يستمر منذ خمسة أسابيع في مدينة كويتا جنوب غربي باكستان، اعتصام أفراد ينتمون إلى قبائل البشتون التي تتواجد في باكستان وأفغانستان، ضد إجراءات الحكومة الباكستانية الخاصة بفرض استخدام تأشيرات للعبور بين البلدين، وتتحاور الحكومة مع ممثلين للقبائل، لكنها ترفض في الوقت ذاته تلبية مطالبهم التي يعتبرونها شرعية باعتبار أنها قائمة منذ عقود.
وقال وزير الإعلام في حكومة إقليم بلوشستان، جان محمد أجكزاي، في تصريح صحافي أدلى به في 26 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، إن "الحكومة منفتحة، وتحاور زعماء القبائل، وطالبناهم بالتزام الهدوء، وتجنب تنفيذ أي عمل ضد القانون، ونؤكد أننا سنتعامل مع ذلك بحزم"، مشدداً على أن "الحكومة لن تقبل أن يدخل أي شخص إلى الأراضي الباكستانية من دون تطبيق إجراءات العبور المعتمدة، وطلب زعماء القبائل إلغاء الإجراءات على الحدود أمر غير ممكن، ويجب ألا يتوقعوا تنفيذه، وأن يفكروا ملياً في عدم معارضة سيادة باكستان واستقرارها".
في المقابل، قال رئيس حركة حماية البشتون، منظور أحمد بشتين، خلال اعتصام في 27 نوفمبر/ تشرين الأول الماضي، إن "المشكلة الأساسية التي تواجهها قبائل البشتون التي تقطن في الجانب الباكستاني للحدود مع أفغانستان، أن إسلام آباد لا تعترف بحقوقها من الأصل، وترفض أن تمنحها إياها استناداً إلى الشريعة الإسلامية وقانون البلاد، لذا نتمسك بكل الخيارات المتاحة للحصول على حقوقنا بموجب الدستور".
وتابع بشتين: "نرفض عبور أفراد القبائل البشتونية الحدود بحسب الإجراءات التي تفرضها الحكومة، ونعمل على إلغاء القرار الباكستاني في كل المنافذ الحدودية مع أفغانستان لأن مصالحنا مشتركة في الدولتين، واعتدنا على مر التاريخ أن نعبر الحدود في أي وقت، ولا يمكن أن نقبل القيود الجديدة التي فرضتها الحكومة، ونحذرها من استخدام القوة في مواجهتنا. حركة حماية البشتون ستنظم قريباً تظاهرات واحتجاجات في أنحاء باكستان لتأييد الاعتصام الجاري في إقليم بلوشستان، ورفض الإجراءات المتخذة على الحدود. تعامل السلطات الباكستانية مع قبائل البشتون واللاجئين الأفغان والأقلية البلوشية ظالم، ولن يجلب نتائج جيدة للمستقبل باكستان، وأدعو القبائل إلى المشاركة في الاعتصام الجاري، والتظاهرات والاحتجاجات المرتقبة".
ويقول الزعيم القبلي رحمت الله خان، وهو أحد منظمي الاعتصام في كويتا، لـ"العربي الجديد": "حين استقلت باكستان عن الهند جرى توزيع القبائل البشتونية على طرفي الحدود، لذا فإنه لنا أبناء عمومة على الجانب الثاني من الحدود، ونتشارك في الأفراح والأحزان، فكيف يمكن أن نحصل على تأشيرات لنقل جثامين أمواتنا إلى الجانب الثاني من الحدود؟ رفضنا هذا الأمر قبل 70 عاماً، ويعلم صنّاع القرار في باكستان أن هذه الإجراءات لم تفرض علينا أيام الروس أو الأميركيين، ولا خلال الحرب الأهلية في أفغانستان. كنا نمشي في الصباح والمساء إلى الجانب الأفغاني، ويأتي إلينا أبناء عمنا من باكستان. الإجراءات التي تفرضها إسلام آباد علينا اليوم ترتبط بأسباب نعرفها جيداً، وأولها أن أفغانستان أصبحت آمنة، وباتت لا ترضخ لباكستان، ولا تقبل أوامرها، ونطالب باكستان أن تعطينا حقوقنا، وإلا فسنأخذها بنفسنا".
ويقول أحد المشاركين في الاعتصام، عبد الصبور أجكزاي، لـ"العربي الجديد": "لا يستمع صنّاع القرار إلى أصواتنا ومطالبنا الشرعية. جاء المسؤول في الحكومة المحلية جان محمد أجكزاي وتحدث إلينا، ثم أبلغنا أنه عاجز عن معالجة الوضع، وأن الأمور ليست في يد الحكومة المحلية، ثم جاء الجنرال في الجيش آصف غفور وتحدث مع الزعماء القبليين، وأبلغهم أيضاً أن القضية ليست في يده، لكنه سينقل المطالب إلى قيادة الجيش للنظر فيها. ولم نتلقَ أي جواب حتى الآن".
يضيف: "تضم القبائل مئات آلاف الافراد الذين سينتفضون إذا لم تلب الحكومة المطالب التي نعتبرها شرعية لأنها تتعلق بحياتنا الاجتماعية، إذ نرتبط بعلاقات أسرية مع القبائل في الجانب الثاني من الحدود، ونسأل كيف يمكن أن يحصل رجل ينتمي إلى القبائل على تأشيرة في كل مرة، هذا أمر مرفوض، وتعلم إسلام آباد أننا نصرّ على تنفيذ مطالبنا، ولن نتنازل عن حقوقنا".