وسط زغاريد المصلين، دقّ جرس كنيسة مار توما في الموصل القديمة، وهو أول جرس كنيسة يعاد تركيبه في كبرى مدن شمال العراق، بعد سبع سنوات من سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية "داعش". أمام عشرات الأشخاص، غالبيتهم من المسيحيين الذين قدموا من المناطق المجاورة، قرع الأب بيوس عفاص الجرس في كنيسة السريان الكاثوليك التي ما زالت أعمال الترميم جارية فيها.
تم تركيب الجرس الذي يبلغ وزنه 285 كيلوغراماً والمصنوع في لبنان، بفضل تبرعات من منظمة "الأخوة" غير الحكومية الفرنسية التي تساعد الأقليات الدينية، ونُقل من بيروت بالطائرة، ثم بالشاحنة إلى الموصل. صفّق الحضور لدى قرع الجرس وزغردت النساء ورددت الصلوات.
وقال الأب بيوس عفاص في كلمته: "أخيراً، بعد سبع سنوات من الصمت، قرع ناقوس مار توما، وللمرة الأولى في الجانب الأيمن من الموصل".
وكان "داعش" قد أعلن الموصل عاصمة له في العراق في صيف 2014، قبل طرده على يد الجيش العراقي والتحالف الدولي عام 2017. وقال الأب بيوس عفاص: "إنه يوم فرحة كبيرة جداً وأتمنى أن تزداد الفرحة أكثر عندما يتم إعادة بناء ليس جميع المساجد والكنائس في الموصل فحسب بل المدينة كلها بمواقعها التاريخية والحضرية وكل مساكنها". أضاف: "عودة قرع الناقوس هذا يؤذن بأيام أمل ورجاء مستقبلية ويفتح المجال أيضاً لعودة المسيحيين إلى مدينتهم العريقة".
وحول "داعش" كنيسة مار توما، التي تعود إلى القرن التاسع عشر، إلى سجن ومحكمة. وما زالت أعمال الترميم فيها مستمرة وقد تم تفكيك الأرضية الرخامية لإعادة تركيبها بالكامل.
وقالت نداء عبد الأحد (40 عاماً)، وهي من أبناء الموصل، إنها جاءت من أربيل، حيث عاشت سنوات عدة، "لأشاهد كنيستي من جديد تُبنى وتتجدد وتنبض فيها الحياة من جديد". أضافت أنها "فرحة لا توصف. أشعر كأن المسيحية تعود لتنبض من جديد".
وأرغم العديد من مسيحيي العراق على الهجرة، بفعل الحروب والنزاعات وتردي الأوضاع المعيشية. ولم يبقَ في العراق اليوم سوى 400 ألف مسيحي بين سكانه البالغ عددهم 40 مليوناً، بعدما كان عددهم 1.5 مليون عام 2003، أي قبل الاجتياح الأميركي.
(فرانس برس)