تبنى مؤتمر كوب-26 للمناخ، السبت، "ميثاق غلاسكو" الهادف إلى تسريع وتيرة مكافحة الاحتباس الحراري، ولكن من دون أن يؤكد إبقاءه ضمن سقف 1.5 درجة مئوية ولا تلبية طلبات المساعدة من الدول الفقيرة، بحسب ما أوردت وكالة "فرانس برس".
وجاء التبني النهائي للنص بعد أسبوعين من المفاوضات الشاقة، وتحذير وجّهه الرئيس البريطاني للمؤتمر العالمي حول المناخ ألوك شارما، وإثر تعديلات في اللحظات الأخيرة أدخلتها الصين والهند حول قضية مصادر الطاقة الأحفورية.
وأثارت التعديلات الأخيرة شكاوى من الدول الضعيفة، التي كانت تريد بياناً أكثر تحديداً بشأن إنهاء دعم الوقود الأحفوري.
وقال ألوك شارما، رئيس المؤتمر، إنه "يأسف بشدة" لما انتهى إليه المشاركون في المؤتمر من تغييرات أدخلوها في اللحظة الأخيرة في الصياغة في ما يتعلق بالفحم.
وتهدّج صوت شارما بعد أن سمع من الدول الضعيفة، التي عبرت عن غضبها من التغييرات التي طرأت على نص الاتفاق، وأضاف "ربما أقول فحسب لكل الوفود أنا أعتذر عن الطريقة التي جرت بها هذه العملية وأنا آسف جداً"، ومضى يقول "أتفهم أيضاً خيبة الأمل الشديدة، لكني أعتقد كما لاحظتم أنّ من الضروري أن نحمي هذه الصفقة".
وأشار شارما إلى عدم وجود اعتراضات حاسمة من حوالي 200 مندوب للدول المشاركة في مؤتمر غلاسكو، بدءا ًمن القوى العظمى التي تستخدم الفحم والغاز، ووصولاً إلى منتجي النفط وحتى جزر المحيط الهادي المهددة بالاختفاء بفعل ارتفاع مناسيب المياه.
وقبل ساعات من ختام المؤتمر، قال شارما "من فضلكم لا تسألوا أنفسكم عما يمكنكم تحقيقه من (التزامات) أكبر، لكن اسألوا بدلاً من ذلك عما يكفي... هل هذه الحزمة متوازنة؟ هل توفر ما يكفي لنا جميعاً؟"، وأضاف "والأهم من ذلك، أرجو أن تسألوا أنفسكم عما إذا كانت هذه النصوص تصلح في نهاية المطاف لجميع الناس ولكوكبنا".
“I apologize for the way this process has unfolded and I am deeply sorry.”
— Bloomberg Quicktake (@Quicktake) November 13, 2021
The President of #COP26 Alok Sharma was overcome with emotion as he apologized for an eleventh-hour watering down of the Glasgow Climate Pact https://t.co/OWRw0CiBZp pic.twitter.com/eOrGtG7Hv1
ويتوج هذا الاتفاق مفاوضات على مدى أسبوعين جرى تمديدها ليوم واحد أمس من أجل إحداث توازن بين مطالب الدول المعرضة للتأثر بالمناخ والقوى الصناعية الكبرى وتلك الدول التي يُعتبر استهلاكها أو صادراتها من الوقود الأحفوري أمراً حيوياً لتطورها الاقتصادي.
وأقرت مسودة اتفاق تم توزيعها، في ساعة مبكرة من صباح اليوم السبت، بأن الالتزامات الحالية لخفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري التي تسبب ارتفاع درجة حرارة الكوكب ليست كافية في أي مكان، وطلبت من الدول وضع تعهدات مناخية أكثر صرامة في العام المقبل، بدلاً من كل خمس سنوات، كما هو مطلوب حالياً.
ويُعد المؤتمر حاسماً لتحديد مصير كوكب الأرض، حيث ارتفعت درجة حرارة الأرض لأكثر من 1.1 درجة مئوية، فيما تشير التوقعات الحالية إلى أنّها ستصل إلى 2.7 درجة مئوية بحلول عام 2100.
ويحذّر خبراء من أنّ كمية الطاقة المنبعثة من الاحتباس الحراري من شأنها أن تذيب كثيراً من جليد الكوكب، وأن ترفع مستويات البحار، وأن تزيد بشكل كبير من احتماليّة ارتفاع حرارة الطقس.
ومع ذلك، فإنّ مسودة اليوم السبت التي نشرتها الأمم المتحدة دعت إلى بذل الجهود للحد من استهلاك الفحم، وكذلك الدعم الضخم الذي تقدمه الحكومات في جميع أنحاء العالم للنفط والفحم والغاز من أجل تزويد المصانع بالطاقة وتدفئة المنازل، وهو أمر لم يتم الاتفاق عليه في أي دورة سابقة من المؤتمر.
وأبدت الهند، التي تعتمد احتياجاتها من الطاقة بشكل كبير على الفحم، اعتراضات في اللحظات الأخيرة على هذا الجزء من الاتفاق.
وترى البلدان النامية أنه يجب على الدول الغنية، التي تعتبر انبعاثاتها تاريخياً مسؤولة إلى حد كبير عن ارتفاع درجة حرارة كوكب الأرض، دفع المزيد من الأموال لمساعدتها على التكيف مع عواقب تلك الانبعاثات والحد من آثارها.
وحثت المسودة الدول الغنية على زيادة تمويل التكيف مع المناخ إلى المثلين بحلول عام 2025 مقارنة بمستويات عام 2019، وهو ما كان مطلباً رئيسياً لدول الجزر الصغيرة المشاركة في المؤتمر.
وقالت بريطانيا إنّ لجنة تابعة للأمم المتحدة يجب أن تقدم العام المقبل تقريراً عما تم إحرازه من تقدم نحو تقديم 100 مليار دولار سنوياً من إجمالي التمويل السنوي المتعلق بالمناخ، والذي تعهدت به الدول الغنية بحلول عام 2020 لكنها فشلت في الالتزام به. وأضافت أنّ الحكومات يجب أن تجتمع في أعوام 2022 و2024 و2026 لمناقشة تمويل المناخ.
ويعد مخصص 100 مليار دولار سنوياً في حد ذاته أقل بكثير من الاحتياجات الفعلية للبلدان الفقيرة/ والتي يمكن أن تصل إلى 300 مليار دولار بحلول عام 2030 في تكاليف التكيف وحدها، وفقا للأمم المتحدة، فضلاً عن الخسائر الاقتصادية الناجمة عن دمار المحاصيل أو الكوارث المرتبطة بالمناخ.
غوتيريس بعد اتفاق كوب 26: "الكارثة المناخية لا تزال ماثلة"
وحذر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس من أنّ "الكارثة المناخية لا تزال ماثلة" رغم التوصل إلى اتفاق في مؤتمر كوب-26 للمناخ في مدينة غلاسكو.
واعتبر غوتيريس، في بيان، أنّ المؤتمر العالمي للمناخ انتهى بـ"خطوات إلى الأمام مرحب بها، ولكن ذلك ليس كافياً". وكان غادر غلاسكو متوجهاً إلى مقر المنظمة الدولية في نيويورك.
The #COP26 outcome is a compromise, reflecting the interests, contradictions & state of political will in the world today.
— António Guterres (@antonioguterres) November 13, 2021
It's an important step, but it's not enough.
It's time to go into emergency mode.
The climate battle is the fight of our lives & that fight must be won. pic.twitter.com/NluZWgOJ9p
وإذ عدّد الأهداف "التي لم نبلغها خلال هذا المؤتمر"، تطرق غوتيريس خصوصاً إلى "إنهاء الإعفاءات على مصادر الطاقة الأحفورية، والاستغناء عن الفحم، وفرض ضريبة على الكربون"، إضافة إلى تأمين المساعدة المالية للدول الأشد فقراً.
وأضاف في بيانه أنّ "النصوص التي تم تبنيها هي تسوية. إنها تعكس المصالح والوضع والتناقضات وحال الإرادة السياسية الراهنة في العالم. (...) المؤسف أنّ الإرادة السياسية المشتركة لم تكن كافية لتجاوز التناقضات العميقة".
وتابع غوتيريس "حان الوقت للانتقال إلى أسلوب الطوارئ"، ملاحظاً أنّ الالتزامات الراهنة للحد من الانبعاثات لا تتيح الحفاظ على الهدف الذي حدده اتفاق باريس لجهة احتواء الاحتباس الحراري "إلى ما دون" درجتين مئويتين مقارنة بالحقبة ما قبل الصناعية.
غريتا تونبرغ: مؤتمر كوب 26 لا يعدو كونه "ثرثرة"
وفي ردات الفعل، أبدت الناشطة السويدية غريتا تونبرغ أسفها لما انتهى إليه مؤتمر كوب 26 للمناخ السبت في غلاسكو، معتبرة أنه لا يعدو كونه "ثرثرة".
وكتبت الناشطة على "تويتر"، إثر اختتام المؤتمر العالمي للمناخ، أنّ "العمل الفعلي يتواصل خارج تلك القاعات. ولن نستسلم أبداً، أبداً".
The #COP26 is over. Here’s a brief summary: Blah, blah, blah.
— Greta Thunberg (@GretaThunberg) November 13, 2021
But the real work continues outside these halls. And we will never give up, ever. https://t.co/EOne9OogiR
(فرانس برس، رويترز)