استمع إلى الملخص
- دعت جمعيات حقوقية إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لمواجهة العنف الجنسي في المدارس، مع التركيز على وضع آليات لتقييم ومعالجة العنف سنوياً وتنفيذ حملات توعية.
- ينص القانون المغربي على عقوبات صارمة ضد مرتكبي التحرش الجنسي، بهدف مكافحة العنف ضد النساء وتعزيز الأمان في المجتمع.
دقت فعاليات حقوقية في المغرب ناقوس الخطر بعدما كشف تقرير رسمي أرقاماً مقلقة لظاهرة التحرش الجنسي بتلاميذ وتلميذات، وطالب بأن تتدخل السلطات لوضع تدابير لحمايتهم في الوسط المدرسي، والتصدي للظاهرة.
أعلن المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي في المغرب، وهو هيئة استشارية مستقلة مكلفة إبداء الرأي في كل السياسات العمومية والقضايا ذات الطابع الوطني التي تهم ميادين التربية والتكوين والبحث العلمي، في تقرير أصدره بعنوان "المساواة بين الجنسين في المنظومة التربوية"، أن "أكثر من ثلث تلاميذ وتلميذات المرحلة الابتدائية تعرضوا لتحرش جنسي، وأكثر من عشر تلميذات في المرحلتين الإعدادية والتأهيلية وقعن ضحايا علاقات جنسية قسرية".
وأشار التقرير إلى أن غالبية مرتكبي العنف الجنسي من الذكور. وأوضح أن 66.3% من التلاميذ الذين تعرضوا لتحرش قالوا إن مرتكبي هذا النوع من العنف هم تلاميذ في المدرسة ذاتها، وقال 22.1% من هؤلاء التلاميذ إن مرتكبي هذا النوع من التحرش تلميذات في المدرسة.
وبالنسبة إلى تلاميذ المرحلة الثانوية، أفاد 70% من التلاميذ بأن من ارتكب التحرش ولد واحد أو أكثر من نفس مدرستهم، بينما صرح 18% منهم بأن بنتاً واحدة أو أكثر من نفس مدرستهم ارتكبت هذا النوع من التحرش.
وأورد التقرير ذاته أن البنات في المرحلتين التأهيلية والإعدادية هن الأكثر تعرضاً للعنف الجنسي، ما دفع المجلس إلى التنبيه إلى الحاجة الملحة لاتخاذ تدابير الحماية البنات في الوسط المدرسي.
كما أشار التقرير إلى ارتكاب نسبة لا يستهان بها من المدرّسين للتحرش. وأبلغ 5.1% من تلاميذ المدارس الابتدائية و18.7% من تلاميذ المدارس الثانوية أنهم كانوا شهوداً على تحرش جنسي ارتكبه أحد المدرّسين ضد تلاميذ آخرين.
تقول رئيسة جمعية "ما تقيش (لا تلمس) ولدي" غير الحكومية، نجاة أنور، لـ"العربي الجديد": "تدفع الأرقام المعلنة الجمعية إلى تكرار دق ناقوس الخطر من إشكالية العنف داخل المؤسسات التعليمية، خاصة العنف الجنسي. وتوضح أن كل الإشكاليات التي تناولها التقرير تثير القلق، وتطرح العديد من التساؤلات حول مستقبل المنظومة التعليمية في المغرب".
وتوضح أن تقرير المجلس الأعلى للتربية عن التحرش الجنسي وتقديمه إحصاءات مقلقة عن المناخ المدرسي والسلوكيات، استند إلى بيانات تقييم العنف في الوسط المدرسي التي أجرتها الهيئة الوطنية للتقييم عام 2019، وأيضا إلى البحث الوطني حول العنف ضد النساء والرجال الذي أجرته المندوبية السامية للتخطيط (حكومية) في العام ذاته.
وتقول أنور إن "هذه البيانات تدفع المنظمة إلى طرح أسئلة عن واقع المناخ المدرسي والسلوكيات داخل المؤسسات التعليمية، ومقدار التعامل بجدية مع إحصاءات عام 2019، وأيضاً عن تفعيل آليات لمواجهة ظاهرة العنف داخل المؤسسات التعليمية.
وتشدد على "ضرورة ان تتخذ الجهات المعنية إجراءات عاجلة تستند إلى شكاوى تلقتها منظمة ما تقيش ولدي في شأن العنف بالمؤسسات التعليمية، وتدعو وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة إلى وضع آليات جدية لتقييم واقع العنف داخل المؤسسات التعليمية سنوياً ومعالجته، وعدم إهمال هذا التهديد وباقي الإشكالات التي تضر بالمسار التعليمي للتلاميذ وتؤثر على سلامتهم الجسدية والذهنية والنفسية والاجتماعية".
من جهته، يتحدث رئيس "منتدى الطفولة" في المغرب (غير حكومي) عبد العالي الرامي، لـ"العربي الجديد"، عن ضرورة اتخاذ إجراءات مستعجلة من الجهات المعنية "لأن الإحصاءات المعلنة مخيفة وتدق ناقوس الخطر".
ويصف الرامي التحرش الجنسي بالتلاميذ بأنه "ظاهرة خطيرة تهدد المجتمع في ظل إشكالية العنف داخل المؤسسات التعليمية خاصة العنف الجنسي". ويدعو إلى تنفيذ حملات تحسيسية بالفضاءات العامة والمؤسسات التعليمية ومحاربة العنف وتوفير الأمن المدرسي أمام أبواب المدارس والمؤسسات التعليمية.
ويعرف القانون المغربي مرتكب جريمة التحرش الجنسي بأنه "كل من أمعن في مضايقة الغير في الفضاءات العمومية أو غيرها بأفعال أو أقوال أو إشارات ذات طبيعة جنسية لأغراض جنسية، أو بواسطة رسائل مكتوبة أو هاتفية أو إلكترونية أو تسجيلات أو صور ذات طبيعة جنسية أو لأغراض جنسية".
وينص قانون مكافحة العنف ضد النساء وتوسيع دائرة تجريم التحرش الجنسي في المغرب على فرض عقوبة سجن تتراوح بين شهر واحد وستة أشهر، أو دفع غرامة تتراوح بين 200 درهم (20 دولاراً) و10 آلاف درهم (ألف دولار)، أو كلتيهما معاً ضد كل من يُمعن في مضايقة الغير في أماكن عامة أو خاصة بأقوال وإشارات وأفعال ذات إيحاءات جنسية تهدف إلى تحقيق أغراض جنسية، أو عبر توجيه رسائل مكتوبة وإلكترونية، أو عبر اتصالات هاتفية وتسجيلات وصور ذات طبيعة جنسية.
وقد تبلغ عقوبة السجن خمس سنوات مع دفع غرامة تتراوح بين 5 آلاف درهم (500 دولار) و50 ألف درهم (5000 دولار)، إذا ارتكب التحرش أحد الأصول أو المحارم، أو إذا امتلك المتحرش ولاية أو سلطة على الضحية، أو إذا كان مكلفاً برعايتها، أو كفيلاً لها، أو إذا كانت الضحية قاصرا.