الحصول على طرف صناعي مهمة صعبة في الشمال السوري

02 فبراير 2024
يحتاج المستفيد إلى فترة للتأقلم على الطرف الصناعي (جيم شينكو/ الأناضول)
+ الخط -

بدأت في الشمال السوري الحاجة إلى مراكز متخصصة في تركيب الأطراف مع بداية الصراع. ومع تزايد وتيرة قصف المدن والأحياء، تأسست مراكز عدة بخبرات وإمكانيات محدودة لتأمين الأطراف السفلية لمساعدة المصابين على المشي، ثم تطورت بمرور السنين رغم شح الموارد والمخاوف الأمنية لتقدم خلال سنوات لاحقة خدمات إضافية منها العلاج الفيزيائي والدعم النفسي.
ومع وجود عدد من المراكز في مناطق شمال غربي سورية التي يعيش فيها عدداً كبيراً من فاقدي الأطراف، لا تزال الحاجة ملحة لتطوير المجال، ودعم المحتاجين الذي يواجهون مشاكل عدة.

تقول ريما الأصفر، النازحة من مدينة معرة النعمان في الريف الجنوبي لمحافظة إدلب، إنها تواجه صعوبات جمة لتبديل الطرف الصناعي بعد انتهاء عمره الافتراضي. موضحة لـ"العربي الجديد": "ذهبت قبل عامين إلى مركز للأطراف في عقربات، وهناك حصلت على طرف يساعدني على المشي، ثم سجّلت قبل فترة في مركز بمدينة إعزاز للحصول على طرف جديد، لكن في الموعد المحدد لم أكن قادرة على الذهاب كوني أقيم في مخيمات مشهد روحين، ولا أملك تكاليف الانتقال".

ويواجه فاقدي الأطراف مشاكل في تأمين الطرف، وفي التأقلم الجسدي معه، خاصة إذا كانوا يعتمدون عليه في العمل، أو يستخدمونه لفترات طويلة، ما ينتج عنه ألم جسدي يحتاج إلى علاج فيزيائي أو علاج طبيعي للتأقلم مع الطرف، وهذا يحتاج إلى مدة زمنية.
يعيش محمد الشعراوي في إدلب، ويتطلب عمله الوقوف لفترات طويلة، وحمل معدات العمل الثقيلة، وهذا الأمر يرهقه كثيراً. يقول لـ"العربي الجديد": "لا أستطيع الوقوف لأكثر من ساعتين، فالطرف الصناعي يؤلمني، ربما عندما أعتاد عليه يكون الأمر أسهل، وأحتاج إلى نحو شهر لذلك. عانيت من صعوبات كثيرة خلال فترة الانتظار للحصول على الطرف الصناعي، ودفعت تكاليف كبيرة للوصول إلى مركز الأطراف، وعادة هناك نقص في الأطراف المتوفرة، وقد حل دوري بعد سبعة أشهر للحصول على طرف جديد بسبب العدد الكبير من الطلبات، ولم تكن لدي بدائل متاحة غير الانتظار، والطرف المجاني أقل جودة من الطرف الذي يباع في المركز، لكني لا أملك المال، وبالتالي علي الرضا بالطرق الأقل جودة".

الأطراف الصناعية السفلية أكثر أهمية (صالح زكي/الأناضول)
الطلب أكبر على الأطراف الصناعية السفلية (صالح زكي/الأناضول)

ويعد مدير مركز "الخطوات السعيدة" من أقدم مراكز صناعة الأطراف في سورية، وتأسس في عام 2013، ويقول مديره مصطفى نجار إن هناك الكثير من الصعوبات والتحديات التي يمر بها المركز، مضيفاً لـ"العربي الجديد": "حين فتحنا المركز كان الأول في المنطقة، وجاء استجابة لحاجة طارئة كون الدخول إلى تركيا كان محصوراً على الحالات الحرجة. في البداية، عانينا من عدم توفر المكان، ونقص الإمكانات المادية لتوظيف الفريق المدرب رغم وجود نحو 150 ألف حالة بتر في سورية، فوضعنا خطة لزيادة عدد الفنيين والمتخصصين في العلاج الفيزيائي والعمل النفسي، وحاليا يستقبل المركز نحو 30 حالة بتر شهريا، إضافة إلى أكثر من 50 حالة جبائر تقويمية، وانتقلنا إلى مدينة إعزاز، وتمكنا من زيادة عدد الكادر والمساعدين الفنيين للعلاج الفيزيائي والدعم النفسي، وحاليا نقدم أطرافاً سفلية فوق الركبة وتحت الركبة، وأعداد من الكراسي المتحركة وأجهزة المشي".
يتابع نجار: "كافة خدماتنا مجانية، ونوفر نحو 30 طرفاً صناعياً في الشهر، والمستفيد ينتظر لنحو شهر أو شهرين، وأبرز المشاكل الحالية هي عدم توفر الدعم لتوفير الأطراف العلوية، كما نعاني من عدم توفر أطراف بنوعيات جيدة، والأطراف المتاحة حالياً ميكانيكية، وهي غالية الثمن، وهناك أطراف غير متوفرة في المركز، ونخطط لتجاوز صعوبات الوصول إلى المركز بسبب الظروف الجوية أو عدم توفر خدمات النقل، خصوصاً على من يقيمون في المخيمات، ونستهدف تسيير عربة لتوصيل الأطراف للمستفيدين في أماكن تواجدهم".
بدوره، يقول المسؤول في منظمة الأمين، ياسر الطراف، لـ"العربي الجديد"، إن مركز الأطراف الصناعية الذي افتتحته المنظمة في مدينة سرمدا، يوم 22 يناير/كانون الثاني، يقدم الأطراف الصناعية، وخدمات إعادة التأهيل الشاملة قبل تركيب الأطراف، فضلاً عن صيانتها، ويستهدف خصوصاً الأشخاص الذين فقدوا أطرافهم نتيجة الإصابة، ويقدم أطرافاً صناعية عالية الجودة والمرونة بهدف تحسين جودة حياة المستفيدين، وتعزيز ثقتهم بأنفسهم. 

ويشير الطراف إلى أن "عمل المركز يعتمد على تحالف عملياتي مع الدفاع المدني، ومن بين أهدافه دعم القطاع الطبي، وتنفيذ مشاريع في القطاع الطبي، وتأسيس وتشغيل منشآت صحية متعددة المهام، ودعم تشغيل وإدارة المنشآت الصحية المتعثرة، إضافة إلى دعم الكوادر الطبية وتأهيلها، ونسعى إلى تعزيز خدمة الإسعاف، ودعم البنى التحتية في ظل الواقعٍ المأساوي الذي خلفته الحرب والكوارث الطبيعية التي يعيشها السوريون منذ أكثر من 13 سنة".
يتابع: "تسعى منظمة الأمين من خلال تلك المشاريع إلى رفع جودة الخدمات الطبية، وإحداث تأثير دائم على رفاه المجتمعات التي نخدمها، ودعم صمود واستقرار المجتمعات المتضررة بسبب الحرب والكوارث، وتخفيف الأعباء المادية عن المرضى، وتمكين السكان من إعادة بناء حياتهم ومجتمعاتهم".

المساهمون