الاحتلال يمحو "غابة عينون" الفلسطينية من الوجود

28 يناير 2021
حوّل الاحتلال غابات إلى صحراء قاحلة (العربي الجديد)
+ الخط -

في الوقت الذي تمنع فيه سلطات الاحتلال الإسرائيلية من خلال ما يعرف بـ"هيئة حماية البيئة" التابعة لها، المزارعين والرعاة الفلسطينيين من حرث أراضيهم ورعي مواشيهم في مناطق ممتدة من الأغوار الفلسطينية بالضفة الغربية، بحجة أنها "محميات طبيعية"، ترتكب جرافاتها "مجزرة" بحق عشرة آلاف شجرة حرجية ونحو 300 شجرة زيتون، في "غابة عينون" بالأغوار الشمالية الفلسطينية.

العملية التي استمرت لنحو 24 ساعة، بدأت فجر أمس الأربعاء، وانتهت فجر اليوم الخميس، حولت غابات تمتد على مساحة تربو على مئتي دونم إلى صحراء قاحلة، لكي تستخدمها قوات الاحتلال "ساحات تدريب عسكري مفتوحة".

لم يكتفِ الاحتلال بتلك الجريمة، بل عمد إلى رشّ أماكن الأشجار الحرجية المقتلعة بالمبيدات، خشية أن تنمو من جديد.

الاحتلال يطمس غابة (معتز بشارات)

يقول مسؤول ملف الأغوار في محافظة طوباس معتز بشارات، لـ"العربي الجديد": "إن الاحتلال أخطر عام 2014 بوقف العمل في الغابات، وعليه قدمت الجهات المختصة عام 2016 التماساً لدى المحكمة الإسرائيلية لوقف الإخطار، لكن المحكمة الإسرائيلية حكمت قبل أسبوع بإزالتها".

ويتابع بشارات: "الاحتلال يناقض نفسه مائة بالمائة، يلاحق المزارعين ويمنعهم من الحراثة والبذار، ويلاحق ويعتقل الرعاة ويصادر الأغنام لأنها ترعى في الأراضي المفتوحة التي يسميها محميات طبيعية، بحجة المحافظة عليها، لكنه بالمقابل يرتكب مجزرة بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، بتدميره لمئات الدونمات المزروعة بالأشجار الحرجية والمثمرة".

وأكد بشارات أن "هذه المجزرة هي الثانية في المنطقة ذاتها، حيث دُمِّرَت مساحة 500 دونم مزروعة بالأشجار الحرجية قبل خمس سنوات"، مشيراً إلى أن الهدف من تدمير هذه الغابة من جيش الاحتلال الإسرائيلي، تدمير الموارد الطبيعية الفلسطينية، ومنع وصول الفلسطينيين إلى السفوح الشرقية والأغوار الشمالية، انسجاماً مع خطة الضم الإسرائيلي لمنطقة الأغوار.

ووفق مديرية زراعة طوباس والأغوار، فالأحراج المستهدفة زُرِعَت بأشجار "الصنوبر والأكاسيا" والزيتون، ضمن مشروع "تخضير فلسطين" المدعوم من القنصلية البرازيلية، قبل نحو ثماني سنوات.

وفي بيان له، أعلن وزير الزراعة الفلسطيني رياض العطاري، إعادة زراعة الغابة، اليوم الخميس، رداً على "المجزرة التي نفذتها جرافات الاحتلال الإسرائيلي، وأدت إلى تدمير واقتلاع آلاف الأشجار الحرجية والزيتون".

وأشار العطاري إلى أن هذه الغابة زُرِعَت ضمن خطة الوزارة وبرنامج تخضير فلسطين بهدف توسيع المساحة الخضراء ومكافحة التصحر، والتكيف مع التقلبات المناخية، وتحقيق الأمن الغذائي، من طريق توفير أعلاف مستزرعة وخلق أماكن للترفيه في محافظة نابلس.

وباتت "المحميات الطبيعية"، التي يسيطر عليها الاحتلال الإسرائيلي، في الضفة الغربية، وسيلة جديدة يستخدمها لنهب أراضي الفلسطينيين، وهو ما تمثل بالقرار الذي أصدره وزير جيش الاحتلال نفتالي بينت، بداية العام الماضي، بإنشاء سبع محميات طبيعية جديدة، وتوسيع اثنتي عشرة محمية أخرى في أراضي الضفة الغربية، ما ترتب عنه مصادرة عشرات آلاف الدونمات في ما بقي من أراضي مناطق (ج) التي يسيطر عليها الاحتلال.

ويبلغ عدد المحميات الطبيعية في فلسطين 51، منها 50 داخل الضفة الغربية، وتشكل ما نسبته 9 في المائة من أراضيها، وتسيطر إسرائيل على 36 محمية منها، ومعظمها يقع في منطقة غور الأردن.

وبحسب مركز المعلومات الإسرائيلي لحقوق الإنسان في الأراضي المحتلة "بتسيلم"، أعلنت إسرائيل 26 موقعاً في غور الأردن في عام 2011 محميات طبيعية، وتُشكل تلك المحميات نحو 20 بالمائة من مساحة الأغوار الفلسطينية.

وتقع تلك المواقع بحسب "بتسيلم" بالقرب من مناطق تدريب الجيش الإسرائيلي، ما يدلّ على عدم اهتمام إسرائيل الحقيقي بالبيئة.

ويحتل الاغوار مكانة استراتيجية في النظريات الأمنية الإسرائيلية، التي ترى فيها الحدود الشرقية للاحتلال، وأعلنتها الحكومة الإسرائيلية "أفضلية قومية" بتخصيص الأموال الضخمة للمشاريع الاستيطانية، سواء كانت زراعية أو سياحية، وبناء المزيد من المستوطنات وتقليص الضرائب عنها.

المساهمون