تعاني مناطق شمال غربي سورية من ضعف القطاع التعليمي، وخاصة في المخيمات المنتشرة قرب الحدود السورية التركية، في ظل ارتفاع أسعار الكتب والقرطاسية، ما يحرم كثيرين من حقهم في التعلم وينهك العائلات المقيمة داخل تلك الخيام ويفاقم ظروفها المعيشية التي تعدّ الأسوأ منذ أعوام.منظمات إنسانية عاملة في المجال الخيري تحاول سدّ جزء من العجز في القطاع التعليمي، وخاصة للفئات الأكثر تضررا المتمثلة في الأطفال المقيمين بالمخيمات العشوائية شمالي المحافظة.
التعليم للأغنياء فقط
مع انقطاع الدعم من بعض المنظمات الإنسانية في محافظة إدلب، بدأت المدارس الخاصة تكبر وتتنامى بسرعة، خاصة في الأشهر القليلة الماضية، وفق ما أدلى به الموجه التربوي محمد الحسن لـ"العربي الجديد".
وأكد الحسن خلال حديثه أن "القطاع التعليمي في مرحلة الانهيار لولا تدخل بعض المنظمات الخيرية التي باتت تُقدّم الدعم للمدارس من فئات التعليم الابتدائي والإعدادي، في محاولة منها لسد جزء من العجز الكبير الحاصل في محافظة إدلب".
غرف صفية لسدّ العجز في المخيمات
مع الضعف الكبير الحاصل في عملية التعليم داخل المخيمات المنتشرة على الحدود السورية التركية، وخاصة العشوائية منها، يحاول بعض قاطني المخيمات استحداث مدارس صغيرة أو "غرفاً صفية" كما يسمونها.
زينب برهوم مديرة مدرسة للتعليم الابتدائي بمخيم "الفاتحة" في بلدة خربة الجوز بريف مدينة جسر الشغور الغربي، قالت لـ"العربي الجديد" إن "المخيم يضم خمس غرف صفية تستهدف الطلاب من الصف الأول حتى الرابع، فيما استطاعت تلك الغرف تقديم التعليم المجاني لـ210 طلاب وطالبات، جمعيهم من النازحين إلى المنطقة.وأوضحت برهوم أن "الغرف الصفية كانت بدعم عدة منظمات إنسانية تهتم بتقديم المساعدة للأطفال داخل المخيمات، إلا أن العجز لا يزال قائما، كون تلك الغرف باتت لا تتسع لتلاميذ جدد". وبينت المتحدثة أن "عملية تأمين الكتب المدرسية الخاصة بالطلاب تولتها منظمة قطر الخيرية، وعملت على توزيع المنهاج المخصص للفئات التي تخدمها الغرف الصفية". واعتبرت برهوم عملية تأمين الكتب من قبل المنظمة "من أفضل الخطوات التي عملنا عليها، حيث إن أسعار الكتب في المكتبات تبلغ 15 دولارا أميركيا، وهذا ما لا يستطيع معظم قاطني المخيمات تأمينه، وقد كانت العملية التعليمة شبه متوقفة بسبب عدم توفر الكتب".
وفي السابع عشر من سبتمبر/أيلول المنصرم، أعلنت "مديرية التربية والتعليم" في محافظة إدلب عن انطلاق العام الدراسي الجديد 2022/ 2023.
كتب مدرسية في طور الطباعة
المنسق العام لمنظمة "قطر الخيرية" في سورية محمد حردان قال، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "أبرز التحديات التي واجهها قطاع التعليم في سورية هو غياب الكتاب المدرسي عن المدارس كافة في شمال غرب سورية".
واعتبر الحردان أن "غياب الكتب أثر سلباً على رغبة الطلاب في التعلم في ظل غياب إحدى أهم الركائز التعليميّة، بالإضافة إلى عدم التزام المعلمين بمنهج محدد، الأمر الذي ترك علامات استفهام عن مستقبل العمليّة التدريسيّة ككل في المنطقة". وأردف الحردان بالقول إن "المخاطر تلك كان لا بد من تخطيها عبر البدء بمشروع يهدف إلى تأمين الكتب المدرسية للطلاب السوريين، إذ تعتمد المنظمة إطلاق 1,415,245 كتابا مدرسيا، تخدم 183,200 طالب وطالبة خلال العام الدراسي الحالي 2022/ 2023". وأوضح أن "طباعة الكتب وتأمينها هذا العام للطلاب السوريين هما استمرار لمشروع بدأت به قطر الخيرية منذ أربعة أعوام".
وأضاف الحرادن أن "قطر الخيرية تهدف إلى إعادة 25 ألف طالب سوري إلى مقاعد الدراسة، عبر توفير 420 غرفة صفية في 55 مدرسة بمناطق شمال غربي سورية". وسبق أن أصدر فريق "منسقو استجابة سورية" تقريرا أحصى فيه نسبة العجز في القطاع التعليمي داخل المخيمات في شمال غرب سورية، حيث بلغ 86 بالمائة من نسبة الاحتياجات.