الاحتلال الإسرائيلي: استدعاء إلى التحقيق في باقة أزهار

08 اغسطس 2021
أحمد وإبراهيم مع باقة الأزهار "المميّزة" (العربي الجديد)
+ الخط -

 

توقّع الأسير الفلسطيني المحرّر أحمد عدوين (30 عاماً) أن تكون باقة الأزهار التي وصلته في أثناء مراسم جاهة خطوبته (الطُلبة) قبل أيام، مفاجأة سارة من شقيقه الأكبر محمد (33 عاماً) الأسير في سجون الاحتلال الإسرائيلي. لكنّ المفاجأة كانت من نوع آخر، إذ كان المرسل أحد ضباط استخبارات الاحتلال وبطاقة التهنئة مرفقة باستدعاءَين له ولشقيقه إبراهيم (32 عاماً) إلى التحقيق في معسكر عتصيون الإسرائيلي المقام إلى جنوب مدينة بيت لحم بالضفة الغربية المحتلة، في الثاني عشر من شهر أغسطس/ آب الجاري.

يخبر أحمد وهو من سكان مخيّم العزة في بيت لحم جنوبي الضفة الغربية "العربي الجديد" أنّه "خلال إلقائي التحية على الضيوف، يوم الخميس الماضي بعد انتهاء الطلبة، ناداني شبّان من أقاربي إذ إنّ باقة من الأزهار وصلت باسمي. توقّعتها أن تكون من شقيقي محمد في سجون الاحتلال، خصوصاً أنّ البطاقة المرفقة بها كانت تحمل من الخارج صورة المسجد الأقصى ومكة المكرّمة". يضيف أحمد: "سألني سائق سيارة الأجرة الذي سلّمني باقة الأزهار إن كنت سأطّلع على البطاقة، فأجبته أنّني سوف أقوم بذلك لاحقاً لانشغالي بمصافحة المهنّئين. طلبت منه التقاط صورة معه ومع باقة الأزهار، لكنّه رفض. فأعطيتها لشقيقي الذي لم يطّلع على البطاقة إلا بعد انتهاء المراسم".

ويشير أحمد إلى أنّ "توقيت ذلك كان مخططاً له، إذ وصل سائق الأجرة عند الساعة السادسة وعشرين دقيقة تقريباً من مساء ذلك اليوم، فيما كانت الطلبة قد بدأت عند الساعة السادسة وعشر دقائق". لكنّ مخطط تنغيص الفرحة أمام الضيوف لم ينجح، بسبب تأخّر العائلة في الاطلاع على البطاقة. ولا يخفي أحمد أنّ "الأمر كان صعباً"، لافتاً إلى أنّها "المرّة الأولى التي أسمع فيها بمثل هذا. لكنّه لم يؤثّر علينا. ففي البداية كانت مفاجأة، ثمّ صرت أفكر بالمقصود من ذلك، لكنّني لاحقاً لم أهتم بالأمر".

ويرى أحمد أنّ "كلّ ما في الأمر هو أنّ ضابط الاحتلال يريد إفساد فرحتي"، مستعيداً "الوعيد والتهديد من قبل الضابط الإسرائيلي السابق المسؤول عن منطقة مخيّم العزة مكان سكني والذي اقتحم منزلي في وقت سابق قائلاً لي: لن أدعك تعيش حياة طبيعية". ويتابع أنّ "في مرة أخرى، أُوقفت على حاجز الكونتينر العسكري المقام إلى شمال بيت لحم لأربع ساعات، قبل أن يقول لي الضابط: أردت فقط التنكيد عليك".

قضايا وناس
التحديثات الحية

من جهته، يقول إبراهيم شقيق أحمد الذي استدعي كذلك، لـ"العربي الجديد" إنّ "كلّ ضابط جديد مسؤول عن استخبارات الاحتلال في المنطقة حيث يكون، يحاول إثبات وجوده عبر أساليب عدّة. وتوقيع الاستدعاءين اللذين أُرفقا بباقة الأزهار أتى باسم شاكر، وهو على الأرجح اسم مستعار لضابط جديد، فكثر هم ضباط استخبارات الاحتلال الذين يطلقون على أنفسهم أسماء عربية". ويلفت إبراهيم إلى أنّ "العائلة تلقّت أموراً أصعب من هذا بكثير وتحمّلتها من دون أن تؤثّر بها. فمحمد الأكبر بيننا، محكوم عليه حتى اللحظة بما مجموعه 14 عاماً في أكثر من عملية اعتقال. أمّا أنا الأوسط، فاعتقلت ما مجموعه عامان وعشرة أشهر، فيما اعتقل أحمد الأصغر ما مجموعه عام ونصف العام".

ويوضح إبراهيم: "نحن أسرى محررون، وكلما تسلّم ضابط جديد مهامه كمسؤول عن مخيّم العزة حيث نعيش، فإنّه يعمد إلى استدعائنا وتهديدنا. ويبدو أنّ الضابط هذه المرة أراد إفساد الفرحة في خلال حفل إشهار خطوبة شقيقي، لكنّ مخططه لم يجرِ كما أراد". يضيف إبراهيم أنّ "التوقيت يُختار دائماً بدقة. وأنا كنت قد مررت في تجربة مماثلة في عام 2015، حين اقتحم ضابط استخبارات منزلي وهددني بالاعتقال. فأجبته بأنّه لا يستطيع القيام بذلك لأنّني لم أفعل شيئاً. لكن بعد أسبوع واحد فقط من خطوبتي، اعتقلتني قوات الاحتلال وحوّلتني إلى الاعتقال الإداري، أي بلا تهمة أو محاكمة. وبقيت في السجن نحو 14 شهراً، وقد تزوّجت بعد الإفراج عني".

الصورة
الاستدعاء الإسرائيلي الخاص بأحمد وإبراهيم عدوين (العربي الجديد)
كان الاستدعاءان مرفقَين ببطاقة التهنئة في باقة الأزهار (العربي الجديد)

وكلّ ما حدث يعود إلى "محاولات من قبل الاحتلال لمعاقبة العائلة"، بحسب ما يقول أحمد وإبراهيم بعدما اعتُقل شقيقهما الأكبر محمد في عام 2014 وحُكم عليه بالسجن 12 عاماً. فبعد ذلك، هُدّدت العائلة باعتقال كلّ أفرادها، بما في ذلك أحمد وإبراهيم ووالدهما. وبالفعل، خمسة أشهر فصلت ما بين اعتقال إبراهيم عن اعتقال أحمد في عام 2015، ليمكث خمسة أشهر إدارياً كذلك، علماً أنّ الأشقاء الثلاثة وُضعوا في الزنزانة نفسها.

وأحمد كان قد اعتقل في المرّة الأخيرة في عام 2015، بعد أشهر من إصابته برصاص الاحتلال في ركبته خلال اقتحام قوات إسرائيلية خاصة مخيّم عايدة في بيت لحم لاعتقال أحد الشبّان. أُطلق الرصاص حينها عشوائياً، وأصاب أحمد إلى جانب ثمانية أشخاص آخرين. واعتُقل بلا تهمة بأمر إداري، فيما لم يكن قد انتهى من علاج إصابته، الأمر الذي اضطر زملاؤه في سجون الاحتلال إلى العناية به.

قضايا وناس
التحديثات الحية

بالنسبة إلى أحمد فإنّ "الاحتلال يريد أن ينغّص كلّ شيء في حياة الأسرى المحررين. فأنا أسكن في المخيّم ولا أبعد إلا خمس دقائق عن معسكر الاحتلال القريب من مسجد بلال بن رباح، بالتالي لا يحتاج أمر استدعائي إلى مثل هذا الأسلوب. لكنّ الاحتلال أراد أن ينكّد عليّ الفرحة فقط". وإذ يطالب أحمد الجهات الأمنية الفلسطينية بمتابعة عملية إيصال باقة الأزهار إلى مكان حفل خطوبته عبر سيارة أجرة، لا يخفي توقّعاته بحصول أمر ما في خلال زواجه هذا العام، "نتيجة للتهديدات المستمرة من ضباط الاحتلال بتنغيص حياتي. لا إرادياً يفكّر المرء بأنّ أمراً ما سوف يحصل". فاستخبارات الاحتلال تحاول الضغط على الأسرى المحررين باستمرار، ربّما من أجل ثنيهم عن التفكير في العودة إلى نشاطات لا يرغب فيها الاحتلال، حتى لو كانت نشاطات اجتماعية.