استعرت حرائق الغابات في مساحات شاسعة من الغابات المتبقية في اليونان ليوم آخر، اليوم السبت، متعدية على المزيد من المناطق المأهولة بالسكّان بعد حرق عشرات المنازل والشركات والمزارع.
في تركيا المجاورة، اجتاحت الحرائق التي وُصفت بأنها الأسوأ منذ عقود، مساحات من الساحل الجنوبي للبلاد خلال الأيام العشرة الماضية، ما أسفر عن مقتل ثمانية أشخاص.
أسفر حريق هدّد أهم حديقة وطنية في العاصمة اليونانية، عن مقتل رجل إطفاء متطوع، بينما أصيب ما لا يقلّ عن 20 شخصاً في حرائق، خلال أسوأ موجة حرارة تشهدها البلاد منذ 30 عاماً. وفرّ الآلاف من السكّان والمصطافين من ألسنة اللهب عن طريق البرّ والبحر.
في مشاهد مروعة أثناء الليل وحتى اليوم السبت، قامت العبّارات بإجلاء 1153 شخصاً من قرية ساحلية وشواطئ في إيفيا، وهي جزيرة من الجبال الوعرة والغابات يتردّد عليها المصطافون والمخيمون، بعد أن أوقفت النيران من حرائق غابات ضخمة مشتعلة لأيام كلّ وسائل الهروب الأخرى. كان الناس يمسكون بالأطفال ويحملون كبار السن على الكراسي، أثناء ركوبهم العبّارات الصغيرة إلى برّ الأمان.
اندلع حريق كبير آخر في منطقة بيلوبونيز الجنوبية في ماني، حيث أبلغت نائبة رئيس بلدية إيست ماني، إيليني دراكولاكو، محطة تلفزيون "إي آر تي" الحكومية أنّ 70 في المائة من منطقتها قد دُمّرت.
قالت دراكولاكو: "إنها كارثة ذات أبعاد توراتية. نحن نتحدث عن ثلاثة أرباع البلدية"، داعيةً إلى مزيد من الدعم من طائرات إسقاط المياه.
أدّت الحرائق القوية المتعدّدة إلى إجهاد قوات مكافحة الحرائق اليونانية إلى أقصى حد. ناشدت الحكومة للحصول على المساعدة من خلال نظام الدعم في حالات الطوارئ في الاتحاد الأوروبي. ووصل رجال الإطفاء والطائرات من فرنسا وأوكرانيا وقبرص وكرواتيا والسويد وإسرائيل، ومن المتوقع وصول المزيد، يوم السبت، من رومانيا وسويسرا.
قال رئيس الحماية المدنية، نيكوس هاردالياس، متحدثاً خلال مؤتمر صحافي مساء أمس الجمعة، إنّ رجال الإطفاء واجهوا "ظروفاً خطيرة للغاية وغير مسبوقة" حيث واجهوا 154 حريقاً هذا الأسبوع، ولا يزال 64 حريقاً مشتعلاً أثناء الليل.
وقال: "خلال الأيام القليلة الماضية، كنا نواجه وضعاً لم يسبق له مثيل في بلدنا، في كثافة وانتشار حرائق الغابات على نطاق واسع، وتفش جديد للحرائق في جميع أنحاء اليونان. أريد أن أؤكد لكم أنّ جميع القوات المتاحة تشارك في القتال".
عانت البلاد من أطول موجة حرارة منذ ثلاثة عقود، حيث ارتفعت درجات الحرارة إلى 45 درجة مئوية (113 درجة فهرنهايت). خفّت درجات الحرارة، أمس الجمعة، لكن الرياح زادت، ما أدى إلى تفاقم الوضع.
وظلّت أوامر الإخلاء للقرى والأحياء مستمرة، وتمّ إرسالها عن طريق التنبيهات الفورية للهواتف المحمولة في المناطق المتضررة، بينما لجأت الشرطة ورجال الإطفاء من منزل إلى منزل لحثّ الناس على مغادرة منازلهم في طريق النيران.
أمس الجمعة، تسبّبت الرياح المتقلبة ونقاط الاشتعال الجديدة في شمال أثينا وعلى إيفيا في تغيير الاتجاه بشكل متكرر، وفي بعض الحالات عادت إلى المناطق المهددة التي نجت بصعوبة من الدمار في وقت سابق من الأسبوع.
بعد حرق الغابات والمنازل باتجاه بحيرة ماراثون، خزان المياه الرئيسي في العاصمة، انتقل فرع من الحريق إلى حديقة ماونت بارنيثا الوطنية. لا تزال الحديقة، وهي واحدة من آخر الغابات الكبيرة المتبقية بالقرب من أثينا، تحمل ندوباً عميقة من حرائق الغابات في عام 2007.
قال مسؤولون إنّ رجل إطفاء متطوعاً، يبلغ من العمر 38 عاماً، قتل متأثراً بجروح في الرأس أمس الجمعة، بعد إصابته بسقوط عمود كهرباء في منطقة شمال العاصمة. واحتاج ما لا يقلّ عن 20 شخصاً إلى العلاج في جميع أنحاء البلاد، من بينهم اثنان من رجال الإطفاء في المستشفى في العناية المركزة.
أسباب الحرائق قيد التحقيق. وقال هاردالياس إنّ ثلاثة أشخاص اعتقلوا أمس الجمعة، في منطقة أثينا الكبرى ووسط وجنوب اليونان، للإشتباه في إشعال حرائق، في حالتين عن قصد. وقالت الشرطة إنّ المشتبه به المحتجز شمال أثينا أشعل النيران في ثلاث مناطق منفصلة في المنطقة التي دمّرها الحريق الكبير الذي اندلع لأول مرة، يوم الثلاثاء.
كما ألقى مسؤولون يونانيون وأوروبيون باللوم على تغيّر المناخ في عدد كبير من حرائق الصيف المشتعلة في جنوب أوروبا، من جنوب إيطاليا إلى البلقان واليونان وتركيا.
وعلى المقلب الآخر، تواصل فرق الإطفاء، في تركيا، جهودها من البرّ والجو لإطفاء أربعة حرائق غابات في ولاية موغلا جنوب غربي تركيا.
وذكر مراسل "الأناضول"، السبت، أنّ 6 طائرات و26 مروحية والعديد من سيارات الإطفاء، وآليات وعربات الإطفاء وصهاريج مياه والمركبات التابعة لمختلف المؤسسات، إلى جانب أكثر من ألف من العاملين بالغابات يواصلون الجهود لإخماد حرائق الغابات في الولاية.
وأضاف المراسل أنّ مروحية وطائرة و150 إطفائي من أذربيجان، وطائرتي إطفاء روسية، وطائرة إيرانية، ومروحيتين وطائرتي إطفاء من إسبانيا تشارك في جهود إخماد النيران.
وأشار إلى أنّ فرق الإطفاء تبذل جهوداً كبيرة من البرّ والجو من أجل السيطرة على الحرائق في الغابات.
ومنذ أيام، طالت حرائق الغابات عدّة ولايات جنوب وجنوب غربي تركيا، ضمنها أنطاليا وأضنة وموغلا ومرسين وعثمانية، وأعلنها الرئيس رجب طيب أردوغان، بوقت سابق "مناطق منكوبة".
وبلغت حصيلة ضحايا تلك الحرائق 6 وفيات وعشرات الإصابات، فيما تمكّنت السلطات المعنية من إخماد معظمها.
وقال وزير الزراعة والغابات التركي بكر باكدميرلي، إنّ فرق الإطفاء نجحت في السيطرة على 209 حرائق اندلعت في 47 ولاية منذ 28 يوليو/ تموز الماضي.
جاء ذلك في تغريدة نشرها الوزير التركي على حسابه الشخصي على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، مساء الجمعة، حول تطورات الحرائق التي اندلعت خلال الأيام العشر الأخيرة.
وذكر الوزير أنّ فرق الإطفاء تمكّنت الجمعة من السيطرة على 13 حريقاً في 5 ولايات، ليصل بذلك إجمالي الحرائق التي تمّت السيطرة عليها إلى 209 في 47 ولاية بمختلف أنحاء البلاد.
وفي إيطاليا، عثر رجال الإطفاء على جثتي رجل وامرأة في بستان زيتون، وهما يكافحان حرائق الغابات في مقاطعة ريجيو كالابريا. وقالت وكالة الأنباء الإيطالية لابريس إنّ الإثنين لقيا حتفهما بسبب استنشاق الدخان.
كما اندلعت حرائق ضخمة في جميع أنحاء سيبيريا، في شمال روسيا لأسابيع، في حين أدى الطقس الحار والجاف والعاصف أيضاً إلى حرائق الغابات المدمّرة في كاليفورنيا.
(أسوشييتد برس، الأناضول)