أفادت مؤسسات معنية بشؤون الأسرى الفلسطينيين، إلى جانب عائلة الشهيد عبد الرحمن مرعي الذي قضى في سجون الاحتلال، بأنّ الاحتلال الإسرائيلي ينفّذ جرائم مكثّفة في حقّ هؤلاء وعائلاتهم تُعَدّ الأخطر منذ عقود، وسط الحرب المتواصلة على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.
جاء ذلك في مؤتمر صحافي أعقب لقاءً مغلقاً مع مجموعة من الدبلوماسيين في مقرّ منظمة التحرير الفلسطينية بمدينة رام الله وسط الضفة الغربية المحتلة، اليوم الأربعاء، حول قضية استشهاد المعتقل عبد الرحمن مرعي في سجون الاحتلال الإسرائيلي، إلى جانب تناول آخر المستجدات المتعلقة بواقع المعتقلين في ظلّ تصاعد عمليات التعذيب التي تستهدفهم.
وعرضت مؤسسات الأسرى ما ترتكبه قوات الاحتلال، في خلال عمليات الاعتقال، من إطلاق نار على المعتقلين وإصابتهم وكذلك استخدامهم دروعاً بشرية والاعتداء عليهم بالضرب وتهديدهم بالاغتصاب.
وطالبت تلك المؤسسات بالضغط على الدول الموقّعة على اتفاقيات جنيف حتى تضغط بدورها على سلطات الاحتلال الإسرائيلي من أجل وقف اعتداءاتها في حقّ المعتقلين.
وشدّد المتحدّثون في المؤتمر الصحافي على ضرورة تشكيل لجنة تحقيق دولية محايدة ومستقلة من أجل التحقيق في الجرائم المرتكبة في حقّ المعتقلين الفلسطينيين، خصوصاً الذين اعتُقلوا منذ بداية العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة، وكذلك على ضرورة الضغط في سبيل وقف جريمة الاعتقال الإداري المتصاعدة.
الاحتلال الإسرائيلي يقتل 6 معتقلين في سجونه
وفي كلمة ألقاها رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين قدورة فارس، في المؤتمر الصحافي المُشار إليه، قال إنّ ستّة معتقلين استُشهدوا في سجون الاحتلال الإسرائيلي منذ بدء عدوانه في السابع من أكتوبر الماضي، آخرهم الشهيد ثائر أبو عصب.
وفي هذا الإطار، أوضح شقيق الشهيد أبو عصب أنّه لم يكن يعاني من أيّ مرض، وأنّ العائلة لم تبلّغ بأيّ من ظروف استشهاده، علماً أنّه قضى 19 عاماً في السجون الإسرائيلية.
وبيّن فارس أنّهم وضعوا الدبلوماسيين في صورة الجرائم الكبرى التي تُرتكَب في حقّ المعتقلين، وسط استمرار حرب الإبادة الجماعية التي تشنّها قوات الاحتلال الإسرائيلي في كلّ مكان، علماً أنّ قطاع غزة هو محورها. وإذ أكّد أنّ "ممثلي عدد من الدول وُضعوا بصورة ما يعانيه معتقلونا" الذين يتعرّضون للخطر فيما السجون مكتظة، دعا إلى تنفيذ الدول التزاماتها.
أضاف رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين أنّ إدارة سجون الاحتلال ما زالت حتى الآن تخفي اسم أحد المعتقلين الشهداء، وقد اكتفت بالإعلان عن أنّه من قطاع غزة، مشيراً إلى احتمال استشهاد آخرين بسبب التعذيب.
وشدّد فارس على متابعة "استشهاد معتقلينا، بمن فيهم الشهيد عبد الرحمن مرعي، وتوثيق هذه الجرائم لتكون يوماً ما مخرزاً في عين الاحتلال الذي تنكّر لكلّ القيم الإنسانية".
الاحتلال الإسرائيلي يحوّل حياة المعتقلين إلى جحيم
من جهته، قال رئيس نادي الأسير الفلسطيني عبد الله الزغاري، في المؤتمر الصحافي نفسه، إنّ انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي تطاول كلّ "أبناء شعبنا الفلسطيني" الذين تُرتكَب في حقّهم عمليات انتقامية وسلوك عدواني.
وحذّر الزغاري من أنّ المعتقلين مستهدفون أكثر من أي وقت مضى، الأمر الذي تظهره شهادات المُفرَج عنهم. وتؤكد هذه الشهادات أنّ ثمّة عمليات انتقامية حوّلت حياة المعتقلين الفلسطينيين إلى جحيم، لكنّهم يعضّون على الجرح ويصبرون على الألم.
وتحدّث الزغاري عن "جرائم مروّعة وفظيعة تُرتكَب في حقّ معتقلي غزة وبالخفاء"، مشيراً إلى مخاوف متزايدة إزاء احتمال إقدام الاحتلال على تنفيذ عمليات إعدام ميدانية في حقّهم، وذلك مع رفضه المستمر الإفصاح عن أيّ معطى حول مصير هؤلاء، من قبيل أعدادهم وأماكن احتجازهم وحالاتهم الصحية.
في سياق متصل، قال شقيق الشهيد عبد الرحمن مرعي إنّ العائلة تفاجأت بخبر استشهاده، كاشفاً أنّ التشريح بيّن آثار كدمات نتيجة الضرب على كلّ أنحاء جسده، مضيفاً أنّ هذا "يؤكد استشهاد عبد الرحمن بسبب جريمة اقترفها الاحتلال".
وطالب مرعي المجتمع الدولي والعالم بالتحقيق في جريمة استشهاد شقيقه وما يمارسه الاحتلال في سجونه، وذلك "على الرغم من أنّنا نشاهد كيف يقف العالم كله إلى جانب إسرائيل، ولا سيّما أنّ كلّ المعتقلين معرّضون" لما تعرّض له عبد الرحمن.
وفي إطار المؤتمر الصحافي الذي عُقد اليوم، قال رئيس الهيئة العليا لمتابعة شؤون الأسرى والمحررين أمين شومان إنّه يتّضح، من خلال الشهادات الحيّة للمعتقلين القصّر ولشقيق الشهيد عبد الرحمن مرعي، أنّ "المعتقلين يتعرّضون لاعتداءات وجرائم غير مسبوقة".
وأفاد شومان بأنّ عائلات المعتقلين قلقة على أبنائها، مشيراً إلى سياسة الاعتقال الإداري التي أتاحت للاحتلال اعتقال فلسطينيين من دون توجيه تهم إليهم في الأعوام والأشهر السابقة، مشدّداً على أنّ مجمل الإجراءات والسياسات التي تُمارَس في حقّ المعتقلين والمعتقلات تأتي مخالِفة لكلّ القوانين الدولية.
وبيّنت المؤسسات المعنية بشؤون الأسرى أنّ قوات الاحتلال الإسرائيلي نفّذت حملات اعتقال واسعة النطاق في الضفة الغربية المحتلة منذ بدء العدوان على غزة، وقد سُجّلت أكثر من 4000 عملية اعتقال، بما في ذلك بالقدس المحتلة، وطاولت كلّ فئات المجتمع الفلسطيني.