يترقب النازحون في مخيمات الشمال السوري زوال المنخفض الجوي، الذي يضرب المنطقة منذ مساء أمس الأربعاء، بصبر، كون الظروف التي يعيشونها أصبحت مزرية للغاية بعد تسعة أيام على العاصفة الثلجية، التي ضربت الكثير من مخيمات المنطقة وتسببت بفقدان الكثير من العائلات المأوى.
ومنذ ساعات صباح الخميس الأولى، تجدّد هطول الثلج في منطقة عفرين بريف حلب الشمالي الغربي، بالتزامن مع هطول الأمطار بريف إدلب الشمالي، والتي تسببت بإصابة اثنين من النازحين جراء انهيار الخيمة الواقعة ضمن مخيم مورك، القريب من بلدة كفرلوسين، حيث أسعفت فرق الدفاع المدني الشقيقين المصابين إلى مشفى باب الهوى.
وما زالت أوضاع النازحين في مخيم آدم القريب من بلدة خربة الجوز، بريف إدلب الغربي، يُرثى لها، كما يقول مدير المخيم عدنان سليمان لـ"العربي الجديد"، فالوضع الحالي "صعب جداً على النازحين والبرد شديد، وأرض المخيم موحلة، ويعاني القاطنون فيه من نقص في مواد التدفئة".
وأكّد سليمان أنّ 10 خيام تضرّرت بشكل جزئي أو انهارت بشكل كلي، وأجبرت العائلات المتضررة على الانتقال والمبيت لدى عائلات أخرى من الأقرباء أو الجيران، لافتاً إلى أنه "لا منظمات أو جهات إنسانية تدخلت لمدّ يد العون لهذه العائلات".
وأضاف: "حاولنا جاهدين التواصل مع المنظمات، لكن كل ما لقيناه هو الوعود فقط، وكانت هناك استجابة على صعيد شخصي لأحد فاعلي الخير الذي وزّع الحطب على النازحين، وذلك قبل المنخفض الأخير".
ووصف سليمان الوضع بـ"الخطير"، كون النازحين ضمن المخيم "عاجزين عن فعل أي شيء، وهم يراقبون فقط خيامهم تتمزّق وتقع"، وأضاف أنّ "المعاناة ذاتها تتجدّد في كل عام، ويتلخّص الوضع بالدور الضعيف جداً للمنظمات الإنسانية".
وفي مخيم البركة القريب من مدينة الدانا، يواجه النازحون مشكلة إضافية للبرد، وهي مشروع إعادة سقف منازل المخيم، الذي يتم في وقت صعب وظروف استثنائية، حيث تقول سمية الحميد، النازحة المقيمة في المخيم، لـ"العربي الجديد"، إنّ الظروف أجبرتها على نقل أغراض بيتها تحت المطر وفي البرد الشديد، وهي تقيم في الوقت الحالي في منزل مؤقت لأقربائها ضمن المخيم ذاته.
وأكدت الحميد أنّ الجهة المسؤولة عن المخيم بدأت بمشروع استبدال الأسقف فيه مؤخراً، بسبب تسرّب مياه الأمطار من أسقف المنازل، كما أنّ "بعض هذه الأسقف كان شبه منهار". وتقول: "أصعب من البرد علينا هو التشرّد الذي نعيشه في الوقت الحالي. لن أكون قادرة على العودة للبيت مع أفراد عائلتي إلاّ بعد أسبوعين على أقل تقدير. كان عليهم إتمام هذا الأمر قبل فصل الشتاء وليس في ذروة البرد والمطر".
وفي مخيم الزوف بمنطقة جسر الشغور بريف إدلب الغربي، تضرّرت العديد من الخيام، وانهارت على رؤوس ساكنيها نتيجة تراكم الثلوج، في الوقت الذي حاول فيه نازحون، خلال ساعات الليل، إزالة الثلوج عن خيامهم لمنع انهيارها، وتدخلت بعض الفرق الإنسانية لمساعدتهم، منها الدفاع المدني ومنظمة "بنفسج".
وفي سياق متصل، أعلنت منظمات إغاثية إنسانية عن حملات لإغاثة النازحين السوريين والفلسطينيين في الشمال السوري، حيث أطلقت جمعية "العيش بكرامة" الفلسطينية حملة "الكرامة 6"، في حين أطلقت جمعية "القلوب الرحيمة" حملة "دفء القلوب الرحيمة" التي جمعت حوالي مليون دولار بعد نحو أسبوع على إطلاق الحملة.
وفي السياق، قال فايز أبو عيد، مسؤول الإعلام في "مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سورية"، لـ"العربي الجديد"، إنّ حملة "الكرامة 6" ليست الأولى من نوعها التي يقوم بها أبناء الشعب الفلسطيني في الداخل المحتلّ لإغاثة النازحين في الشمال السوري، والتي "تهدف لإعلان التضامن والوقوف مع الشعبين السوري والفلسطيني في مخيمات الشمال السوري، وذلك للتأكيد على وحدة الشعبين والتخفيف من معاناتهم ومد يد العون والمساعدة لهم".
وأشار أبو عيد إلى أنّ الجمعية أرسلت سابقاً 25 شاحنة محمّلة بحوالي 625 طناً من الفحم خلال شهر فبراير/شباط 2020، وقافلة مساعدات إغاثية في شهر يناير/كانون الثاني 2020. وجمع أهالي بلدة طوبا الزنغرية، التي تقع شمال شرق طبريا في فلسطين، تبرعات مالية بقيمة 100 ألف دولار أميركي، لإرسالها إلى المحتاجين في مخيمات الشمال السوري، وفي الشهر الثاني من عام 2021، تبرّع الشيخ رائد صلاح بجائزة مالية بقيمة 2800 دولار، كان قد كُرم بها في تركيا تقديراً على جهوده في خدمة قضايا الأمة، للنازحين السوريين.
ولفت أبو عيد أنه، في أكتوبر/تشرين الأول 2021، قامت طواقم جمعية الإغاثة 48، وبدعم من أهل الخير داخل الأراضي المحتلة عام 1948، وضمن مشروع الاستجابة العاجلة لمواجهة فيروس كورونا، بتوفير عدد من المستلزمات الطبية من أجل إرسالها للاجئين الفلسطينيين المهجّرين في الشمال السوري، إضافة إلى مشاريع وحملات إغاثية عديدة قامت بها كمشروع "رغيف الخبز وحملة "فاعل خير" التي أطلقتها الجمعية بالتزامن مع موسم الشتاء".
ووفق الإحصائيات الأخيرة الصادرة عن فريق "منسقو استجابة سورية"، بلغ عدد المخيمات المتضررة بسبب العواصف في مناطق شمال غرب سورية 266، إضافة لأكثر من 23 مخيماً تضرّرت بسبب الحرائق. وأكّد الفريق، في بيانه الصادر أمس الأربعاء، أنّ أكثر من 70 بالمائة من النازحين لم يحصلوا على مواد للتدفئة هذا العام، في حين يحتاج أكثر من 95 بالمائة من النازحين في الخيام لعوازل حرارية.
ولفت الفريق إلى أنّ الأمر يتطلب زيادة عمليات الإغاثة الإنسانية للنازحين في المخيمات، والإسراع في عمليات نقلهم من المخيمات إلى مساكن مؤقتة من شأنها تخفيف الأضرار الناجمة عن الظروف الجوية.