الجزائر: أمر رئاسي يوجب التكفل بمرضى السرطان

12 فبراير 2024
عدد مراكز العلاج غير كافٍ لاستيعاب مرضى السرطان في الجزائر (رياض كرامدي/فرانس برس)
+ الخط -

حصل مرضى السرطان غير المؤمَّنين لدى صناديق الضمان الاجتماعي في الجزائر على حق الإفادة من علاج كامل، على غرار أولئك المؤمَّنين في صندوق الضمان الاجتماعي، ما أنهى سنوات من معاناتهم من نقص التكفل بهم.

وأمر الرئيس عبد المجيد تبون وزارة العمل والضمان الاجتماعي ووزارة الصحة والمؤسسات الاستشفائية بـ"التكفل بالمرضى فور وصولهم إلى المستشفيات، واتخاذ كل الإجراءات المطلوبة لعلاجهم باستخدام كل الوسائل المتاحة"، وطالب بتوفير المستلزمات الطبية المناسبة من تجهيزات مخبرية للكشف، وأدوية، وكسر كل الإجراءات البيروقراطية الخاصة باستقبالهم، والعمل لزيادة عدد الأطباء المتخصصين في الأشعة من أجل الكشف المبكر عن السرطان في المعاهد، واستعمال كل طاقات التأهيل وإمكانات الصحة العسكرية، وأيضاً استحداث جهاز تنفيذي للتسيير الإداري والمالي والمراقبة ومكافحة السرطان.
وشكلت الحكومة الجزائرية اللجنة الوطنية للوقاية من مرض السرطان ومكافحته التي تضم ستة أعضاء من أطباء وخبراء، والمساهمة في تنفيذ خطة إنهاء معاناة المرضى وعائلاتهم.
ويتوفر في الجزائر 20 مركزاً متخصصاً في علاج السرطان، بينها 6 خاصة، و41 مصلحة و77 وحدة تقدم العلاج الكيميائي، وفي أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، افتتح مستشفى جديد في منطقة الجلفة (وسط)، ليُغطي احتياجات الولايات القريبة، ويسمح باستيعاب مرضى ولايات الجنوب الذين يضطرون إلى الانتقال إلى العاصمة.

خصصت الحكومة الجزائرية نصف مليار دولار لمبادرة مكافحة السرطان

ويظلّ عدد المراكز العلاجية غير كافٍ لاستيعاب مرضى السرطان. يوضح رئيس اللجنة الوطنية للوقاية من مرض السرطان، عدة بو نجار، أن "اللجنة ستعمل على تقديم تصورات خاصة بالوقاية من مرض السرطان ومكافحته، وتوفير أفضل الآليات للتكفل بالمرضى استناداً إلى استراتيجية تشمل خمسة محاور، هي الوقاية والكشف المبكر والتشخيص المبكر والبحث العلمي وأساليب تحسين مسار المريض". وأشار إلى أن "اللجنة قدمت لتبون عرضاً حول وضع مرض السرطان والمرضى في الجزائر، وسترفع تقريراً دورياً له في المسألة ذاتها كل ثلاثة أشهر تتضمن أيضاً الحلول الممكنة التي يمكن أن تتخذ في أقرب وقت".
وقررت الحكومة الجزائرية تخصيص مبلغ نصف مليار دولار في موازنة العام الحالي وتمويل مبادرة وطنية لمكافحة داء السرطان، وتوفير الأدوية الضرورية للمرضى ورقمنة النظام العلاجي، وإطلاق خطة للوقاية والكشف المبكر عن السرطان، ما سيجعل مثلاً 2.2 مليون امرأة تستفيد من اختبارات الكشف عن سرطان الثدي.
وكانت الجزائر قد شهدت خلال الفترة السابقة مشكلات جدية في التكفل بمرضى السرطان، بينها النقص في أدوية العلاج، ما استدعى تدخل البرلمان الذي استجوب الحكومة في شأن الأزمة. وردت الحكومة بالتشكيك في ملابسات الأزمة، وهو ما أبلغه وزير الصناعة والإنتاج الصيدلاني علي عون للنواب، والذي استغرب أيضاً وجود أدوية في المستشفيات الخاصة وفقدانها في المستشفيات العمومية فقط.

 الوقاية من مرض السرطان بين أهداف استراتيجية الحكومة الجزائرية (بلال بن سالم/ Getty)
الوقاية من السرطان هدف استراتيجي للحكومة الجزائرية (بلال بن سالم/Getty)

وأقرّ عون في وقت سابق بوجود مشكلات في سوق الأدوية، وحمّل شركات توريد الأدوية مسؤولية فقدان واضطراب توفير عشرة أدوية في السوق المحلية، بينها أدوية مرضى السرطان والسكري كالأنسولين، بسبب الإخلال بالتزاماتها، واتهم من وصفها بـ"لوبيات كبيرة تسيطر على قطاع الصناعة الصيدلانية لا يرحمون المرضى". أما مجلس النواب فاعتبر أن الوضع المزري ليس إلا نتيجة منطقية للتقليص الكبير في الواردات والذي نفِّذ من دون دراسة مسبقة لآثاره على الوطن والمواطن، حتى وصل الأمر إلى وضع لا يمكن السكوت عنه على صعيد تعريض أرواح المواطنين للخطر".
وكشف تقرير حكومي قدمته وزارة الصحة إلى البرلمان عن ارتفاع عدد المصابين بأمراض السرطان في شكل لافت، وتسجيل أكثر من 49 ألف إصابة جديدة، أكثرها بسرطان القولون والرئة عند الرجال، وسرطان الثدي والرحم عند النساء، وتوقع التقرير أن يبلغ عدد المصابين 61 ألفاً سنوياً بحلول عام 2025. ورصدت إحصاءات أخيرة أجرتها وزارة الصحة زيادة 103 حالات لكل 100 ألف نسمة سنوياً في عدد الإصابات بأمراض السرطان، وتوقعت أن يرتفع إلى 70 ألفاً عدد الإصابات السنوية بحلول عام 2030.
وتُبدي رئيسة جمعية "أمل الصحة "لمكافحة السرطان في محافظة تيبازة، مريم برجة، تفاؤلها بأن تساهم اللجنة الوطنية للوقاية من مرض السرطان ومكافحته، والتي تضم أفضل الإطارات الطبية، في القضاء على مشكلات كثيرة لمرضى السرطان وإنهاء معاناتهم. وتقول: "نعلّق آمالاً كبيرة على اللجنة لتغيير واقع المرضى وتحسينه، ونأمل في وضع استراتيجية وطنية للكشف المبكر عن بعض أنواع السرطان، وتوفير كل الإمكانات التي تسمح بتقديم الناشطين في المجال الأفضل لمصلحة المرضى في المستقبل".

تضيف: "يتعلق الإنجاز الكبير الذي تحقق عبر القرارات الجديدة للحكومة بالآليات التي ستسمح للمرضى بالاستفادة من التأمين والحصول على الأدوية، علماً أننا نطالب منذ سنوات بتسوية هذه المشكلات عبر توفير بطاقات خاصة للمرضى". 
وتشير أيضاً إلى أن غلاء أسعار بعض الحقن والأدوية التي قد تصل إلى 150 دولاراً شهرياً في الوقت الحالي، تثقل كاهل مرضى كثيرين من غير المؤمنين والفقراء، في حين أشادت بالقرارات المتخذة في مجالات الإشراف ومتابعة برامج التأهيل لاستعمال الأشعة، وهو الاختصاص الذي يعرف نقصاً، وتوفير بعض العتاد في المستشفيات، ما يساهم في تحسين الأداء الطبي وتقديم خدمات أفضل للمرضى في المستقبل، وتفادي تنقلهم الدائم عبر المراكز المتخصصة".

المساهمون