شدّدت نساء تونسيات ناشطات وحقوقيات وسياسيات، اليوم السبت، على أنّ الانقلاب مثّل انتكاسة للمرأة في تونس، إذ تراجعت حقوقها وتمثيلها السياسي في الدستور الجديد، ودعونَ إلى المحافظة على مكاسب المرأة وحماية حقوقها. جاء ذلك في ندوة دعت إليها "جبهة الخلاص الوطني" المعارضة بمناسبة إحياء عيد المرأة الوطني الموافق في 13 أغسطس/ آب من كلّ عام.
وقالت النائبة الأولى لمجلس نواب الشعب سميرة الشواشي في مداخلة لها إنّ يوم 13 أغسطس لطالما كان منذ سنوات محطة جامعة لمختلف القوى من اليمين واليسار، وكان ذكرى للالتقاء ولتعداد المكاسب، لكنّه تحوّل اليوم إلى انتكاسة في حقوق المرأة. وأوضحت الشواشي أنّ الانقلاب مسار كامل ويخطئ من يظنّ أنّ هذا المسار انطلق في 25 يوليو/ تموز 2021، بل كان قبل ذلك من خلال ضرب المؤسسات الديمقراطية وتكريس الفردانية والتراجع عن الحقوق وضرب كلّ ما هو شرعي واستبداله بمشروع موازٍ، مشيرة إلى أنّ هذا الانقلاب ضرب كلّ ما هو حقوق بما في ذلك حقوق المرأة. أضافت الشواشي في مداخلتها أنّ الدفاع عن حقوق المرأة جزء من حماية المواطن التونسي والدفاع عن حقوقه، مبيّنة أنّ الانقلاب وظّف المرأة واستغلّ صورتها لخدمة أهدافه.
في سياق متصل، أفادت الشواشي "العربي الجديد" بأنّ "مسار الانقلاب تضمّن محطات عدّة أبرزت تراجع الحقوق والحريات لدى التونسيين، لا سيّما المرأة التونسية. وكلّما ضُربت الحقوق تكون المرأة في صفّ المتضرّرين الأوّل". وشرحت أنّ "الدستور الجديد مثّل تراجعاً لكلّ ما تحقق من مكتسبات مهمّة في دستور عام 2014، وبالتالي أتى الانقلاب مساراً واضحاً لضرب كلّ مكتسب سياسي للمرأة وكلّ حقّ لها". وتابعت الشواشي أنّ "في هذه الذكرى الاحتفالية رسالتنا واضحة للمرأة التونسية، وهي أن تكون تونسية في تمسّكها بمكتسباتها التي تراكمت عبر الأجيال وعبر مختلف المحطات التاريخية، وأن تكون توّاقة إلى كلّ ما هو ديمقراطي وتحمي حقوقها، وأن تؤدّي دورها كاملاً في المجتمع وليس كمجرّد صورة مثلما يريدها المنقلب".
من جهتها، رأت عضو مبادرة "مواطنون ضد الانقلاب" شيماء عيسى أنّ نساء تونس كنّ في صدارة مقاومة الانقلاب وشاركنَ في تظاهرات ومسيرات عديدة ووُجدنَ أمام البرلمان في 26 يوليو 2021. فقد حضرت حينها محاميات وقاضيات وناشطات حقوقيات ودافعنَ عن الديمقراطية والحرية والدستور. وبدورها أكّدت عيسى أنّ "الانقلاب مثّل انتكاسة حقيقية في حقوق المرأة، وظهر ذلك من خلال حملات التشويه التي استهدفت القاضيات، وكذلك من خلال شيطنة المقاومة النسوية، مبيّنة أنّ الكفاح كان من أجل المساواة في الراتب والميراث ولكنّه تحول إلى الدفاع عن الحقوق والحريات لأن جلّ المكاسب معطّلة اليوم".
وفي تصريح لـ"العربي الجديد " قالت عيسى إنّ "منظومة الانقلاب من خلال القوانين الصادرة والأمر 117 وبمشروع الدستور الجديد الذي لم ينل ثقة أغلبية الأصوات الشعبية، شكّلت انتكاسة في حقوق المرأة". وأكدت أنّ "نصّ الدستور الجديد غيّب المساواة وتكافؤ الفرص ومدنية الدولة، وأطلق العنان للتأويل. فلا أحد يعرف من سيؤوّل هذه المقاصد في ظلّ رؤية رجعية يتبنّاها رئيس الجمهورية (قيس سعيّد)".
وأوضحت عيسى: "نريد دولة مدنية تقوم على تكافؤ الفرص والمساواة بين النساء والرجال، لكن في ظلّ الشيطنة الواضحة في البلاد وحملات التفريق بين النساء أنفسهنّ، فإنّ الأحلام تُحطَّم والرغبة في الحلم تتراجع، فكلّ ما يقوم به سعيّد هو توظيف للمرأة. وحتى تعيينه لرئيسة الحكومة (نجلاء بودن رمضان) كان صورياً بعد أن سلب منها كلّ الصلاحيات وجرّدها من الفعل السياسي، وكذلك الأمر بالنسبة إلى النساء في الحكومة، الأمر الذي يُنبئ باندثار النساء السياسيات".
أمّا أستاذة القانون العام في كلية سوسة سنية الفرجاني فقالت لـ"العربي الجديد" إنّه "بالعودة إلى النصوص القانونية التي صدرت بعد 25 يوليو 2021، تبدو الانتكاسة واضحة. ويكفي أنّ كلّ المسائل المتعلقة بالحقوق والحريات وفي ظلّ الأمر 117 صارت مرتهنة بمراسيم لا تخضع لأيّ رقابة ولا للطعن"، مشدّدة على أنّ "في ذلك تهديداً جدياً للمنظومة الحقوقية المتعلقة بالحقوق والحريات ولمجلّة الأحوال الشخصية".
وتابعت الفرجاني أنّ "الاستشارة الوطنية لم تكن متّجهة للحقوق النسوية وكذلك الدستور الجديد الذي غابت عنه صيغة الجندرة في النسخة الأولى. وعلى الرغم من تدارك الأمر في النسخة الثانية، فقد بقيت تهديدات واضحة لمكتسبات المرأة، بالتالي ثمّة مخاوف على حقوقها لأنّ مصطلح مدنيّة الدولة حُذف واستُبدل بآخر جديد هو مقاصد الإسلام من دون توضيح من سوف يحدّدها وكيف ستؤوّل هذه المقاصد". وأوضحت أنّ "كلّ هذا يثير الريبة حول القضايا النسوية وحول حقوق المرأة في تونس".