أكدت ممثلة الأمين العام للأمم المتحدة الخاصة المعنية بالعنف الجنسي في النزاعات، براميلا باتن، أنه وبعد مرور مئة يوم على اندلاع الحرب في أوكرانيا، فإن هناك زيادة في عدد المزاعم حول ارتكاب انتهاكات جنسية فيها، غالبيتها ضد نساء وفتيات. وجاءت تصريحات المسؤولة الأممية خلال إحاطة لها أمام مجلس الأمن الدولي الذي ناقش الوضع في أوكرانيا، وركز على العنف الجنسي.
وتحدثت باتن عن زيارتها أوكرانيا قبل أسابيع قليلة. ولفتت الانتباه، في هذا السياق، إلى الفجوة بين النظرية وقرارات مجلس الأمن والأطر المعيارية، مقابل الواقع على الأرض الذي تواجهه بشكل خاص الفئات الأكثر ضعفاً، في ما يتعلق بالانتهاكات الجنسية والعنف الجنسي في النزاعات المسلحة.
وشددت على أن قرارات مجلس الأمن في هذا السياق "تعزز القانون الدولي الإنساني، وهو واضح حيث إنه حتى في الحروب هناك حدود يجب احترامها، وهي تشمل حظراً شاملاً على جميع أشكال العنف الجنسي الذي لا يمكن تبريره أو العفو عنه". كما دعت إلى تحقيقات سريعة وصارمة لضمان المساءلة، باعتبارها ركيزة أساسية للردع والوقاية وعدم التكرار، لأن عدم الاعتراف بهذه الجرائم والتحقيق فيها يشكل مؤشراً على استمرار الانتهاكات بلا هوادة. في الوقت نفسه، من الضروري أن نعطي الأولوية لدعم الناجين من العنف الجنسي والجندري، والتعامل مع ذلك كعنصر منقذ للحياة في الاستجابة الإنسانية الشاملة".
وحثّت المسؤولة الأممية "جميع الأطراف على ضمان حماية المدنيين من العنف الجنسي والجندري، بمن فيهم النازحون داخلياً، في ظل أكبر وأسرع نزوح يشهده العالم منذ بداية القرن الحالي". كما أشارت إلى صعوبة في توثيق حالات الانتهاكات، حيث لا تعكس الأرقام التي يُبلّغ عنها الرقم الفعلي، وذلك لأسباب عديدة من بينها استمرار الحرب، والأعمال العدائية، والنزوح الداخلي، وانهيار الخدمات، كما الوصمة الاجتماعية المرتبطة بالعنف الجنسي.
وتحدثت عن نقص في مستوى الخدمات، وأعطت مثالاً على ذلك الوضع "في شرق أوكرانيا، حيث كان هناك 20 مركزاً لتقديم الخدمات الطبية ومستشفيات ولادة تقدم المساعدة للناجيات من العنف الجندري، بدعم من صندوق الأمم المتحدة للسكان". ولفتت الانتباه إلى أنه وبعد الاجتياح الروسي، بقيت فقط تسعة منها مفتوحة.
وأضافت: "وفي ظل الظروف الحالية، من الصعب، إن لم يكن من المستحيل، التحقق من العديد من مزاعم العنف الجنسي المرتبط بالنزاع، ما يجعل من الصعب تقييم مدى انتشاره". ثم أشارت إلى شكاوى قُدّمت إلى مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، متعلقة بانتهاكات وجرائم عنف جنسي. ووصل عددها حتى الآن إلى 124 حالة ارتكبت فيها انتهاكات ضد نساء وفتيات وفتيان كما رجال. وتوقعت أن تكون الأرقام الفعلية أعلى من ذلك بكثير.
ثم تحدثت عن خمس مجالات حاسمة من أجل معالجة هذه القضايا، ومن بينها "تعزيز سيادة القانون والمساءلة كجانب مركزي للردع والوقاية من جرائم العنف الجنسي"، إضافة إلى "تعزيز قدرة قطاع الأمن والدفاع على منع العنف الجنسي. سيتطلب هذا خطط عمل محددة من قبل الجيش والشرطة وحرس الحدود وقوات الأمن والدفاع الحكومية الأخرى، بما في ذلك أكثر من 100 ألف متطوع". كما شددت على ضرورة تقديم الخدمات اللازمة للناجين، بما فيها الاقتصادية والاجتماعية والنفسية.
وأكدت ضرورة أن تشمل "أي مفاوضات، جارية ومستقبلية، حول وقف الأعمال العدائية، ضمان معالجة قضايا العنف الجنسي في إطار اتفاق وقف إطلاق النار والسلام، بما في ذلك تلك المتعلقة بالترتيبات الأمنية وآليات العدالة الانتقالية". كما شددت على ضرورة التصدي "للاتجار بالبشر المرتبط بالنزاع لأغراض الاستغلال الجنسي والدعارة. ويستلزم ذلك زيادة الوعي وتدريب الأفراد، بمن فيهم العسكريون وحرس الحدود والشرطة ومسؤولو الهجرة. وسيتطلب ذلك اتخاذ دول الجوار والمضيفة، ومؤسسات أوروبية، إجراءات محددة".
ولفتت الانتباه إلى تحديات كبيرة تتعلق بتوفير الحماية للنازحين، البالغ عددهم 14 مليوناً من بينهم 6.8 ملايين نزحوا خارج أوكرانيا، وأغلبهم من النساء والأطفال. وشددت على أن مخاطر الاتجار بالبشر، بما فيها بهدف الاستغلال الجنسي؛ تزايدت منذ بداية النزاع، حيث هناك افتقار إلى التدقيق من قبل سلطات مختصة في عروض الإقامة وترتيبات النقل. كما أشارت إلى مخاوف بشأن عدد من المتطوعين والتدقيق في خلفياتهم.
من جهته، نفى ممثل روسيا في الأمم المتحدة في نيويورك، فيتالي نيبينزيا، ارتكاب جنود روس أي جرائم عنف جنسي في أوكرانيا. وقال: "لم يقدم أي من المتحدثين أدلة على الاتهامات"، كما اتهم السلطات الأوكرانية بالكذب.