البرية ليست ودودة

27 سبتمبر 2022
تعيش الأفيال في عائلات مثل البشر (حفيظ أحمد/الأناضول)
+ الخط -

"خواطر فيل صغير" من بين أغنيات الأطفال التي حظيت بفرص الانتشار الواسع في سبعينيات القرن الماضي، وقام المغني النور الجيلالي بإعادتها إلى النور مؤخراً عقب نشر وسائل إعلام محلية خبر "الدعفل" الذي سقط في حفرة بإحدى غابات جنوبي السودان، فتوقفت أمه والقطيع في محاولة لإخراجه، لكنهم فشلوا، بيد أن الأم لم تيأس، وكررت محاولاتها حتى سقطت هي الأخرى.
تؤكد المتخصصة في سلوك الأفيال بجامعة الطب البيطري في فيينا، راشيل دالي، أن "الأفيال تندفع بلا هوادة لإنقاذ فيل في خطر، حتى لو كلفها ذلك حياتها".
اكتملت الحكاية بإنقاذ الفيل الرضيع، ونقله بالطائرة إلى العاصمة الخرطوم، ليستضيفه أحد المواطنين في منزله. لكن حاجات الفيل الصغير كانت أكبر من قدرات المستضيف، فتدخل سفير إحدى الدول الأوروبية، ليتقرر نقل "الدعفل" إلى ملجأ الفيلة الأيتام في كينيا.
ثمة رابط بين الفيلة والإنسان، فهي تعيش في أسر مثلنا، وتبدو عليها علامات المرح، ويمكن رؤيتها وهي تحزن، ومنذ مئات السنين احتلت مكانة في الثقافات الكونية، إذ اعتبرها البعض آلهة، واتخذها بعض الملوك رمزاً لهم دلالة على القوة، كما وظّفت في عمليات النقل والحمل في أزمان الحروب والسلم، ومع ذلك فإنها تواجه خطر الانقراض، إذ قُتل أكثر من 100 ألف فيل خلال ثلاث سنوات فقط.
أوردت وكالة "رويترز" في فبراير/ شباط 2012، أن صيادين من دولتي تشاد والسودان قتلوا أكثر من مائتي فيل خلال ستة أسابيع في شمال الكاميرون، وذلك بسبب الطلب المتزايد على العاج الذي يستخدم في صناعة المجوهرات والحلي، وبسبب ضيق السكان المحليين من هجوم الأفيال على مزارعهم بعد أن نقص غذاؤها في الغابات.
وفي سبتمبر/ أيلول الجاري، تمكنت شرطة ولاية شمال كردفان السودانية، من ضبط 24 قطعة من سن الفيل في طريقها إلى الخرطوم.
وحذرت جماعة "ترافيك" المعنية بتعقب توجهات التجارة المرتبطة بالحيوانات البرية، من زيادة عمليات صيد الأفيال في أفريقيا، مشيرة إلى الأرقام القياسية التي تسجل كل يوم.

موقف
التحديثات الحية

وثبُت أنه بجانب الصيد من أجل العاج، والاستخدام في العروض الترفيهية، هناك عوامل أخري تتسبب في إمكانية انقراض الأفيال، من بينها القضاء على الغابات التي توفر ما يكفيها من طعام، وكذلك موائل العيش الآمن. كما تواجه الأفيال مخاطر التلوث البيئي بسبب تناول النباتات والمياه الملوثة.
ويؤكد أستاذ علم النفس بجامعة نيويورك، جوشوا بلوتنيك، أن "البرية ليست مكاناً ودوداً، حتى بالنسبة لحيوانات بحجم الأفيال".
وحتى لا يفقد عالمنا المزيد من الحيوانات ذات القيمة البيئية العالية لا بد من تكاتف جهود المجتمع الدولي والمحلي للحد من إحداث خلل في التوازن البيئي، ومن أجل مستقبل الأجيال القادمة.


(متخصص في شؤون البيئة)