رغم إعلان رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية انتظام العملية التعليمية في كافة مدارس الضفة الغربية المحتلة وعددها 1910، وعدم وجود أي مدرسة مُغلقة بشكل كامل؛ في يوم الدوام الأول بعد عطلة عيد الفطر، يواصل حراك المعلمين الإضراب منذ 80 يوماً، مُعلناً أن نسبة الإضراب وصلت إلى 88 بالمائة بين المعلمين الحكوميين.
وبعد أن حاولت الحكومة ووزارة التربية والتعليم على مدار الأيام التي سبقت عطلة العيد، وخلالها أيضاً الإعلان المتكرر عن انتظام العملية التعليمية، خصوصاً بإعلانات على صفحات مديريات التربية في المحافظات على مواقع التواصل الاجتماعي؛ لم تعلن الوزارة اليوم الثلاثاء نسبة الدوام والإضراب، لكن اشتية وخلال جولة له في مدارس محافظة رام الله والبيرة قال: إنّ بعض المعلمين ما زالوا غير ملتحقين بمدارسهم، دون أن تكون هناك أي مدرسة متعطلة.
وبحسب اشتية، فإنّ 3000 معلم كانوا متعطلين من أصل 43 ألفاً، داعياً المعلمين المتعطلين إلى التوجه إلى مدارسهم، وضرورة التحلي بالمسؤولية الوطنية والجماعية وعدم إغلاق المدارس.
وبخلاف تصريحات اشتية، فقد كانت وزارة التربية أعلنت في 16 أبريل/ نيسان الجاري أن نسبة المعلمين الملتزمين بالدوام وصلت إلى 70%، وبحساب نسبة الـ30% للمعلمين المضربين من أصل عدد المعلمين 43 ألفاً التي أعلنها اشتية يكون العدد 12900 معلم، بينما كانت الوزارة أعلنت في البيان نفسه عن تعطل الدراسة كلياً في 14 مدرسة فقط، وانتظامها بشكل جزئي في 867 مدرسة، وانتظامها بشكل كامل في 1017 مدرسة.
في المقابل، أكّد مصدر في حراك المعلمين الموحد 2022 لـ "العربي الجديد" أنّ الإضراب عاد إلى نصابه الطبيعي اليوم الثلاثاء وفق توقعاته، وبلغت النسبة 88%.
وكان الحراك دعا في بيان أمس الإثنين المعلمين للاجتماع على مستوى الهيئات التدريسية كل على حدة في مدرسته، والخروج بقرار ملزم للجميع وإعلانه على منصات الحراك.
وقال المصدر من الحراك إن ذلك ما حصل فعلاً، وكان الهدف منه توحيد المعلمين على قرار واحد في المدارس حفاظاً على وحدة الصف والموقف.
وحول استمرار الوساطات، أضاف المصدر أن كافة الوساطات توقفت، والأمر متروك للحكومة لإيجاد حل للأزمة عبر اتفاق مرضٍ للجميع معلوم المدة الزمنية والأطراف الضامنة.
وكانت مجموعة من المعلمين قد أعلنت أمس، تحت توقيع نشطاء حراك المعلمين في مختلف محافظات الضفة الغربية، تعليق فعاليات الإضراب، تاركين المجال للجهات التي تعهدت بتنفيذ كامل الحقوق للمعلمين؛ وهي اللجنة المركزية والمجلس الثوري لحركة فتح، والأمناء العامين للقوى الوطنية، والمؤسسات المدنية وعلى رأسها الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان.
فيما اعتبر حراك المعلمين ذلك البيان مزوراً يهدف لشق الإضراب. وشدد المصدر في الحراك أن أي حديث عن عقوبات ضد المعلمين المضربين يعتبر لاغياً وغير قانوني.
وفي هذا السياق، قال رئيس الوزراء في تصريحاته إن الحكومة تجاوبت مع مطالب المعلمين، وأنه لم تعد هناك قضايا مطلبية لهم.
وأضاف اشتية أن مجلس الوزراء طلب من وزارة التربية والتعليم أن تقوم بكل ما يلزم لإعادة مسار العملية التعليمية، وأن من يرفض العودة للمدارس سيتم التعامل معه ضمن ما يتيحه قانون الخدمة المدنية وقرار المحكمة.
وتابع اشتية: "طالب المعلمون بـ 15% علاوة طبيعة عمل، ثبّتنا 10% على القسيمة، وصرفنا 5%، أما علاوة غلاء المعيشة فهي تنطبق على جميع موظفي الدولة وليس على المعلمين وحدهم، علماً أن الحكومة تجاوبت مع الغلاء وتدفع 169 مليون شيكل للتخفيف من معاناة المواطنين من خلال دعم الوقود والدقيق والماء، إضافة إلى المساهمة بـ 20% من فاتورة الكهرباء لكل بيت فلسطيني".
وقال اشتية: "إن الأزمة المالية التي نعيشها سببها الاحتلال، وإن الحكومة لن تقبل أن تنتهي هذه الأزمة على حساب كرامة الأسرى والشهداء، ونأمل من المعلمين أن لا يكونوا أداة ضغط على الحكومة في هذا الموضوع".
وأكد أن امتحان الثانوية العامة سيعقد في موعده المقرر سابقاً، وأن العام الدراسي لن ينتهي في الأول من يونيو/ حزيران المقبل، وسيكون مفتوحاً لحين انتهاء المنهاج الدراسي كاملاً.
وحول ملف اتحاد المعلمين الذي يقول الحراك إنه لا يمثل المعلمين، أشار اشتية إلى أن انتخابات اتحاد المعلمين هي شأن نقابي وأن الحكومة تقوم بتيسير إجراء الانتخابات، والاتحاد أعلن عن جدول زمني من أجل العملية الديمقراطية.
وحاول "العربي الجديد" الحصول على تعقيب من أحد أعضاء لجنة مبادرة الوساطة التي أدت لإنهاء إضراب مشابه استمر لشهرين العام الماضي، وتابعت وساطتها هذا العام، إلا أنه فضل تأجيل الحديث إلى أن تتضح الصورة الكاملة بما يتعلق بالإضراب، وإلى ما بعد اجتماع داخلي مساء اليوم الثلاثاء، لأعضاء اللجنة.
كذلك حاول "العربي الجديد" الحصول على تصريحات من وزارة التربية والتعليم لكن دون رد من جهات عدة فيها.
وكان الناطق باسم وزارة التربية والتعليم صادق الخضور قد قال صباح اليوم لإذاعة صوت فلسطين الرسمية إن هناك مؤشرات كبيرة منذ ساعات الصباح حول انتظام العملية التعليمية في مدارس الوطن كافة.
وأعرب الخضور عن أمله بالتزام جميع المعلمين بالدوام بهدف استكمال وإنقاذ العام الدراسي، كما أكد أنه سيتم اتخاذ إجراءات إدارية ومالية بالاستناد لمرجعيات قانونية بحق المعلمين غير الملتزمين بالدوام.
كذلك قالت وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية "وفا" إن العملية التعليمية انتظمت في جميع مدارس الوطن، صباح اليوم الثلاثاء، بعد انقطاع دام أكثر من شهرين.
وكان حراك المعلمين قد أوضح صباح اليوم أن "ما وصفها بأكاذيب المديريات بانت، واتضحت إشاعات الوزارة، ومقامرتها على مستقبل الطلاب وتعليمهم"، محملاً إياها المسؤولة عن حل الأزمة منذ البداية، وأنه يتوجب عليها فعل ذلك دون إجبار المعلم على انتزاع حقه عبر الفعاليات، كما حمّل الحراك رئيس الوزراء محمد اشتية كامل المسؤولية عن ضياع العام الدراسي.
ويطالب حراك المعلمين بتنفيذ الاتفاق الذي تم العام الماضي، بعد مبادرة لجنة الوساطة المكونة من مؤسسات مجتمع مدني والهيئة المستقلة لحقوق الإنسان وشخصيات تربوية، تنص على صرف كامل العلاوة المتفق عليها بعد إضراب العام الماضي، وهي 15%، قررت الحكومة في 6 مارس/ آذار الماضي، أي بعد شهر من الإضراب صرف 5% منها، وتأجيل الباقي لحين حل الأزمة المالية التي تعاني منها السلطة الفلسطينية، وتم إدراج تلك النسبة على قسيمة الراتب كملاحظة في الهامش.
كذلك يطالب الحراك بصرف غلاء المعيشة، وصرف المرتب كاملاً، حيث تصرف الحكومة ما نسبته 80% منه بسبب الأزمة المالية.
ومن بين مطالبه أيضاً نقابة ديمقراطية للمعلمين الحكوميين، أو استقالة الأمانة العامة للاتحاد العام للمعلمين، وعقد انتخابات ديمقراطية غير مشروطة الترشح والاقتراع فيه، بينما كان الاتحاد أعلن إجراء تعديلات على نظامه الداخلي في أعقاب الإضراب، ما اعتبره المعلمون غير كاف.