يدخل الصراع بين وزارة التعليم في المغرب والنقابات التعليمية والأساتذة، منعطفاً جديداً يتّسم بالتصعيد وخوض إضرابات ووقفات احتجاجية جديدة، ما يجعل القطاع على صفيح ساخن.
ودخلت اللجنة الإدارية لـ"الجامعة الوطنية لموظفي التعليم" التابعة لنقابة "الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب"، صباح الثلاثاء، في اعتصام إنذاري أمام مقر وزارة التربية الوطنية بالعاصمة المغربية الرباط، وذلك بالتزامن مع خوض الشغيلة التعليمية بالمغرب إضراباً وطنياً عن العمل أيام 15 و16 و17 نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري، مصحوباً بوقفات احتجاجية ومقاطعة لبعض المهام التي يرى الأساتذة أنها لا تدخل ضمن اختصاصهم، لكنهم كانوا يؤدونها رغم ذلك.
وتأتي الاحتجاجات الجديدة رفضاً لما آلت إليه المُخرجات الأولية للحوار بين وزارة التربية الوطنية والاتحادات التعليمية، ودفعها إلى الاستجابة لمطالب العاملين في القطاع.
وإلى جانب نقابة الجامعة الوطنية لموظفي التعليم، تخوض فئة الأساتذة "المقصيون من خارج السلم"، اليوم وعلى مدى ثلاثة أيام، إضراباً وطنياً مع تنظيم وقفة مركزية ومسيرة احتجاجية وطنية يوم 17 من الشهر الحالي، على أن تتبعها مسيرة احتجاجية وطنية ممركزة بالرباط، بالتزامن مع اليوم العالمي لحقوق الإنسان (العاشر من ديسمبر/ كانون الأول).
كذلك يخوض أساتذة "الزنزانة 10" خريجو السلم 9 يومي 16 و17 نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري، إضراباً وطنياً مع وقفة احتجاجية، واعتصاماً يومي 9 و10 ديسمبر/ كانون الأول القادم بالتزامن مع اليوم العالمي لحقوق الإنسان. فيما ينتظر أن تنفذ "التنسيقية الوطنية للأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد" في 25 من الشهر الحالي، إضراباً وطنياً بالتزامن مع محاكمة عدد من الأساتذة المتعاقدين.
وقال الكاتب العام للجامعة الوطنية لموظفي التعليم، عبد الإله دحمان، إن "الاعتصام الإنذاري يأتي في سياق البرنامج النضالي الذي خطه المكتب الوطني للجامعة والمرتبط أساساً بالاحتجاج، ومحاولة دق ناقوس الخطر بشأن مآل الحوار القطاعي مع الوزارة، وذلك بالتزامن مع سياق اجتماعي ضاغط، وانهيار القدرة الشرائية للشغيلة المغربية بشكل عام والشغيلة التعليمية بشكل خاص، التي ظلت أجورها مجمدة طوال عشر سنوات، ودون أن تعرف عملية تحريكها مقاربة حقيقية تسهم في إيجاد وضع مادي لرجال التعليم يضمن لهم الاستقرار النفسي والاجتماعي والمهني".
وأوضح دحمان، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن الاعتصام الإنذاري أمام الوزارة يأتي بعد سنة من الحوار القطاعي الذي "أظهر اليوم فشله، بدليل خروج أطراف مشاركة فيه لانتقاد منهجيته والتسويف وهشاشة المخرجات وضبابية الرؤية، علماً أن الرهان على هذا الحوار كان كبيراً، وكان يؤمل أن يدشن لنظام أساسي جديد عادل ومنصف ومحفز للشغيلة التعليمية، خصوصاً أن الكثير من الملفات المطلبية للشغيلة التعليمية ظلت لسنوات طويلة دون حل، وهي ملفات تهم فئات متضررة، في مقدمتها ملف الأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد، والمقصيون من خارج السلم، والزنزانة 10 والتقنيون والمبرزون والدكاترة والملحقون التربويون والأطباء والمهندسون وغيرهم".
ولفت المتحدث نفسه إلى أنه بعد سنة من الحوار مع وزارة التعليم، فإن ملفات الفئات المتضررة لم تجد حلولاً حقيقية ومنصفة ومرضية، تعيد الثقة إلى المدرسة المغربية، مضيفاً أنّ "الجامعة الوطنية لموظفي التعليم تحملت مسؤوليتها لتقول من خلال احتجاجها أن كفى استهلاك الوقت دون إيجاد حلول منصفة وعادلة".
وفي خطوة تكشف حجم الاحتقان الذي يخيم على قطاع التعليم في المغرب، أمهلت النقابات التعليمية الأكثر تمثيلية، اليوم الثلاثاء، وزارة التربية الوطنية أسبوعاً واحداً "لتلقي الأجوبة الحاسمة بشأن الملفات المطروحة، قبل سلوك كل السبل النضالية التصعيدية الوحدوية الممكنة، لصون الحقوق وانتزاع المطالب العادلة والمشروعة لمختلف الفئات المتضررة من الأسرة التعليمية".
وقالت النقابات التعليمية الخمس (الجامعة الوطنية للتعليم التابعة للاتحاد المغربي للشغل، النقابة الوطنية للتعليم التابعة للكونفيدرالية الديمقراطية للشغل، الجامعة الحرة للتعليم المنضوية تحت لواء الاتحاد العام للشغالين بالمغرب، الجامعة الوطنية للتعليم التوجه الديمقراطي، النقابة الوطنية للتعليم التابعة للفيدرالية الديمقراطية للشغل) في بيان مشترك أصدرته في وقت متأخر ليل الاثنين، إنها "كما آمنت بالحوار، وحاورت من أجل بناء الحلول وتنفيذ النتائج، فإنها تؤمن إيماناً راسخاً بالنضال بديلاً، وستناضل بانخراط مناضليها ومناضلاتها في إطار الوحدة النقابية، في حال استمرار وضعية الانتظار الراهنة".
وجددت النقابات رفضها كل "تمطيط" في الاستجابة لانتظارات الشغيلة التعليمية، مطالبة بالإنصاف الفوري لكل الفئات المتضررة بقطاع التربية والتكوين، محملة المسؤولية الكاملة لـ"الوزارة والحكومة في ارتفاع منسوب الاحتقان داخل القطاع نتيجة عدم التجاوب مع مطالب رجال ونساء التعليم".