديان" البريطانية: "تظهر جميع البيانات أن المساواة بين الجنسين في رأس الشركات لا تتحقق من خلال الحظ المطلق. نحن نعلم أيضاً أن مزيداً من التنوع في مجالس الإدارة يساهم في اتخاذ قرارات أفضل وتحقيق نتائج أفضل. كما يمكن أن تكون هذه الحصة دفعة في الاتجاه الصحيح لمزيد من المساواة والتنوع في الشركات". 
وتعد قبرص الدولة الأقل حرصاً على تحقيق المساواة بين الجنسين في أماكن العمل، وتحتل النساء 8 في المائة فقط من مناصب مجالس إدارة الشركات. في المقابل، احتلت فرنسا المرتبة الأولى بتحقيقها نسبة فاقت الـ45 في المائة، متجاوزة أهداف المفوضية الأوروبية.  
وبشكل عام، تصل نسبة تمثيل النساء في مجالس إدارات الشركات إلى نحو 30 في المائة في أوروبا. واللافت أن النساء في دول تتبنى مبادئ المساواة بين الجنسين، على غرار الدنمارك على سبيل المثال، يعانين للوصول إلى مناصب قيادية في الشركات وإن كن مؤهلات، ولا تتجاوز النسبة في كوبنهاغن العشرة في المائة في مناصب المديرين أو رؤساء مجالس إدارات الشركات الكبيرة، أما متوسط مشاركتهن في المجالس الإدارية فيصل إلى نحو 30 في المائة.  
وتبقى أسوأ مستويات تمثيل مساواة الجنسين في المناصب العليا في كل من قبرص وإستونيا والمجر، حيث تغيب التشريعات التي تفرض نسباً معينة في مجالس الإدارة. 

ولدى كل من إيطاليا وبلجيكا والبرتغال وألمانيا والنمسا تشريعات تفرض كوتا بنسب تراوح ما بين 30 و33 في المائة، وإن كان التطبيق في إيطاليا ضعيفاً، بحسب تقارير أوروبية. أما ألمانيا، فتبدو أكثر سعياً لتحقيق المساواة بموافقة وتشجيع ثقافي ـ اجتماعي. وفي الوقت الحالي، هناك 9 دول فقط من أصل 27 دولة أوروبية لديها تشريعات وطنية بشأن المساواة بين الجنسين في مجالس الإدارة.

المساهمون