يُواجه نازحو مخيم الركبان، عند المثلث الحدودي بين سورية والأردن والعراق، مخاوف متكررة من انهيار البيوت الطينية فوق رؤوسهم، بسبب الأمطار التي تسببت في وقت سابق بانهيار جدران وتضرر جزئي في بعضها، ما يزيد الأعباء على النازحين في ظل غياب تدابير السلامة وارتفاع تكاليف ترميم هذه المنازل.
وشهد مخيم الركبان، خلال اليومين الماضيين، تساقطات مطرية تسببت في تسرب المياه داخل المنازل الطينية، وجددت هواجس النازحين من تكرار ما وقع يومي 29 و30 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، بعد هطولات مطرية غزيرة أدت إلى تسرب المياه داخل المنازل الطينية وانهيار بعض الجدران وتشقق أسقف نتيجة الرياح القوية.
النازح السوري أسامة، أحد سكان المخيم، أبدى تخوفه من أي تساقطات مطرية غزيرة في مخيم الركبان. وقال، في حديثه لـ"العربي الجديد"، إن المطر خلال السنوات الماضية لم يكن بهذه الغزارة، ولم يكن تأثيره كبيراً على البيوت الطينية، لكن هذا العام حدثت هطولات قوية تسببت في مشاكل، إذ انهارت أسقف بعض المنازل وتشققت جدران..
وأضاف أسامة: "الأمر مخيف فعلاً، خلال الأيام الماضية كانت الهطولات المطرية خفيفة وتسربت المياه لداخل منزلي من السقف، وضعنا الأواني تحتها، وبعد توقف المطر، حاولت سد التشققات بالطين، أحاول حاليا تأمين شادر (قطعة) من البلاستيك لتغطية السقف قبل هطول المطر خوفاً من تضرره بشكل كبير".
لقد تحوّل فصل الشتاء إلى كابوس يقضّ مضجع قاطني المخيم، خاصة مع سهولة تسرب المياه كون التربة رملية، فضلا عن تعثر عمليات ترميم المنازل الطينية، كما يوضح النازح مرعي الشهاب من مدينة تدمر، لـ"العربي الجديد"، مضيفا أن "هذه البيوت المبنية من طوب طيني معرضة لخطر الانهيار مع تشرب المياه، ومنها المسقوفة بالطين، وأخرى يُستعان فيها بالشوادر أو الأغطية البلاستيكية التي تثقب وتتلف بسبب العوامل الجوية".
وبيّن الشهاب أن "ترميم البيوت الطينية مكلف جداً، جسر الحديد أو الخشب للأسقف يكلف 300 ألف ليرة، والخشب 30 ألف ليرة، والحديد تصل تكلفته إلى نحو 50 ألف ليرة (الدولار يساوي 6 آلاف ليرة) وحاليا الشوادر غير متوفرة، والتسرب يحدث بسبب الشوادر المهترئة، والتربة رملية تذوب بالماء، الترميم يحدث على الجدران في الوقت الحالي، والناس يجددون التربة على السطح حتى لا تتسرب المياه".
وأشار إلى أنّ العاصفة المطرية، التي ضربت المخيم نهاية الشهر الماضي واستمرت أكثر من 15 ساعة، تسببت في انهيار غرف ومطابخ وحمامات في البيوت، وحتى الجدران حدثت فيها شروخ بسبب الأمطار.
بدوره، أوضح الناشط الإعلامي عماد غالي، لـ"العربي الجديد"، أن بعض البيوت الطينية مسقوفة من الخشب والتراب، وأخرى يُستعان فيها بالأغطية البلاستيكية "الشوادر"، وحتى الجدران من الطين ونسبة الرمل عالية فيها جدا، لهذا أي عاصفة مطرية تسبب تشقق الجدران وانهيارها وتلف الشوادر، الأمر الذي يجعل مياه الأمطار تتسرب لداخل الخيام.
وعادة ما تبدأ عمليات ترميم هذه البيوت في شهر سبتمبر/ أيلول من كل عام قبل حلول فصل الشتاء، وفق ما أفاد نازحون، من خلال تصنيع اللبنات، حيث يخلط التراب بالماء ويضاف له القش حتى يتماسك بشكل جيد، ويوضع في قوالب، ويترك ليجف تحت أشعة الشمس، من بعدها يستخدم في البناء.
بدوره، أوضح الناشط المدني محمود الهميلي الذي يقيم في مخيم الركبان، لـ"العربي الجديد"، أن "المنطقة صحراوية، حتى التراب فيها غير صالح للبناء، كون نسبة الرمل كبيرة، لا توجد شوادر أو خيام، والبيوت من الطين والتراب وهي غير مقاومة".
وبين الهميلي أن عدد المنازل المتضررة بسبب الأمطار بلغ 113 منزلا خلال الفترة الماضية، لافتا إلى تزايد التهديدات في حال تساقط الأمطار بشكل أكبر، مؤكدا أن عدد سكان المخيم في الوقت الحالي يبلغ 8500 نسمة.
وكان المرصد السوري لحقوق الإنسان قد دق ناقوس الخطر من تزامن ظروف الشتاء مع غياب تدابير السلامة في حال حدوث انهيار بناء على رؤوس النازحين، وعدم وجود فرق لإنقاذ الأطفال والنساء في حال حدوث سيول جارفة، بالإضافة إلى غياب تام للنقاط الطبية.
ويشهد مخيم الركبان حصاراً خانقاً من قبل قوات النظام والمليشيات الموالية له منذ العام 2019، ويعيش نازحوه أوضاعاً كارثية بسبب غياب المنظمات الإنسانية، ويفتقر قاطنو المخيم إلى أبسط مقومات الحياة من رعاية صحية وتعليم ومواد غذائية وغيرها من الأساسيات، ما يدفع بالعديد من العائلات للخروج بين الحين والآخر باتجاه مناطق سيطرة قوات النظام من دون وجود أي ضمانات أمنية، وفقاً للمصدر نفسه.